توقيت القاهرة المحلي 18:39:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل اقتصادية متناقضة

  مصر اليوم -

رسائل اقتصادية متناقضة

بقلم: زياد بهاء الدين

هناك حالة ملحوظة من «الكلام» الحكومى الاقتصادى فى الأسابيع الأخيرة: لقاء أسبوعى للسيد رئيس مجلس الوزراء، برامج إعلامية مكثفة، زيارات ميدانية مفاجئة، وتصريحات قوية لمسؤولين جدد وآخرين مستمرين.

مهم أن تتواصل الحكومة مع الناس وتقدم أفكارها وبرامجها وتنصت لمقترحات العاملين والخبراء فى مختلف المجالات. ولكن ما أتابعه لا يستهدف الوصول لشىء جديد أو صياغة سياسات محل توافق، بل هو توجيه إعلامى برسالة واضحة المعالم: أن مصر تجاوزت الأزمة الاقتصادية التى تعرضت لها خلال العامين الماضيين- والناجمة أساسًا من عوامل خارجية- وأن التحسن ملحوظ فى كافة المؤشرات، والإشادة من المنظمات الدولية خير دليل على ذلك.

ومع رغبتى واستعدادى للتفاؤل بهذه الرسالة الإيجابية، واقتناعى بأن علينا جميعًا التفاعل مع التحديات القائمة لا مجرد رصدها، ومعاونة الحكومة فى الإصلاح، إلا أننى أرى من الواجب تنبيه من يحب أن يسمع إلى أن الإفراط فى التفاؤل ليس مفيدًا، بل قد ينقلب على أصحابه لأنه يستفز الناس الذين يعلمون جيدًا حالة الاقتصاد من واقع حياتهم اليومية.

نعم، تجاوزنا لحظة خطيرة حينما كانت سوق الصرف قد توقفت عن العمل وانتقل التداول للسوق السوداء، وتعطلت حركة التجارة الخارجية، وامتنع المصريون بالخارج عن تحويل أموالهم من خلال البنوك، وخشى المحللون أن تتعثر مصر عن سداد التزاماتها الدولية. تجاوزنا هذه اللحظة الخطيرة بصفقة بيع أرض رأس الحكمة والاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولى.

هذه هى الحقيقة التى يجب أن نتفق عليها ونعيها، لا لكى ننتقص من قدر أحد أو نخوض فى مناقشات نظرية، بل من أجل الوصول إلى ثلاث نتائج هامة: (1) أن الإصلاح لايزال مطلوبًا لأن السياسات السابقة المعيبة هى التى دفعت بنا للأزمة وليس العوامل الخارجية وحدها. (2) أن الإصلاح المقصود ليس بالضرورة ما يأتى من صندوق النقد (المعنى أساسًا بالتوازن المالى والنقدى) وإنما ما يستجيب لاحتياجات التصنيع والإنتاج والاستثمار والتصدير والتشغيل. (3) أن الإصلاح المطلوب يعنى الاستعداد لإجراء تغييرات عميقة فى السياسات الراهنة لا مجرد «تحسينات» إجرائية هنا وهناك.

دعونى أقلها بلا دبلوماسية: كنا فى أزمة خطيرة ونجحنا فى تجنب تداعياتها المباشرة بسبب اتفاقى رأس الحكمة وصندوق النقد، ولكن آثارها على الناس (خاصة الغلاء الشديد) لاتزال قائمة، والسياسات التى تسببت فيها لم تزل فى محلها. ولو لم نستغل الفرصة المتاحة الآن لتعديل مسارنا تعديلًا جديًا وعميقًا فقد ننتهى فى ذات الوضع بعد فترة طويلة كانت أم قصيرة، ومعها مزيد من الديون ومن الغلاء ومن التراجع فى الإنتاجية ومستويات المعيشة.

الفرصة قائمة لأن لدينا مساحة للتنفس لم تكن متاحة، وسوق الصرف مستقرة، وتحويلات العاملين فى الخارج متدفقة، والسياحة لا بأس بها، والمجموعة الاقتصادية فيها وجوه جديدة مبشرة.

ولكن هذا ليس إصلاحًا، بل أدوات بإمكاننا أن نستغلها لتصحيح مسارنا أو نركن إليها فلا نفعل شيئًا.

وبغير دبلوماسية مرة أخرى، فقد قدمت الحكومة برنامجًا للبرلمان فيه كل ما يخطر على البال دون تحديد لكيفية التنفيذ، والحديث عن استدعاء القطاع الخاص جميل ولكن لم يترجم لخطوات عملية، والحد من الإنفاق شعار غير مطبق بعد، والأسعار آخذة فى الارتفاع، وسيطرة الدولة على النشاط الاقتصادى لم تخفت.

ما نحتاجه بسيط ولا يتطلب مؤتمرات أسبوعية ولا زيارات ميدانية: بيان مختصر من الحكومة عما تنوى أن تفعله خلال الشهور القليلة المقبلة من قرارات محددة، وسياسات جديدة، وتغييرات ضرورية تساعد على إعادة الثقة للمستثمرين الوطنيين قبل الأجانب، وتخفف من أعباء الغلاء، وتطلق طاقات الإنتاج المعطلة.

أرجوكم.. حددوا المسار وأعلنوا عنه، وابدأوا فى تنفيذه بقوة ومصداقية وبلا تردد.. قبل أن تفوت علينا فرصة جديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل اقتصادية متناقضة رسائل اقتصادية متناقضة



GMT 04:17 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 04:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 04:09 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 04:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 04:05 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 03:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 03:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 03:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon