توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل اقتصادية متناقضة

  مصر اليوم -

رسائل اقتصادية متناقضة

بقلم: زياد بهاء الدين

هناك حالة ملحوظة من «الكلام» الحكومى الاقتصادى فى الأسابيع الأخيرة: لقاء أسبوعى للسيد رئيس مجلس الوزراء، برامج إعلامية مكثفة، زيارات ميدانية مفاجئة، وتصريحات قوية لمسؤولين جدد وآخرين مستمرين.

مهم أن تتواصل الحكومة مع الناس وتقدم أفكارها وبرامجها وتنصت لمقترحات العاملين والخبراء فى مختلف المجالات. ولكن ما أتابعه لا يستهدف الوصول لشىء جديد أو صياغة سياسات محل توافق، بل هو توجيه إعلامى برسالة واضحة المعالم: أن مصر تجاوزت الأزمة الاقتصادية التى تعرضت لها خلال العامين الماضيين- والناجمة أساسًا من عوامل خارجية- وأن التحسن ملحوظ فى كافة المؤشرات، والإشادة من المنظمات الدولية خير دليل على ذلك.

ومع رغبتى واستعدادى للتفاؤل بهذه الرسالة الإيجابية، واقتناعى بأن علينا جميعًا التفاعل مع التحديات القائمة لا مجرد رصدها، ومعاونة الحكومة فى الإصلاح، إلا أننى أرى من الواجب تنبيه من يحب أن يسمع إلى أن الإفراط فى التفاؤل ليس مفيدًا، بل قد ينقلب على أصحابه لأنه يستفز الناس الذين يعلمون جيدًا حالة الاقتصاد من واقع حياتهم اليومية.

نعم، تجاوزنا لحظة خطيرة حينما كانت سوق الصرف قد توقفت عن العمل وانتقل التداول للسوق السوداء، وتعطلت حركة التجارة الخارجية، وامتنع المصريون بالخارج عن تحويل أموالهم من خلال البنوك، وخشى المحللون أن تتعثر مصر عن سداد التزاماتها الدولية. تجاوزنا هذه اللحظة الخطيرة بصفقة بيع أرض رأس الحكمة والاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولى.

هذه هى الحقيقة التى يجب أن نتفق عليها ونعيها، لا لكى ننتقص من قدر أحد أو نخوض فى مناقشات نظرية، بل من أجل الوصول إلى ثلاث نتائج هامة: (1) أن الإصلاح لايزال مطلوبًا لأن السياسات السابقة المعيبة هى التى دفعت بنا للأزمة وليس العوامل الخارجية وحدها. (2) أن الإصلاح المقصود ليس بالضرورة ما يأتى من صندوق النقد (المعنى أساسًا بالتوازن المالى والنقدى) وإنما ما يستجيب لاحتياجات التصنيع والإنتاج والاستثمار والتصدير والتشغيل. (3) أن الإصلاح المطلوب يعنى الاستعداد لإجراء تغييرات عميقة فى السياسات الراهنة لا مجرد «تحسينات» إجرائية هنا وهناك.

دعونى أقلها بلا دبلوماسية: كنا فى أزمة خطيرة ونجحنا فى تجنب تداعياتها المباشرة بسبب اتفاقى رأس الحكمة وصندوق النقد، ولكن آثارها على الناس (خاصة الغلاء الشديد) لاتزال قائمة، والسياسات التى تسببت فيها لم تزل فى محلها. ولو لم نستغل الفرصة المتاحة الآن لتعديل مسارنا تعديلًا جديًا وعميقًا فقد ننتهى فى ذات الوضع بعد فترة طويلة كانت أم قصيرة، ومعها مزيد من الديون ومن الغلاء ومن التراجع فى الإنتاجية ومستويات المعيشة.

الفرصة قائمة لأن لدينا مساحة للتنفس لم تكن متاحة، وسوق الصرف مستقرة، وتحويلات العاملين فى الخارج متدفقة، والسياحة لا بأس بها، والمجموعة الاقتصادية فيها وجوه جديدة مبشرة.

ولكن هذا ليس إصلاحًا، بل أدوات بإمكاننا أن نستغلها لتصحيح مسارنا أو نركن إليها فلا نفعل شيئًا.

وبغير دبلوماسية مرة أخرى، فقد قدمت الحكومة برنامجًا للبرلمان فيه كل ما يخطر على البال دون تحديد لكيفية التنفيذ، والحديث عن استدعاء القطاع الخاص جميل ولكن لم يترجم لخطوات عملية، والحد من الإنفاق شعار غير مطبق بعد، والأسعار آخذة فى الارتفاع، وسيطرة الدولة على النشاط الاقتصادى لم تخفت.

ما نحتاجه بسيط ولا يتطلب مؤتمرات أسبوعية ولا زيارات ميدانية: بيان مختصر من الحكومة عما تنوى أن تفعله خلال الشهور القليلة المقبلة من قرارات محددة، وسياسات جديدة، وتغييرات ضرورية تساعد على إعادة الثقة للمستثمرين الوطنيين قبل الأجانب، وتخفف من أعباء الغلاء، وتطلق طاقات الإنتاج المعطلة.

أرجوكم.. حددوا المسار وأعلنوا عنه، وابدأوا فى تنفيذه بقوة ومصداقية وبلا تردد.. قبل أن تفوت علينا فرصة جديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل اقتصادية متناقضة رسائل اقتصادية متناقضة



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon