توقيت القاهرة المحلي 18:14:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى

  مصر اليوم -

مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى

بقلم:زياد بهاء الدين

أكدت تصريحات رسمية وإعلامية أخيرة تَقدُّم المفاوضات مع صندوق النقد الدولى، بهدف التوصل إلى اتفاق جديد لمساعدتنا على مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وقد صرح رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب بأنه يتوقع نجاح المفاوضات قريبا وحصولنا على قرض يتراوح بين ٥ و٧ مليارات دولار قبل نهاية العام.
مجرد ذِكر اسم الصندوق يثير فزعًا وتوجسًا من «أجندة» سرية تجلب موجة جديدة من ارتفاع الأسعار على نحو ما حدث فى ٢٠١٦.. ولكن من جهة أخرى فإن العديد من الخبراء والمتخصصين يؤكدون أن الاتفاق المرتقب مع الصندوق هو المخرج الوحيد من أزمتنا الراهنة، ودونه فلا أمل.

لهذا اسمحوا لى فى هذا المقال بطرح بعض الأفكار عن علاقتنا بالصندوق ودوره بشكلٍ عام لكى لا تختلط الحقائق بالأساطير، لا مدحًا ولا قدحًا.

أما عن «الأجندة» السرية، فإن تطورًا كبيرًا طرأ على المنظمات المالية الدولية عمومًا - منها صندوق النقد - خلال العقود الماضية، وخاصة فى أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتى وتحول غالبية الكتلة الشرقية إلى الاقتصاد الحر والديمقراطية.

من بعدها، صارت هذه المنظمات أكثر وضوحًا وشفافية فى تعاملاتها مع الدول المقترضة، لهذا فما يتوقعه صندوق النقد الدولى من مصر ليس سرًا، بل أمر معلوم ومنشور فى بياناته الرسمية وعلى صفحته الإلكترونية، وآخرها تقرير مجلس مديريه الصادر الأسبوع الماضى (٢٦ يوليو ٢٠٢٢)، حيث أكد ضرورة قيام مصر بتطبيق «سياسات إصلاحية أكثر عمقًا من أجل تمكين القطاع الخاص من النمو، وتحسين الحوكمة، وتقليص دور الدولة».

وهذه التوجهات العامة لا تزعجنى شخصيًا، لا من جهة تشجيع القطاع الخاص، ولا إضفاء المزيد من الحوكمة والشفافية فى إدارة شؤوننا الاقتصادية، ولا الحد من الدور الذى تقوم به الدولة.. المشكلة مع ذلك ليست فى هذه المبادئ وإنما فى تفاصيلها. وهنا يأتى دور المفاوض المصرى وأهمية ما يتوصل إليه من برامج تنفيذية وشروط للحصول على القرض بما يحافظ على التوازن الصعب بين تصحيح الهيكل المالى للدولة، وحماية الطبقات متوسطة ومحدودة الدخول من الآثار السلبية الناجمة عن هذا التصحيح، وهو توازن بالغ الدقة والصعوبة.

ولكن.. هل كون البرنامج المقترح من الصندوق معروفًا، وفى مجمله إيجابى، يعنى أن تنفيذه سوف يحل كل مشاكلنا ويخرجنا من الأزمة الراهنة؟.. بالتاكيد لا، بل الأمر يتوقف علينا تمامًا.

فـ«صندوق النقد الدولى» يختص فى الأساس - حسب تكوينه ودستوره - بتحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى العالمى، ومساعدة الدول على بناء اقتصادات قوية عن طريق دعم التعاون النقدى بينها، وتنمية التجارة الدولية، وتحقيق استقرار أسواق الصرف العالمية.

ومع أن الصندوق بات فى العقود الأخيرة أكثر انتباها للجوانب الاجتماعية والبيئية، إلا أن تفاعله مع الحكومات يظل من منظور المساندة فى تحقيق الاستقرار النقدى والمالى والاقتصادى بوجه عام ودون الدخول فى تفاصيل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التى تؤثر فعليا على معيشة المواطنين. هذه مسؤولية الحكومة التى عليها إدارة الاقتصاد بكل مكوناته وسياساته وبرامجه.

من جهة أخرى، فإن برنامج الصندوق الرامى لضبط الهيكل المالى للدولة لا يمكن أن يحقق تحسنًا فى حياة الناس إن لم تواكبه سياسات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ولنا فى تجربة عام ٢٠١٦ عِبرة، فقد أبرمت مصر وقتها اتفاقًا مع الصندوق، وقامت بتنفيذ إصلاحات مهمة وصعبة لتحرير سعر الصرف وتطبيق الضريبة المضافة وتخفيض دعم الطاقة، وكانت سياسات فى تقديرى سليمة تماما. ولكن ما حدث أن الحكومة لم تبنِ عليها ولم تستكملها ببرامج تجذب الاستثمار وتشجع القطاع الخاص على الإنتاج كما كان مأمولًا، فكانت النتيجة أن الناس دفعت الثمن مرتين: مرة فى ارتفاع الأسعار الذى جلبته الإصلاحات المالية الضرورية، ومرة ثانية فى عدم زيادة الاستثمار والتشغيل والتصدير الذى كانت فرصته سانحة.

الخلاصة أننا فى الغالب مقبلون على برنامج جديد مع الصندوق، خطوطه العريضة معروفة ولا بأس بها، ولكن تفاصيلها هى الحاكمة. والمهمة الملقاة على عاتق مفاوضينا ثقيلة. والاتفاق لن يكون نهاية المطاف ولا حلًا لأزمتنا، بل الأهم هو ما يأتى بعده من إصلاح حقيقى لمناخ الاستثمار، وتشجيع للصناعة، ودعم للإنتاج المفيد، وتصحيح أولويات الإنفاق العام، والاستمرار فى برامج الحماية الاجتماعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon