توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضوابط تدخل الدولة فى النشاط الثقافى

  مصر اليوم -

ضوابط تدخل الدولة فى النشاط الثقافى

بقلم - زياد بهاء الدين

انتقدت الأسبوع الماضى قرار السيد رئيس مجلس الوزراء بشأن تنظيم المهرجانات والاحتفالات الثقافية من منظور أنه يسعى لوضع كل الأنشطة والفاعليات الثقافية تحت سيطرة الدولة ولن يؤدى الا لمزيد من التضييق على حرية التعبير والتدهور فى المستوى الفنى والثقافى بالبلد.

وأود اليوم أن أبدأ بتوجيه الشكر إلى الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، على متابعتها واتصالها لتوضيح أسباب القرار ثم إصدارها بيانا لتوضيح موقف وزارة الثقافة منه. فاهتمام المسئولين بما يكتب وما يقال والتفاعل معه يستحق فى حد ذاته التقدير.

خلاصة ما وضحته الدكتورة وزيرة الثقافة أن الهدف من إصدار القرار ليس تقييد حرية التعبير أو السيطرة على النشاط الثقافى، بل التصدى لظاهرة النصب والاحتيال فى تنظيم المهرجانات والفوضى التى تضر بالثقافة وبسمة البلد. كذلك فقد عبرت عن اهتمامها بتحقيق العدالة الثقافية بين مختلف المناطق والمحافظات بدلا من استمرار تركز الأنشطة الفنية والثقافية فى المدن الكبرى والمنتجعات السياحية، وقد أكدت على أن اللجنة التى سيجرى تشكيلها بموجب القرار الأخير سوف تصدر الضوابط اللازمة لتطبيق أحكامه بما يؤكد هذه المعانى ويبدد المخاوف من أن يكون الدافع هو السيطرة والتقييد.

والذى طرحته السيدة الوزيرة له وجاهته ولا يصح تجاهله أو الاستهانة به. فما وصفته من عمليات نصب واحتيال فى مجال المهرجانات والاحتفالات، واستغلال اسم الدولة والدعم المالى الذى تقدمه، والتلاعب بالشركات الراعية، وابتزاز الفنانين والمشاركين، كل هذا يستحق تدخل الدولة للحد من النصب والفساد فى المجال الثقافى.

ولكن إن كان الهدف من تنظيم المهرجانات والفاعليات الثقافية على نحو ما وصفته وزيرة الثقافة مفهوما ومبررا، فإن الأسلوب والشكل القانونى الذى صدر به قرار السيد رئيس مجلس الوزراء لم يكن موفقا ويستحق التعديل. ولا بأس فى هذا لأن التصحيح من جانب الدولة لا ينبغى أن يعبر عن ضعف أو تردد، بل عن إنصات وتواصل مع المجتمع وحرص على تحقيق الصالح العام. وفى هذا السياق، ولكى يكون الحوار مفيدا، فإننى أقترح التعديلات التالية:

تضييق المعنى المقصود بالمهرجانات والاحتفالات بحيث لا يشمل كل الأنشطة والفاعليات الفنية والثقافية على نحو ما جاء بالقرار، بل يقتصر على ما تتوافر فيه شروط محددة من حيث الحجم والموازنة وعدد الحضور والاهمية، وبالتالى يستبعد من نطاقه الغالبية العظمى من الانشطة والفاعليات والمناسبات الثقافية التى لا ينبغى أن تخضع لمثل هذا التنظيم من الأصل.

التفرقة بين المهرجانات والاحتفالات التى تنظمها وزارة الثقافة أو تقدم لها دعما ماليا أو تساهم فيها بأى شكل آخر، وبين تلك التى يقوم بتنظيمها وتحمل تكاليفها ومسئوليتها جهات من القطاع الخاص أو المجتمع المدنى. فللدولة الحق فى تنظيم ما تقوم به من نشاط أو تدعمه ماليا أو معنويا، وأن تضع له برنامجا سنويا، وتختار محتواه، وتحرص على نشره بين المحافظات المختلفة.

ولكن النشاط الثقافى والفنى الذى تقوم به الشركات الخاصة أو الجمعيات الأهلية فليس على الدولة إلا أن تتحقق من أنه لا ينطوى على سرقة أو نصب، أو اعتداء على حقوق الملكية الفكرية، أو مخالفة للقوانين، أو تهرب ضريبى. أما اختيار موضوع النشاط الثقافى، ومحتواه، وموعده، وأسماء المدعوين له، والمحافظة أو القرية التى ينعقد فيها، فلا ينبغى أن يكون محلا للتنظيم والتدخل من جانب الأجهزة التنفيذية طالما لم تدعمه الدولة بمواردها.

الحد من القيود غير اللازمة التى حفل بها القرار الأخير بلا سبب أو مبرر منطقى، وعلى رأسها ضرورة تقديم طلبات تنظيم المهرجان أو الاحتفال فى شهر يونيو فقط، واشتراط أن تكون غالبية أسهم الشركات المنظمة مملوكة لمصريين، وأن يكون المهرجان أو الاحتفال فى مجال عمل الجمعيات الأهلية، وتخصيص حساب مصرفى مستقل لكل مهرجان أو احتفال، والابلاغ المسبق بأسماء المدعوين.

واخيرا، وفيما يتعلق بقضية العدالة الثقافية، فإن الهدف يجب أن يكون تحفيز الدولة على نشر الثقافة والفن فى مختلف أنحاء الجمهورية، وتوفير المزيد من الموارد لقصور ومراكز الثقافة، والاهتمام بالنشاط الثقافى المدرسى، ورعاية الموهوبين، وتسهيل الاستثمار فى مجالات الفن والابداع، ودعم النشاط الثقافى فى المناطق المحرومة، والاهم من ذلك كله توفير مناخ يحمى ويشجع الإبداع والفن وحرية التعبير. ولكن وضع برنامج ثقافى سنوى يلتزم به القطاعان الخاص والأهلى ويفرض عليهما الوجود فى محافظات ومناطق معينة فليس الوسيلة المناسبة لتحقيق العدالة الثقافية المنشودة.

أكرر شكرى للدكتورة إيناس عبدالدايم واقتراحى لها بالمطالبة بتعديل القرار بدلا من محاولة تصحيحه جزئيا بقرارات وتفسيرات لاحقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضوابط تدخل الدولة فى النشاط الثقافى ضوابط تدخل الدولة فى النشاط الثقافى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon