توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا بديل عن التطعيم المجاني

  مصر اليوم -

لا بديل عن التطعيم المجاني

بقلم : زياد بهاء الدين

رغم متابعتى للتصريحات الرسمية فليس واضحًا لى إن كانت الدولة استقرت على توفير تطعيم «كورونا» بالمجان للجميع أم أنها ستقوم بتغطية ذوى الدخول المحدودة من المسجلين بمعاشى «كرامة وتكافل»، بينما يدفع القادرون ثمن التطعيم لأنفسهم. لهذا، وحسمًا للشك، فإننى أنصح الحكومة أن تعلن بوضوح أن التطعيم- حينما يتوافر- سيكون مجانيًا لكل المواطنين وفقًا لترتيب الأولويات المعروف عالميًا.

وفى تقديرى أن مجانية التطعيم ضرورية لأربعة أسباب:

الأول أن شراء الأمصال المطلوبة ليس مكلفًا إلى الحد الذى يمثل عائقًا أمام توزيعه بالمجان، وذلك بافتراض أن الثمن الإجمالى لشراء جرعتين من مصل متوسط التكلفة لنسبة تتراوح بين 60 إلى 75٪ من الشعب (وهو ما يعتبر تطعيمًا شاملًا وفقًا للمعايير الدولية)، لن تتجاوز مائتين وخمسين مليون دولار، أى حوالى ثلاثة مليارات ونصف المليار جنيه مصرى وفقًا للتقديرات المتداولة. وهذا مبلغ ليس كبيرًا بالنظر لما يستهدفه من الحفاظ على صحة وحياة المصريين. ولو شئتم مبررات اقتصادية- وإن كانت غير مطلوبة فى هذا المقام- فإنه مبلغ متواضع بالنظر لأثر التطعيم على سرعة تعافى الاقتصاد وتشجيع السياحة. فإذا أخذنا فى الاعتبار صعوبة توفير الكميات المطلوبة بسرعة فى ظل الطلب العالمى على الأمصال، فإن هذا يعنى أن الصرف على حملة التطعيم سيكون على فترة زمنية ممتدة وليس مرة واحدة. وأعتذر مقدمًا عن الاختصار فى استعراض الأرقام، لأن الغرض ليس الحساب الدقيق بل توضيح أننا بصدد تكلفة يمكن للموازنة العامة أن تتحملها لمواجهة هذا الظرف الخطير.

السبب الثانى أننا ندفع بالفعل منذ عام 2019 ضريبة خاصة، وفقًا لقانون التأمين الصحى الشامل (مساهمة تكافلية) لتمويل نظام التأمين الصحى الذى يجرى تنفيذه تدريجيًا. ووفقًا لنص المادة (2) من قانون التأمين الصحى فإن خدمات الصحة العامة، والخدمات الوقائية، والخدمات الإسعافية، وخدمات تنظيم الأسرة، والخدمات الصحية الخاصة بتغطية الكوارث والأوبئة «تلتزم بتقديمها سائر أجهزة الدولة مجانا».

أما السبب الثالث فهو أن التطعيم عمومًا لا يستهدف فقط حماية من يحصلون عليه، بل الحد من انتشار المرض بين الناس حينما تبلغ نسبة التغطية ما بين 60 و75% من المواطنين. وهذا يعنى أن التطعيم يؤدى إلى حماية من يحصلون عليه وكذلك من يستفيدون من وقف انتشاره على حد سواء، وأن كل فرد يتم تطعيمه يساهم فى حماية المجتمع المحيط به. ولهذا فإن التطعيم خدمة عامة ويلزم تمويلها من موازنة الدولة وليس سلعة خاصة يستفيد منها فقط من يتلقونها.

وأخيرًا، فإن السبب الرابع أن مصلحة المجتمع تتحقق بتطعيم أكبر عدد من الأشخاص من أجل وقف انتشار المرض. ولكن إن كان التطعيم سيُتاح بالمجان لمحدودى الدخل فقط والباقون سيدفعون ثمنه، فإن هذا يعنى أن هناك بالضرورة فئة من المجتمع قد لا تكون واقعة فى تعريف الفقر والاستحقاق، ولكن فى نفس الوقت تتردد فى سداد ثمن التطعيم، وهذه إشكالية نظم الاستهداف بشكل عام مهما بلغت دقتها. ومعنى ذلك ليس فقط حرمان هذه الفئة من الحماية بسبب عجزها الحقيقى أو التردد عن سداد الثمن، ولكن أيضا الحد من استفادة المجتمع كله من فاعلية حملة التطعيم.

لهذه الأسباب أنصح الحكومة بأن تقطع الشك باليقين ولا تتأخر فى الإعلان عن مجانية التطعيم.

والحقيقة أن تنفيذ حملة تطعيم شاملة يحتاج أولًا توفير الأمصال وهو أمر ليس سهلًا، كما يحتاج ترتيبات وإجراءات تنفيذية شديدة التعقيد لضمان وصول الأمصال لأصحاب الأولوية الطبية، فلا داعى لزيادة التعقيد والهموم بفتح باب النقاش حول من يستحقون ومن لا يستحقون، بل لنتفق أن هذه خدمة عامة ستتم إتاحتها مجانًا من خزانة الدولة ونضع جهدنا فى توفير المصل وتوزيعه. وأما من يريدون التبرع أو المساهمة فى حملة التطعيم من رجال وسيدات الأعمال أو من الصناديق أو الشركات أو غيرهم، فلهم بالطبع كل الشكر والتقدير، ولكن يجب أن يظل الأصل أن الدولة ملتزمة بغض النظر عما يأتى من أهل الخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا بديل عن التطعيم المجاني لا بديل عن التطعيم المجاني



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon