توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مرحبا بعودة الوجبة المدرسية... ولكن «على قديمها»!

  مصر اليوم -

مرحبا بعودة الوجبة المدرسية ولكن «على قديمها»

بقلم - زياد بهاء الدين

تابعت يوم السبت الماضى الحديث التلفزيونى للسيد وزير التعليم، الدكتور طارق شوقى، مع الأستاذة لميس الحديدى حول الوجبة المدرسية وقرار إعادة العمل بها بعد عام على وقفها إثر إصابة عدد من التلاميذ بتسمم جماعى فى محافظة سوهاج فى شهر مارس الماضى. وقد أثار الحديث اهتمامى لسببين: المتحدث وموضوع الحديث.

فالمتحدث مسئول عن أهم وأصعب ملف فى مصر، كما أنه يبدو غير قانع بمجرد تسيير أعمال الوزارة والاكتفاء بالتعامل مع بحر مشاكلها اليومية الذى غرق فيه من قبله عدة وزراء، بل يسعى لتحقيق تغييرات كبرى فى نظام التعليم بمدارسه ومدرسيه ومناهجه وامتحاناته، وهذه شجاعة تستحق التقدير والمساندة. أما موضوع الوجبة المدرسية فكان ولا يزال يهمنى بشكل خاص لاعتقادى أن تطبيق برنامج وطنى شامل للتغذية المدرسية على مستوى التعليم الابتدائى هو المشروع القومى العملاق الذى يمكن أن يحدث تغييرا جذريا ومستداما فى صحة الأطفال وتعليمهم كما أنه الأداة الأكثر فاعلية فى منظومة الحماية الاجتماعية.

ولكن مع سعادتى بعودة العمل بالوجبة المدرسية، إلا أن ما سمعته فى الحديث التلفزيونى وما نشرته الصحافة فى الْيَوْم التالى نقلا عن مسئول بالوزارة جاء على غير ما توقعت لأنه يشير إلى نية الدولة اعادة العمل بالبرنامج الذى كان قائما من قبل دون تطوير يذكر أو تحديث. وهذا فى تقديرى غير كاف، لأن ما لدينا لم يكن برنامجا للتغذية المدرسية بالمعنى الحقيقى بل مجرد توزيع متفرق لفطيرة «العجوة» التى ينتجها خمسة عشر مصنعا تابعين لوزارة الزراعة، و«بسكوت» وارد من منظمة الغذاء العالمى، ومواد أخرى تقوم بتصنيعها وتوريدها بضعة مصانع وشركات من القطاع الخاص، وهذا كله يمثل دعما غذائيا محدودا للأطفال ولكنه لا يكفى لتحقيق الأهداف الصحية والتعليمية والاجتماعية التى يمكن لبرنامج قومى للتغذية المدرسية أن يحققها.

هذا البرنامج القومى يجب أن تتوافر فيه خمسة شروط رئيسية: الأول أن يشمل كل مدارس التعليم الابتدائى الحكومى والتى تضم ما لا يقل عن اثنى عشر مليون طالب، والثانى ألا يقل توزيعه عن مائة وخمسين يوما فى السنة لكل المستفيدين منه ويفضل أن يرتفع التوزيع إلى مائة وثمانين يوما، والثالث أن يقدم وجبة غذائية متكاملة معروفة السعرات والمكونات والخصائص الغذائية وفقا لمواصفات عالمية، وهذه لا يلزم أن تكون وجبة ساخنة ومجهزة فى المدرسة لأن مدارسنا ليست مؤهلة لذلك بل يمكن أن تكون وجبة جافة شريطة أن تتضمن مثلا شطيرة أو سندوتش، وقطعة فاكهة طازجة، وكوبا من اللبن. وقد شارك الكثير من الخبراء المصريين والدوليين فى دراسة أشكال وأنواع الوجبات الغذائية الجافة الكاملة والمناسبة للمجتمع المصرى وعلى رأسهم الدكتورة حبيبة واصف والتى تعتبر من أهم الخبراء الدوليين فى هذا المجال. أما الشرط الرابع فهو أن تكون الوجبات المدرسية جزءا من سياسة أكثر شمولا تتعلق بتشجيع الصناعات والخدمات التى تساهم فى إعداد وتوزيع وتخرين الوجبات بحيث تكون حافزا للإنتاج والتشغيل والاستثمار. والشرط الخامس والأخير هو أن يصاحب البرنامج حملة للتوعية بالصحة العامة وبالمأكولات والمشروبات الضارة بالصحة، وتنظيم مقاصف المدارس، بل وذهبت بعض البلدان إلى تنظيم ما يباع على الأرصفة والمساحة المحيطة مباشرة بالمدرسة فى إطار الحملة القومية لرعاية صحة الأطفال.

بقدر ما يبدو الموضوع صعبا ومعقدا، فإن عوائده هائلة، ليس فقط على صحة الأطفال، وإنما أيضا على انتظامهم فى الدراسة، وعلى معدل تركيزهم فى الفصول، وعلى تخفيف عبء التغذية من على كاهل أسرهم، وعلى منح كل طفل وطفلة الحق فى طفولة خالية من الجوع والأمراض المرتبطة به.

ومن خلال متابعتى للموضوع، كنت قد فهمت من نحو عام أو يزيد أن قرارا قد اتخذ بإطلاق هذا البرنامج القومى الشامل ووضعه تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى لكى تنسق بين الجهات المختلفة التى يجب أن تتعاون فى نجاحه، المالية والصحة والتعليم والزراعة والصناعة، وتفاءلت خيرا بذلك. ولهذا فاجأتنى تصريحات السيد وزير التعليم بأن ما يجرى العمل على إعادته هو البرنامج القديم وأن المرصود له فى موازنة العام الحالى مليار جنيها فقط بينما تطبيق البرنامج القومى للتغذية المدرسية يحتاج إلى عشرين ضعف هذا المبلغ على الأقل. وهو بالمناسبة ليس مبلغا كبيرا بالنسبة للعائد الصحى والاجتماعى الذى يجلبه.

قد يكون المقصود من حديث السيد الوزير هو إعادة العمل بالنظام القديم لبضعة الأسابيع المتبقية من العام الدراسى الحالى تمهيدا لتطبيق البرنامج القومى الحقيقى فى العام القادم. وهذا يحتاج للتوضيح. ولكن فى كل الأحوال لا ينبغى أن نصرف النظر عن هدف تطبيق البرنامج القومى للتغذية المدرسية لأنه البرنامج التنموى الأكثر فاعلية وأداة الحماية الاجتماعية الأكثر كفاءة.


نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرحبا بعودة الوجبة المدرسية ولكن «على قديمها» مرحبا بعودة الوجبة المدرسية ولكن «على قديمها»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon