توقيت القاهرة المحلي 18:39:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحمد غنيم.. وقصة متحفين

  مصر اليوم -

أحمد غنيم وقصة متحفين

بقلم: زياد بهاء الدين

فى يوم من أيام ربيع 2021 ذهبت مع أسرتى للمرة الأولى لزيارة المتحف القومى للحضارة فى منطقة عين الصيرة، وكان ذلك بعد افتتاحه بأسابيع قليلة ومتابعتنا احتفالية نقل مومياوات أجدادنا الفراعنة للمتحف الجديد بعد رحلتهم الشهيرة من ميدان التحرير فى موكب الملوك والملكات، الذى كان فى حد ذاته حدثًا هائلًا.

أعجبنى متحف الحضارة من أول زيارة، وصار من الأماكن المفضلة لدىَّ، والذى أشجع الشباب على زيارته لأنه جمع فى مساحة صغيرة مختارات رائعة من الحضارة المصرية عبر العصور بما يسمح للزائر، الذى لن يقضى سوى بضع ساعات، أن يستمتع بجولة لطيفة وثرية وغير مرهقة على نحو ما صارت عليه السياحة العالمية.

المهم أننى فى نهاية أول زيارة وقبل الانصراف اتصلت بصديقى وزميلى الدكتور أحمد غنيم- وكان قد جرى تعيينه مديرًا للمتحف- كى ألقى عليه السلام وأهنئه بالمنصب الجديد، وكنت أعرفه قبل ذلك أستاذًا للاقتصاد الدولى، ثم مستشارًا ثقافيًا لمصر فى ألمانيا.

لن أنسى هذا المشهد لأننى دخلت عليه غرفته فوجدته- بعد الترحيب والشكر- سعيدًا طبعًا بالمهمة الجديدة، ولكن كان مهمومًا بما اكتشفه.. أن المتحف فيه قطع أثرية رائعة ولا مثيل لها فى العالم كله.. ووراءه حماس من الوزير وقتئذ الدكتور خالد العنانى، واهتمام إعلامى ومتابعة من السفراء الأجانب.. ولكن يقيده أمران، هما عنوان الحالة البيروقراطية المصرية: الأول عدم وجود موارد على الإطلاق لتفعيل طاقة المكان واستغلاله على النحو الأمثل، والثانى الشبكة العنكبوتية من القوانين والنظم والقيود والرقابة وإعادة الرقابة، بما يجعل القيام بأى مبادرة «خارج الصندوق» أمرًا مستحيلًا ومحفوفًا بالمخاطر.

خرجت يومها متسائلًا عما سيفعله الدكتور أحمد، وهل سينجح فى مهمته أم سوف يستسلم للضغوط ويفقد حماسه بعد قليل؟

والحقيقة أنه خلال شهور قليلة كان صديقنا قد أدرك أن لا سبيل لنجاح مشروعه الثقافى إلا باقتحام كل الجبهات والاعتماد على نفسه وعلى اجتهاده الشخصى، وعدم السكون للواقع البيروقراطى. وبالفعل من خلال مزيج من الاجتهاد، والعلاقات، والتفكير الاقتصادى، والدبلوماسية، والابتكار، والإلحاح، نجح الدكتور غنيم فى أن يحول المتحف إلى مركز نشاط ثقافى وفنى لا يكاد يضاهيه مؤسسة ثقافية أخرى فى مصر، وأن يجمع دائرة من المهتمين والداعمين، وأن يضع متحف الحضارة فى صدارة الخريطة السياحية والثقافية لمصر.

تذكرت لقائى الأول مع الدكتور أحمد غنيم فى متحف الحضارة الأسبوع الماضى، وأنا أحضر احتفالية نهاية رئاسته وانتقاله لإدارة المتحف المصرى الكبير، والحرارة التى أحاطه بها أصدقاؤه وزملاؤه وضيوفه والجهات التى تعامل معها، والسفارات التى عرفته، والشركات التى دعمت نشاطه. وأردت أن أكتب عن تجربته من هذه الزاوية تحديدًا.. زاوية القيود التى تواجه كل من يشغل منصبًا حكوميًا، ويرأس مؤسسة ثقافية أو غيرها وما يتعرض له من تدخلات، ومطالب، ومشاكل، وقلة موارد، فيكون عليه أن يختار بين اقتحام المعركة بالأدوات المتاحة أو الاستسلام وقبول الأمر الواقع. وفى رأيى أن الدكتور أحمد نجح فى أن يخلق «حالة» من النشاط الثقافى والفنى حول المتحف وبداخله بذات الموارد والإمكانات التى كانت متاحة له، وضمن ذات القيود الحكومية والضغوط المتنوعة، وهذا ما يجعله مستحقًا لكل الشكر والتقدير.

■ ■ ■

والآن ينتقل لمنصب أكبر وأصعب، لمتحف مصر والعالم، لأحد أهم المشروعات القومية، لقيود مالية أشد، ودولة أعمق، وتدخلات أكبر، ولكن أيضًا لفرصة فريدة لإدارة افتتاح المتحف الذى ينتظره العالم كله، ولاستغلال مساحة ثقافية لا مثيل لها.

فخالص التمنيات له بالتوفيق فى موقعه الجديد، ولمدير متحف الحضارة الجديد الدكتور الطيب عباس بالنجاح فى مهمته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحمد غنيم وقصة متحفين أحمد غنيم وقصة متحفين



GMT 04:17 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 04:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 04:09 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 04:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 04:05 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 03:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 03:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 03:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon