توقيت القاهرة المحلي 09:03:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موكب الملوك والملكات.. ماذا جرى في البلد؟

  مصر اليوم -

موكب الملوك والملكات ماذا جرى في البلد

بقلم : زياد بهاء الدين

ما الذى حدث مساء السبت الماضى؟، هل كان مجرد احتفال ناجح أقامته وزارة السياحة والآثار لنقل مومياوات الفراعنة من متحف قديم إلى آخر جديد؟، وهل نعتبره ناجحًا لمجرد أنه جذب أنظار الإعلام الدولى؟، وهل أسعد الناس لمجرد أن تنظيمه كان جيدًا وفقراته على مستوى راقٍ؟.

كل هذا صحيح، والمناسبة كانت فعلًا جميلة ومبهجة، والقائمون عليها يستحقون التهنئة على حسن التخطيط والتنظيم والتنفيذ. ولكن هذا كله لا يفسر حالة الحماس والفخر التى صاحبت مناسبة كانت- فى نهاية الأمر- مجرد احتفال بنقل المومياوات بضع كيلومترات وبافتتاح متحف جديد جارٍ العمل على إنشائه منذ عشرين عامًا. شىء آخر حدث فى الساعات القليلة التى استغرقها الحفل، أمر يستحق التوقف والتفكير فيما عبر عنه بشأن المجتمع وما يدور فى عقول الناس وقلوبهم وما يتطلع إليه المصريون.

الطاقة الإيجابية الهائلة التى أطلقها الحفل عبرت عن عوامل مختلفة تتفاعل فى المجتمع منذ سنوات دون أن ندرى بها أو نعى بوجودها وعيًا كاملًا:

على رأسها الرغبة فى رؤية مصر فى أبهى حالاتها، وفى استرجاع ما لدى البلد من طاقة فنية وحضارية وثقافية كادت تختفى تحت الجبال المتراكمة من الفن الهابط المفروض علينا فى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى، فكانت تذكرة للمشاهدين بأن مصر لديها هذه الثروات الفنية الكامنة، التى لا تزال تقاوم ضغوط وتحديات القبح وتتحدى الاعتقاد السائد بأن الناس لا تقبل إلا على الفن الردىء، فإذا بجودة الموسيقى والعروض الفنية والأداء المحترف تفرض نفسها وتُذكِّرنا بأن المصريين لا يزالون أصحاب ذوق وحضارة وفن لو فقط أُتيحت لهم حرية الإبداع وحق الاختيار.

وكان هناك أيضًا شعور بالفخر من موقع المرأة المصرية فى هذه المناسبة بكل تفاصيلها، موقع استحقته بجدارة واكتسبته عبر السنين والعقود بإصرار ودأب. وهكذا شاركت المصريات فى الحفل، بل تصدرن المشهد، من الملكات اللواتى حكمن مصر منذ آلاف السنين وصولًا إلى الممثلات، والعازفات، ومقدمات الحفل، والمطربات، اللواتى شاركن فى التنظيم، وكل صانعات هذا الأداء المبهر، وكأن لسان حالهن يقول: نحن هنا ونحن قادرات على إثبات وجودنا ومكانتنا فى المجتمع واستحقاقنا لموقع مساوٍ للرجل، ولن يزحزحنا أحد ولا قوانين متحيزة أو تقاليد بالية عن هذه المكانة المكتسبة، فقط اتركونا نعمل وامنحونا الفرصة وسوف نثبت أنفسنا بلا صياح ولا ضجيج مفتعل.

ثم إن مفاجأة أخرى أصابت جمهور المشاهدين: أن فى البلد كل هذه المواهب والكفاءات التى لم يكن يعرفها إلا المتخصصون، وأنه من الممكن أن يتصدر المشهد الإعلامى والفنى وجوه وأبطال جدد بدلًا من الاكتفاء بذات المشاهير الذين يحتكرون الظهور فى كل المناسبات السياسية والفنية والاجتماعية كما لو كان البلد خاليًا من غيرهم. مرة واحدة تعَرّف الناس على مؤلفى موسيقى كلاسيكية، وعازفين، وقادة أوركسترا، ومصممى ملابس، ومهندسى إضاءة، وغيرهم ممن صاروا نجومًا بين ليلة وضحاها وازدحمت بهم القنوات حتى كاد الوقت لا يتسع لهم جميعًا. هذا كله نتاج حفل واحد، فتصوروا كم فى البلد من المواهب والخبرات الفنية والثقافية والعلمية ممن يعملون فى صمت.

وأخيرًا، فإن المناسبة عبرت عما نعرفه جميعًا ونشعر به فى أعماقنا ولا نجد الفرصة للتعبير عنه: أن بلدنا فيه من التنوع والتعدد والثراء الحضارى ما يجعل مصر تظهر قوية وجميلة وراسخة بقدر ما نحترم هذا التنوع ونحتفى به، وأن الخطاب الجارى عن تنازع الهوية الفرعونية والقبطية والإسلامية والعربية والمتوسطية ليس إلا جدلًا سخيفًا لا يطمس حقيقة أن مصر هى كل هذه الهويات وأكثر، وأن التعدد هو طبيعة مصرية أصيلة، وأن ضيق الأفق ورفض التنوع ووضع الناس فى قوالب جامدة لا أساس له من الواقع.

هل ما سبق فيه مبالغة فى قراءة مشهد السبت الماضى؟، ربما، ولكنى أحاول الرد على تساؤل طرحه العديد من الأصدقاء من خارج مصر: لِمَ كل هذا الضجيج والأمر لا يعدو أن يكون نقل رفات بعض الملوك والملكات من مكان إلى آخر؟!.

والإجابة أن نقل المومياوات كان خلفية لمشهد أكثر تعقيدًا، ولتفاعل عوامل كثيرة أطلقت لدى الناس طاقة إيجابية وحبًا للوطن ورغبة فى أن يتقدم البلد وقناعة بإمكانية تحقيق ذلك.

فماذا نحن فاعلون بهذه الطاقة الإيجابية؟، هذا موضوع يحتاج حديثًا آخر لاحقًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موكب الملوك والملكات ماذا جرى في البلد موكب الملوك والملكات ماذا جرى في البلد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon