توقيت القاهرة المحلي 20:00:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإصلاح السياسى المنشود (١)

  مصر اليوم -

الإصلاح السياسى المنشود ١

بقلم: زياد بهاء الدين

نعم.. حان وقت الإصلاح السياسى، أو على الأقل البدء فى طريقه الطويل؛ لأن المهم هو البداية أيًا ما كان الوقت المطلوب والجهود اللازمة للوصول به لنتائج ملموسة.

وأوضح أن ما أقصده هنا ليس المسارات الرسمية التى ترعاها الدولة وتقدم من خلالها رؤيتها الخاصة للإصلاح السياسى. الذى أتحدث عنه هو إصلاح أكبر وأعمق يتناول قوانين ونظم الأحزاب والانتخابات، ومساءلة الحكومة، وإلغاء المواد الجنائية المخالفة للدستور، ودعم وتعميق منظومة العدالة، وحرية التعبير والتنظيم السياسى السلمى، وغير ذلك من الإصلاحات الضرورية المتماشية مع معايير العصر. وهى تستهدف فى نهاية الأمر تحقيق ثلاثة أهداف أساسية: (1) الشراكة والتداول فى الحكم. (2) الحرية فى التعبير والتنظيم. (3) خضوع كافة المواطنين والمؤسسات لنظام قانونى عادل ومواكب للعصر. لا يهم بعد ذلك أن نطلق على ما سبق وصف الديمقراطية أم الشراكة أم الحوكمة أم أى تعبير آخر طالما أن المسار الذى نسلكه يؤدى فى النهاية إلى تحقيق هذه الأهداف الثلاثة.

وهذا ليس انتقاصًا من قيمة المشاركين فى الحوار الوطنى السياسى، ويسعون من خلاله لتحقيق تقدم محدود قد يؤدى مع الوقت والإصرار لمكاسب أكبر.. ولكن أى حوار سياسى تديره الدولة وتضع برنامجه وتصوغ مخرجاته سيظل مقيدًا ومحدودًا بمساحات محددة سلفًا.

الإصلاح السياسى الحقيقى الذى أرى أن وقته قد حان هو التغيير الشامل والتدريجى والسلمى والتفاوضى الذى يُفضى إلى الأهداف الثلاثة التى ذكرتها: الشراكة فى الحكم، والحرية السياسية، ودولة القانون.

وهذا الإصلاح السياسى ليس رهنًا بإشارة الدولة وحدها، بل طبيعى أن يجد تحفظًا ومقاومة وربما رفضًا من جانبها. ولكن ليس سقف التغيير وحدوده هو ما يقرره الحكم فقط. بل التغيير السلمى والإيجابى يكون نتيجة تفاعل عدة عوامل.. قد يكون منها السلطة نفسها ورغبتها فى فتح مساحة للحرية والمشاركة.. وقد يكون منها وجود أشخاص ومجموعات سياسية مخلصة مستعدة لخوض معارك التغيير المبكرة.. ولكن الأهم أن يكون هناك رأى عام مقتنع بضرورة التغيير وبحقه فى الاستفادة من مكاسبه ولو لم يشارك إيجابيًا فى العمل لتحقيقه. وبدون هذا الرأى العام الضاغط، فإن ما تقدمه الدولة من خطوات للانفتاح السياسى سيكون محدودًا ومقيدًا وقابلًا للإلغاء، كما أن جهود المجموعات السياسية الفاعلة ستضيع هباء دون ظهير شعبى يساندها ويدعم مطالبها.

من هذا المنطلق فإن اقتناعى بأن الوقت حان لإصلاح سياسى يستند لهذا الاعتبار الثالث والاهم.. أن الظروف الحالية جعلت الرأى العام جاهزًا وراغبًا فى مثل هذا الإصلاح والتغيير.

والظروف التى أقصدها هى مجموعة من العوامل التى رسخت لدى الناس الشعور بأن الأسلوب الحكومى الحالى فى إدارة المصالح العامة يحتاج لمراجعة وضبط وتغيير. وعلى رأس هذه العوامل: (1) الأزمة الاقتصادية الأخيرة التى عانى الناس منها، ولايزالون، واتضح معها أننا نعانى من أزمة إدارة وحوكمة لا أزمة موارد. (2) أن مجرد تعديل مادة قانونية تتعلق بالحبس الاحتياطى فى الحوار الوطنى تحول لموضوع معقد استغرق شهورًا وجلسات واجتماعات. (3) أن هناك أجيالًا من الشباب باتت تتابع ما يجرى فى العالم وتدرك أبعاده وترى كيف تطورت المجتمعات والنظم السياسية فى كل أرجاء الكرة الأرضية بما فيها من كان منغلقًا حتى وقت قريب. (4) أن الناس لا تريد إصلاحًا يأتى مع الفوضى أو العنف أو الاضطرابات، بل تطمح لتغيير تدريجى مؤسسى يأخذ البلد لمساحة جديدة من الشراكة والعدل والإدارة الرشيدة.

لا أقول إن الناس أصبحت مكترثة بالديمقراطية التقليدية وشعاراتها وممارساتها، بل الحقيقة أن الديمقراطية فقدت الكثير من قيمتها بسبب ممارسات حول العالم كرست السيطرة الإعلامية والتفوق المالى والشعبوية والكراهية لكسب أصوات الناخبين.

ولكن فى تقديرى أن هناك رغبة متزايدة فى البلد للعيش فى مجتمع تسوده الحرية ويُدار اقتصاده بكفاءة وينعم فيه الناس بمظلة القانون. وهذه مقدمات الإصلاح السياسى المنشود، الإصلاح الذى لا يهدد الاستقرار ولا الوحدة الوطنية ولا الأداء الاقتصادى ولا الأمن والأمان، بل يدعم كل ما سبق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح السياسى المنشود ١ الإصلاح السياسى المنشود ١



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon