توقيت القاهرة المحلي 17:21:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موقعة الترشح... المكاسب والخسائر

  مصر اليوم -

موقعة الترشح المكاسب والخسائر

بقلم-زياد بهاء الدين

تابع المصريون ومعهم العالم كله أحداث الأسبوعين الماضيين المتلاحقة بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة. وبينما توقف الكثير من المعلقين عند تأثير هذه الأحداث على نتيجة الانتخابات، فإن الحقيقة أن هذا التأثير ليس بالمهم لأننا لسنا منذ البداية بصدد انتخابات بل استفتاء على مدة ثانية، وأن ما يشغل بال المسئولين هو ألا تأتى نتيجة الاستفتاء القادم أدنى فى الحضور والتأييد عن نتيجة عام ٢٠١4.

ولكن الجانب الأهم مما كشفت عنه أحداث الأسبوعين الماضيين هو فى تقديرى مدى استعداد الدولة وأجهزتها للاندفاع من أجل تحقيق النتيجة المطلوبة وسياسة الارض المحروقة التى انتهجتها دون تقدير كاف للعواقب والتداعيات التى سوف تخلفها بعدما تنتهى الانتخابات.

الاندفاع نحو تحقيق نتيجة مبهرة تجدد البيعة وتخطف أبصار العالم جاء بنتائج عكسية تماما لأن كل ما اعترض طريق هذا الهدف تم التعامل معه دون تقدير لآثاره على الرأى العام الذى لم يعد يرضى بالاستهتار بذكاء الناس وفطنتها وإحساسها بالمسئولية نحو الوطن، حتى داخل الدوائر المؤيدة للمرشح الرئاسى الوحيد.

وهكذا فى غمرة الحماس جرى تسخير موارد الدولة وطاقاتها من أجل حشد الأصوات والتوكيلات لدعم السيد رئيس الجمهورية برغم أن فوزه مضمون، وجرى اعتراض سبيل من تجرأ وأبدى استعدادا للترشح من غير المرضى عنهم سواء بالفعل أم بالحملات الإعلامية دون تقدير رد فعل الناس لهذه الحالة الاقصائية، وجرى إلقاء اللوم على ضعف الأحزاب دون التأمل فيما تسببت فيه الدولة وتدخلاتها وتضييقها على المجال العام من عزوف الناس عن العمل الحزبى والسياسى تجنبا لعواقبه الجسيمة، وحينما اتضح أن هناك حاجة لمرشح شكلى لم تتردد الدولة فى الدفع برئيس أقدم وأعرق الأحزاب المصرية ليرشح نفسه بشكل مهين ليس له شخصيا فقط ــ وهو حر فيما يقبله على نفسه ــ ولكن للمشهد السياسى العام، وفِى الوقت الذى حرص فيه السيد رئيس الجمهورية فى كلمته الختامية أمام مؤتمر «حكاية وطن» على حث المواطنين على الإدلاء بأصواتهم كى تظهر مصر بصورة جيدة أمام العالم فإن إدارة الدولة لموقعة الترشح لم تجلب علينا سوى التهكم على ما آل إليه المسار الديمقراطى فى البلد صاحب أقدم برلمان فى المنطقة العربية، وحتى لحظة كتابة هذه السطور لا يزال البحث جار عن مرشح اللحظة الأخيرة الذى لن ينقذ ماء وجه الاستفتاء المقبل. وتقديرى أن تداعيات هذا الاندفاع سوف تبقى معنا وأن الخسائر الناجمة عنه لن تزول حتى بعد إعلان النتيجة.

ولكن على الجانب الآخر فقد تحقق الكثير من المكاسب التى أتصور وآمل أن تبقى معنا بعد بدء الفترة الرئاسية الثانية. المكسب الأول هو أن استعداد الناس لتقبل حالة التخوين السائدة منذ سنوات والمستخدمة لإقصاء الأصوات المعارضة تراجع لأن المبالغة فى توجيه سهام العمالة والأخونة والخيانة وغيرها من التهم الجزافية جعلتها تفقد مصداقيتها وفاعليتها، وهذا يفتح مجالا مطلوبا لتقييم الأفكار والمواقف والرؤى البديلة. أما المكسب الثانى والأهم فهو العودة للتفكير فى العمل الحزبى والاقتناع بأنه مهما كانت التجربة الحزبية التى عقبت ثورة يناير قد تعثرت وانتهت إلى زوال هذا الجيل من الأحزاب، فإنه لا مفر كى يخرج البلد من أزمته السياسية الراهنة إلا بالرجوع للنشاط الحزبى والعمل على بناء جيل جديد من الأحزاب حتى فى ظل القيود الحالية المفروضة من الدولة. وتقديرى أنه داخل الدولة من العاقلين من يقدرون حجم الضرر الذى جلبه غياب العمل السياسى والحزبى من على الساحة وضرورة الاستفادة من موقعة الترشح بالدروس السليمة.

هل هذا تفاؤل مفرط؟ ربما، ولكنى متفائل بأن موقعة الترشح، برغم كل ما خلفته من خسائر، سوف يكون لها آثار وتداعيات إيجابية على عودة الوعى والنشاط السياسى رغم التحديات التى تواجهه، وأن من يسعى لصالح البلد حقيقة عليه أن يعيد تقييم ما جرى فى الأعوام الماضية وإدراك أن هذا البلد لن ينهض إلا بشراكة أبناء وبنات الوطن وأن الاستمرار فى غلق أبواب النشاط السياسى والأهلى هو الذى يهدم مؤسسات البلد ويعرقل فرصته فى التقدم
.
نقلاعن الشروق المصرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقعة الترشح المكاسب والخسائر موقعة الترشح المكاسب والخسائر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 00:24 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يهدد بتصعيد أزمة الشحات والشيبي للفيفا

GMT 06:06 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

شاومي تعلن عن حدث في نيويورك بداية الشهر القادم

GMT 23:00 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 03:05 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أسعار الخضراوات في الأسواق المصرية الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon