توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العودة للمسار الديمقراطى.. مسئولية من؟

  مصر اليوم -

العودة للمسار الديمقراطى مسئولية من

زياد بهاء الدين

بينما كان المفروض أن يكون حفل افتتاح حقل غاز «ظهر» الأسبوع الماضى مناسبة سعيدة وجامعة ولا يختلف عليها، إلا أن الحديث الغاضب للسيد رئيس الجمهورية بشأن المشهد السياسى الراهن طغى على الإنجاز الكبير الذى كان الاحتفال مقاما من أجله، ولا يزال إلى الآن محل نقاش واسع فى مصر وخارجها.

وفى تقديرى أن ما أثار دهشة وقلق الناس لم يكن مضمون حديث السيد الرئيس بل الحدة والغضب اللذين عبر بهما عن موقفه ممن اعتبرهم يعبثون بأمن مصر واستقرارها، لأن المضمون فى الحقيقة جاء متسقا مع الخطاب الرسمى السائد خلال السنوات الثلاث الماضية، خاصة فيما يتعلق باعتبار الديمقراطية ترفا لا يتحمله البلد فى ظل التحديات الأمنية والاقتصادية الراهنة، والدستور مكتوبا بنوايا حسنة لا تتفق مع الواقع المصرى، والجدل غير مفيد فى وقت يحتاج فيه الوطن للعمل والاصطفاف الكامل وراء قيادته. وما سبق يتفق أيضا مع ما يجرى على أرض الواقع من تجاهل مستمر لحقوق وضمانات منصوص عليها فى الدستور، وتقييد للنشاط الأهلى والنقابى والإعلامى، والعمل على تشويه كل من له رأى معارض.

موقف الدولة إذن واضح ولا جديد فيه، ولا أظن أن هناك ما يدعو للاعتقاد بأنه سوف يتغير من تلقاء نفسه، لا قبل الانتخابات الرئاسية القادمة ولا بعدها. أما الاعتقاد بأن ضغوطا خارجية يمكن أن تسفر عن انفراج فى المناخ السياسى والتخفيف من التضييق الراهن على النشاط الأهلى أو الحزبى فهو أمر لا يجوز التعويل عليه لأن كل تدخل أجنبى مرفوض من حيث المبدأ ولأن ما لا يتحقق من تقدم وانفراج بجهودنا وتضحياتنا الذاتية لا يساوى شيئا.

لهذا فإن كان التغيير لن يأتى من جانب الدولة كما أنه غير مطلوب من الخارج، فلا بديل من أن يتحقق بأيدينا وبتمسكنا بالعودة إلى مسار ديمقراطى سليم ورفض الاستمرار فى تخيير الشعب المصرى بين الأمن والاستقرار من جهة وبين الحرية والشراكة فى الحكم واتخاذ القرار من جهة أخرى لأن هذه المفاضلة ليست مطلوبة ولا حقيقية، بل إن الأمن والاستقرار الحقيقيين والمستدامين لن يتحققا إلا فى ظل مناخ سياسى صحى وفى حماية الدستور والقانون.

بالطبع، إننى مدرك للصعوبات والمخاطر التى تعترض طريق من يجرؤ على إبداء رأى معارض أو الإطلال برأسه فى المجال السياسى المفتوح بعيدا عن الحماية النسبية للفضاء الإلكترونى، وهى مخاطر حقيقية وقد دفع الكثيرون ثمنا باهظا لمحاولة مواجهتها. ولكن تظل هناك دائما مساحات تسمح بالحركة والعمل حتى فى إطار القوانين المقيدة والتدخلات والمضايقات، ويظل هناك جمهور لا يقل وطنية عمن هم فى مقاعد السلطة، ويهمه مثلهم أمن واستقرار البلد، ولكن يرغب فى التغيير والتقدم وفى أن يحصل الشعب المصرى على حقوقه الدستورية كاملة.

التحدى الحقيقى الذى يعترض طريق العودة لمسار ديمقراطى سليم ليس إقناع الدولة بأن تغير أساليبها، بل إعادة الثقة للناس فى أن حريتها وحقها فى المشاركة فى الحكم لن يؤديا إلى الفوضى ولا الانفلات الأمنى ولا انهيار مؤسسات الدولة، وأن غياب الحد الأدنى من الحقوق والحريات هو ما يعرض الوطن للخطر ويعرقل فرص التنمية والتقدم. هذه معركة خسر التيار الديمقراطى جولات عديدة منها حتى استقر لدى قطاع كبير من المجتمع الخطاب المعادى للحرية والدستور، وبات الحديث عن الديمقراطية مرادفا للفوضى والعنف. وما لم يتم استرجاع اقتناع الناس بقيمة الديمقراطية فلن يتحقق أى تقدم فى هذا المجال، إلا المزيد من التعليقات والمشاركات العقيمة على صفحات التواصل الاجتماعى.

هذا الخطاب المعادى للحريات لن يمكن مواجهته وتقديم بديل مقنع له إلا إذا تجاوز التيار الواسع الداعى للديمقراطية انقساماته الداخلية وعمل على إعادة بناء الجسور التى تهدمت خلال الأعوام الماضية بسبب خلافات لا قيمة لها، وأعاد للناس الثقة فى أن العمل السياسى ليس كفرا ولا خيانة ولا سعيا لهدم الدولة، بل استعداد للتضحية من أجل الصالح العام، دون توقع مكاسب أو مغانم. عندئذ فقط يكون التغيير قد بدأ.

عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العودة للمسار الديمقراطى مسئولية من العودة للمسار الديمقراطى مسئولية من



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon