توقيت القاهرة المحلي 18:14:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السادس من أكتوبر بعد خمسين عامًا.. والتحول الاقتصادي

  مصر اليوم -

السادس من أكتوبر بعد خمسين عامًا والتحول الاقتصادي

بقلم - زياد بهاء الدين

غدًا، تحل الذكرى الخمسون على نصر السادس من أكتوبر، أو كما عرفناه صغارًا «يوم العبور».
من بين كل الأوصاف التى نالتها هذه الحرب المجيدة فإن أقربها لنفسى هو «العبور» لأنه يمثل جوهر ما جرى فى هذا اليوم وانتقال مصر وشعبها من حالة الاضطراب والتخبط والهزيمة إلى عالم جديد من الآمال والأحلام والثقة بالنفس والقدرة على التغيير.

وإذا كان الإعلام قد اهتم فى الأيام الأخيرة بتناول ذكرى هذا النصر الغالى من مختلف جوانبه العسكرية والسياسية وأحيانًا الإنسانية، فإن هناك جانبًا آخر يستحق التوقف عنده والتفكير فيه، وهو أثر حرب أكتوبر على السياسة الاقتصادية للبلد وما فتحه من آفاق للإصلاح والتجديد.

أظن أن النية فى التحول من الاشتراكية التى سادت الحقبة الناصرية فى الستينيات إلى الانفتاح الاقتصادى كانت حاضرة فى ذهن الرئيس السادات وحكومته، حتى أثناء الإعداد للحرب. ويشهد على ذلك أنه فى ٣٠ سبتمبر سنة ١٩٧١ صدر أول قانون للاستثمار (القانون رقم ٦٥ لسنة ١٩٧١) ليعبر عن الاستعداد لبدء مرحلة اقتصادية جديدة من جذب الاستثمار العربى والأجنبى. وفيما أعلم أن عددًا محدودًا من الشركات «الاستثمارية»، (والتعبير كان جديدًا وقتها)، تم تأسيسها بالفعل، وقليل منها بدأ النشاط الفعلى. ولكن من الطبيعى أن يكون هذا «الانفتاح» المبكر قليل الحظ، ومصر لا تزال فى حالة تعبئة واستعداد للحرب، وخطابها الرسمى والإعلامى يعد الشعب لمواجهة قريبة.

أما فى أعقاب نصر السادس من أكتوبر فقد تغير كل شىء. وصار البلد، بعد استرداده ثقته بنفسه وكرامته وجزء كبير من أرضه، أكثر استعدادًا «لعبور» اقتصادى إلى مرحلة جديدة تناسب العصر، وتسعى للتنمية والرخاء، وتبحث عن الأفكار الإصلاحية فى مختلف المجالات.

واسمحوا لى هنا بالإحالة إلى مستند مهم كاد يطويه النسيان، وهو «ورقة أكتوبر» التى أطلقها الرئيس السادات يوم ١٨ إبريل ١٩٧٤، وقد علمت بعد عقود من صدورها أن كاتبها الرئيسى كان الأستاذ/ أحمد بهاء الدين، رحمه الله. هذه الورقة لم تكن قانونًا ولا برنامجًا حكوميًّا، بل كانت كما يدل اسمها «ورقة»، ولكن جرى تقديمها للشعب والعالم بوصفها إعلانًا عن توجه جديد للحكم، وتمهيدًا لانتقال البلد من اقتصاد الحرب الذى تسيطر فيه الدولة على مقومات وأدوات الإنتاج إلى اقتصاد السلم والتنمية الذى تفسح فيه المجال للنشاط الخاص. وبينما أكدت «ورقة أكتوبر» أن القطاع العام لا يزال قائدًا للتنمية، فإنها لم تتردد فى إبراز أهمية «الانفتاح الاقتصادى فى الداخل والخارج، والذى يوفر كل الضمانات للأموال التى تُستثمر فى التنمية».

الذى يهمنى اليوم مع ذلك ليس تناول مضمون ورقة أكتوبر، بل التوقف عند الفرصة التى أتاحها نصر أكتوبر لتغيير المسار الاقتصادى ووضع التنمية الاقتصادية فى الصدارة واستدعاء الاستثمار الخاص ليسهم فى هذا التحول. وهذه نقلة كبيرة ما كان يمكن أن تحدث وأن يقبلها الرأى العام ويصطف وراءها المثقفون والإعلاميون، حتى بعض المنتمين إلى اليسار، لولا اللحظة الفريدة التى أتاحتها انتصارات أكتوبر. وأظن أن أى إصلاح اقتصادى حقيقى وشامل يجب أن يصاحبه ويدعمه قبول شعبى وثقة فى الدولة ومناخ سياسى قابل للتغير ومتحمس له. هذه الظروف الفريدة وفرها نصر أكتوبر.

صحيح أننا نقرأ لنفس الكاتب- أحمد بهاء الدين- مقالًا تَصَدّر الصفحة الأولى من جريدة الأهرام التى كان يترأس تحريرها، يوم ١٢ يوليو ١٩٧٤، بعنوان «الانفتاح ليس سداحًا مداح»، انتقد فيه الإشارات المبكرة لانحراف مشروع الانفتاح الاقتصادى عن مساره التنموى بسبب تكالب أصحاب النفوذ والمصالح عليه.

إلا أنه بغض النظر عما آلت إليه سياسة الانفتاح فى مهدها، وما كان مأمولًا أن تحققه، فإن حرب أكتوبر بجانب ما حققته من نصر عسكرى ومكاسب سياسية وصحوة فى الكرامة، فقد كانت وستظل مثالًا للحظة التى اتحد فيها الشعب مع قيادته، ووثق الناس فى المستقبل وتفاءلوا به، وانطلقت فيها طاقات الإبداع والتجديد والإصلاح.

فتحية تقدير لشهداء ملحمة أكتوبر الأبرار ولأبطالها، الذين ستبقى ذكراهم معنا للأبد، ويبقى يوم العبور رمزًا للتضحية والإرادة والكرامة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السادس من أكتوبر بعد خمسين عامًا والتحول الاقتصادي السادس من أكتوبر بعد خمسين عامًا والتحول الاقتصادي



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon