توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حصاد برنامج الإصلاح الاقتصادى

  مصر اليوم -

حصاد برنامج الإصلاح الاقتصادى

بقلم: زياد بهاء الدين

يوم الجمعة الماضى أصدر رئيس بعثة صندوق النقد الدولى فى ختام زيارة لمصر استغرقت عشرة أيام بيانا صحفيا أعلن فيه انتهاء المراجعة الأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بُدئ فى تنفيذه فى نوفمبر ٢٠١٦، ونجاح مصر فى الالتزام به، واستحقاقها لمليارى دولار قيمة الدفعة السادسة والأخيرة من القرض المبرم مع الصندوق.

وقد تضمن البيان استعراضا للنتائج الإيجابية التى تحققت وعلى رأسها زيادة معدل النمو، وانخفاض نسبة البطالة؜، وتحسن ميزان المدفوعات، وبدء تراجع عجز الموازنة. وبرغم أن البيان لم يشر صراحة لأى جوانب سلبية وفقا للمألوف فى مثل هذه البيانات الدبلوماسية، إلا أنه تطرق إلى أهمية العمل على تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص والحد من دور الدولة فى النشاط الاقتصادى.

البرنامج كان ولا يزال محل جدال، اذ بينما اعتبرت المنظمات الدولية والمؤسسات المالية أنه قد نجح نجاحا مبهرا، فإن الرأى العام السائد فى مصر حمله مسئولية ما تعرض له الناس من غلاء شديد ومشقة فى العيش.

وفى تقديرى أن المحصلة النهائية للبرنامج لم تكن شرا مطلقا ولا خيرا مطلقا بل مزيجا من الاثنين. على الجانب الإيجابى فإن ما ورد فى بيان الصندوق صحيح فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية الكلية التى احتاج تحقيقها لشجاعة وحسم خاصة فيما يتعلق بتحرير سعر الصرف والحد من نزيف دعم الطاقة. أما على الجانب السلبى فإن البرنامج تسبب فى موجات متتالية من الغلاء لم تكن فى الحسبان ولا استطاع الناس التأقلم معها برغم الإنفاق المتزايد على برامج الحماية الاجتماعية. ولكن المسئول، فى رأيى الخاص، عن الغلاء والمشقة اللذين تعرض لهما الشعب المصرى ليس الإصلاح الاقتصادى فى حد ذاته، بل عجز السياسات الحكومية عن مواكبة الإصلاح الكلى بسياسات وبرامج تنفيذية تشجع الاستثمار الانتاجى، وتخلق فرص عمل مستدامة، وتوجه الإنفاق العام نحو ما يفيد الناس، وتضع حدودا لتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى، وتحارب الاحتكار والاستغلال فى توزيع السلع وتسعيرها. بمعنى آخر فإن الإصلاح الكلى لمالية الدولة انطلق بوتيرة متسارعة بينما الإصلاح العملى لمناخ الاستثمار وللخدمات العامة لم يلحق به، فكانت النتيجة أن دفعت غالبية الناس فاتورة الإصلاح القاسية ولم تتمتع بثماره.

مع ذلك فإن المهم الآن ليس الماضى بل المستقبل.

والمستقبل هو أن نحافظ على المكاسب التى تحققت ولا نفرط فيها، مع العمل فى ذات الوقت على تصحيح المسار ومراجعة السياسات والبرامج التى عطلت التنمية الاقتصادية العادلة والمستدامة. ومن بين الجوانب العديدة التى تستحق الاهتمام فإننى أقترح التركيز على ما يأتى:
• إخراج الاستثمار الانتاجى من عثرته التى طالت وإطلاق طاقاته المعطلة بسبب زيادة وطأة البيروقراطية والتوجس من تدخل الدولة فى جميع مجالات النشاط الاقتصادى.

• توجيه المزيد من الإنفاق العام نحو الخدمات والمرافق التى تؤثر على حياة الناس فى المدن القديمة والقرى والأحياء العشوائية، مثل الصرف الصحى، والسكك الحديدية، والتأمين الصحى الشامل، والتعليم.

• الحد من نمو الدين العام الداخلى والخارجى ووضع برنامج قومى للتعامل مع عواقبه.

• الاستمرار فى سياسة الحماية الاجتماعية التى تستهدف الطبقات الأكثر فقرا، ولكن مع إدراك أن فى المجتمع نسبة كبيرة لا تعانى من الفقر بعد وإن كانت تعيش مهددة به، ولن يبعد شبح الفقر عنها سوى خلق المزيد من فرص العمل المستدامة والارتقاء بمستوى الخدمات العامة.

• الاستمرار فى تحسين مالية الدولة ولكن عن طريق التطبيق العادل والشامل للضرائب وغلق أبواب التهرب والتلاعب بدلا من الاعتماد على فرض رسوم وإتاوات وتكاليف غير معروفة سلفا.

البرنامج الذى أبرمته مصر مع صندوق النقد الدولى يقترب من نهايته بكل ما حققه من مكاسب وما جلبه من مشقة، والنكوص عنه الآن ليس مطلوبا ولا ممكنا. ولكن ما تحتاجه مصر هو برنامج ثانٍ بعيدا عن الصندوق وعن غيره من الجهات الدولية، برنامج إصلاح اجتماعى واقتصادى معا، برنامج يضع المواطن فى قلب السياسات الاقتصادية، ويمنح الأولوية للفقراء والمهددين بالفقر، ويطلق طاقات الاستثمار المعطلة، ويوجه الإنفاق العام نحو ما يحتاجه الناس.

مصر بحاجة لهذا البرنامج الثانى وبحاجة لحوار وطنى لتحديد أولويات المرحلة المقبلة لأن الإصلاح الحقيقى هو الذى يصنعه المجتمع ويتوافق عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصاد برنامج الإصلاح الاقتصادى حصاد برنامج الإصلاح الاقتصادى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon