توقيت القاهرة المحلي 22:02:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

٢٥ يناير... الثورة والدولة

  مصر اليوم -

٢٥ يناير الثورة والدولة

بقلم : زياد بهاء الدين

مع حلول ٢٥ يناير من كل عام، تجد الدولة نفسها فى مأزق التناقض بين ما تعلنه رسميا من تقدير وتوقير للثورة التى تمثل أساس شرعيتها الدستورية، وبين استمرار الهجوم الضارى عليها من جانب الاعلام المحسوب على الأجهزة الرسمية أو القريب منها. 
وهذا العام لم يختلف كثيرا، إذ بينما أشاد السيد رئيس الجمهورية بالثورة التى عبرت عن طموح الشعب المصرى فإن الخطاب الرسمى السائد آثر السلامة وتجاهل الموضوع، بينما لم يخل الأمر من التذكير الإعلامى بما جلبته مؤامرة يناير من فوضى وعنف وخراب. 
وإن كان تقييم الثورة سيظل موضوعا يشغل الباحثين والمؤرخين لسنوات قادمة، فإن ما يشغلنى هنا هو اعتقادى بأن ثورة يناير لا ينبغى أن تكون مصدرا للانقسام فى المجتمع بل الارضية الصالحة لبناء توافق وطنى جديد. وهذا يقتضى ــ من وجهة نظرى ــ الاعتراف بأربع حقائق أساسية: 
الحقيقة الأولى أن ثورة يناير لم تكن مؤامرة بل انتفاضة شعبية ضد الاستبداد والفساد وأن نجاحها فى إسقاط النظام كان بسبب تضحيات وعزيمة من شاركوا فيها. وما وقع من أخطاء بعدها لا ينتقص من صدق وحماس الجماهير الغفيرة التى نزلت الشوارع رفضا لاستمرار الوضع السابق وأملا فى التغيير، وبالتالى لا ينزع عنها وصف الثورة المجيدة ولا عمن شاركوا فيها صفات البطولة والوطنية. 
الحقيقة الثانية أن انتصار ثورة يناير فى يومها الرابع لم يكن على الشرطة المصرية ولا على أى من مؤسسات الدولة الاخرى بل على المنظومة السياسية الحاكمة التى كانت هذه المؤسسات أدواتها التنفيذية. ولهذا فما كان يجب أن يقع أنصار الثورة فى فخ الاعتقاد بوجود عداء مبيت بينهم وبين جهاز الشرطة بل كانت الفرصة متاحة أكثر من مرة لإعادة بناء جسور الثقة بينهما، ولكن نجح أصحاب المصلحة فى اجهاض الثورة فى تعميق الهوة وترسيخ فكرة العداء الحتمى بين الطرفين. وهكذا انقسم المحتفون بالخامس والعشرين من يناير هذا العام إلى فريقين، واحد يراها عيدا للشرطة فقط والثانى يصر على أنها عيد لثورة يناير وحدها. وهذا وضع مؤسف لأن ٢٥ يناير ينبغى أن يكون يوم الاحتفال بلحظتين ناصعتين فى التاريخ المصرى المعاصر، التضحية والفداء من جانب أبطال الشرطة فى مواجهة الاستعمار عام ١٩٥٢ وانتفاضة الشعب ضد الاستبداد والفساد عام ٢٠١١.
أما الحقيقة الثالثة فهى أن غياب القيادة القادرة على توجيه الطاقة الإيجابية للثورة فى أيامها الاولى نحو مسار توافقى دفع بالخلاف بين الثورة والدولة كى يتعمق ويستفحل بسبب المبالغة فى العداء تجاه كل ما كان محسوبا على الفترة المباركية، وتجاهل تطبيق العدالة والقانون بدعوى الحساب والقصاص، والاستهتار بالوضع الاقتصادى المتردى وبشكوى الناس من الفوضى وغياب الأمن، والعجز عن ادارة حوار كان ممكنا وضروريا مع اجهزة الدولة ومؤسساتها. وهذا فى تقديرى هو ما مكن جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على الساحة والانفراد بالسلطة بعد أن مهد لها الانقسام بين الدولة والثورة الطريق ومنحها الفرصة التى ظلت تنتظرها لسنوات طويلة. 
وأخيرا فإن الحقيقة الرابعة أن على الدولة إنهاء حالة العداء الظاهرة والضمنية تجاه ثورة يناير والاعتراف بحقيقتها وقيمتها وتقدير تضحيات شهدائها ومصابيها واحترام من شاركوا فيها، والاهم من ذلك الإفراج عن المحبوسين من أنصارها ورد الاعتبار إليهم، لأن أنكار الثورة وما عبرت عنه من رغبة الشعب المصرى فى التغيير لن تؤدى إلا إلى مزيد من الانقسام فى المجتمع ومزيد من عزوف الشباب عن المشاركة ومزيد من عزلة الدولة عن جمهور كبير شارك فى الثورة أو ناصرها على أى نحو آخر، وهو جمهور قد يكون صامتا الْيَوْمَ بسبب ما تتعرض له الثورة من هجوم وتشويه مستمر ولكنه لم يتخلَ عن أحلامه فى بناء وطن يسوده العدل والمساواة والحرية.

 

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

٢٥ يناير الثورة والدولة ٢٥ يناير الثورة والدولة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية
  مصر اليوم - دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:00 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

موعد إجراء قرعة كأس العالم 2018 والقنوات الناقلة

GMT 02:32 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

سلطنة عُمان تسجل 1739 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 07:10 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

رشا مهدي تعلق على انسحاب الزمالك من مباراة القمة

GMT 19:06 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

الجونة يضم حارس الأهلي عمر رضوان رسميًا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon