توقيت القاهرة المحلي 06:41:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدين العام الخارجى.. ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل؟

  مصر اليوم -

الدين العام الخارجى ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل

بقلم : زياد بهاء الدين

  تحت هذا العنوان استمتعت أمس بمحاضرة للأستاذة سلمى حسين ــ الباحثة الاقتصادية المستقلة الدءوبة والكاتبة بجريدة «الشروق» ــ تناولت فيه تطور الدين العام الخارجى لمصر خلال السنوات القليلة الماضية.

والدين العام إحدى القضايا الاخطر فى الملف الاقتصادى خاصة وقد ارتفع حجم الدين الداخلى والخارجى معا من ١،٨ تريليون جنيه إلى ٣،٢ تريليون جنيه خلال ثلاثة سنوات فقط (يونيو ٢٠١٤ إلى يونيو ٢٠١٧) بما يمثل عبئا كبيرا على الموازنة العامة، وعلى قدرة البلد على توفير الموارد اللازمة للتنمية الاقتصادية، وعلى التزام الأجيال القادمة بالسداد مستقبلا.

وبينما ركزت الباحثة حديثها على الزيادة الكبيرة التى طرأت على الدين الخارجى وحده من ٤٥ مليار دولار إلى ٨٠ مليارا فى ذات السنوات الثلاث (منها زيادة ٤١٪؜ فى العام الأخير فقط)، فإنها حذرت من أن هذه الأرقام المثيرة للقلق لا تتضمن ٤ مليارات دولار الإضافية التى جرى اقتراضها فى شكل سندات دولارية فى العام الحالى، ولا الزيادة الكبيرة التى قد تترتب على إبرام قرض محطة الضبعة النووية.

صحيح أن حجم الدين العام الخارجى لمصر يظل فى الحدود التى تعتبر آمنة وفقا للمعايير المتعارف عليها، إذ لا تزيد نسبته إلى الناتج المحلى عن ٣٦٪؜، إلا أن التسارع الشديد فى زيادته خلال الأعوام القليلة الماضية لا يبعث على الطمأنينة خاصة لو استمرت معدلات الاقتراض على وتيرتها الحالية.

على أن سبب إعجابى بالعرض الذى قدمته الاستاذة/ سلمى ــ مع اختلافى معها فى قضايا أخرى على رأسها موضوع التعويم ــ ليس ما ذكرته من أرقام منشورة، وإنما ما قامت به من جهد متميز لتجاوز مجرد النظر لحجم الدين الخارجى إلى البحث فى تركيبة هذا الدين، ومصادره، وتكلفته، واستخداماته، وآجال سداده.

وتقديرى أن هذا هو المدخل السليم لفهم وتقدير خطورة الوضع الراهن للدين الخارجى، وكذلك للتفكير فى كيفية التعامل معه مستقبلا قبل أن تتفاقم أزمته وتخرج عن السيطرة.

وأهم النتائج التى انتهى اليها البحث، باختصار شديد، هى: (١) زيادة الديون قصيرة الأجل على حساب الديون متوسطة وطويلة الأجل فى الفترة محل الدراسة، وهو اتجاه سلبى لان الديون القصيرة تمثل خطرا اكبر على الاقتصاد، (٢) انخفاض نسبة ما يتم إنفاقه من الاستدانة الخارجية على المشروعات التنموية ذات العائد الاجتماعى أو الاقتصادى المحتمل على حساب ما يتم استخدامه لسداد الديون السابقة، (٣) ضرورة وضع ملف الدين الخارجى بأكمله تحت رقابة البرلمان ومتابعته، (٤) أهمية التحوط من الزيادة المُحتملة لتكلفة الاقتراض الخارجى اذا استمرت أسعار الفائدة على الدولار الامريكى فى الارتفاع مستقبلا، و(٥) ضرورة مراقبة النمو المطرد للدين الخارجى والحد من توسعه بلا ضوابط كى لا تدخل مصر فى الحالة التى تصبح فيها الاستدانة المستمرة ضرورية لمجرد سداد الاقساط السابقة.

فى نهاية محاضرتها القيمة، قدمت «سلمى» توصياتها بشأن كيفية الخروج من الاعتماد المتزايد لمصر على الديون الأجنبية وتجنب الدخول فى حلقتها المفرغة. وقد تضمنت بالأساس الدعوة لبناء نظام أفضل لحوكمة الاقتراض الأجنبى، والحد من القروض قصيرة الأجل قدر المستطاع، والعمل على تشجيع وتحفيز بقاء العملة الصعبة فى مصر بالوسائل القانونية وليس قسرا.

ومع تقديرى لما قدمته الباحثة من مقترحات جيدة ومفيدة، إلا أننى لا أجدها مؤثرة بما يكفى لتوقى مخاطر الوضع الراهن، بل أرى ضرورة التطرق إلى جانبين آخرين من السياسة المطلوبة للتعامل مع ملف الديون الخارجية. الجانب الأول هو الحرص على عدم التفريط فى موارد البلد الشحيحة فى مشروعات وبرامج قد لا تكون ذات أولوية ملحة فى الوقت الحالى. أما الجانب الثانى فهو ضرورة اعتبار أن زيادة الاستثمار المحلى والأجنبى فى قطاعات البلد المنتجة (وليس فقط فى الأوراق المالية وقطاعى البترول والعقارات) والتى يترتب عليها مزيد من التشغيل والتصدير والنمو والمرتبات والانفاق والضرائب، هى سبيلنا الوحيدة للخروج من هذا الكابوس الذى يحوم فوق رءوسنا ورءوس ابنائنا وبناتنا.

الحوار حول الدين العام خارج الأروقة الرسمية والغرف المغلقة ضرورة ملحة كى يمكن لكل مواطن أن يتابع ما تتحمل به الدولة من التزامات، وما يخدم منها التنمية الاقتصادية، وما يمثل عبئا غير مبرر للمستقبل. والامل كبير فى الباحثين المستقلين الدءوبين من أمثال «سلمى» لفرض هذا الحوار الضرورى قبل أن يفلت مننا زمام الدين الخارجى.

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين العام الخارجى ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل الدين العام الخارجى ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon