توقيت القاهرة المحلي 20:37:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدين العام الخارجى.. ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل؟

  مصر اليوم -

الدين العام الخارجى ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل

بقلم : زياد بهاء الدين

  تحت هذا العنوان استمتعت أمس بمحاضرة للأستاذة سلمى حسين ــ الباحثة الاقتصادية المستقلة الدءوبة والكاتبة بجريدة «الشروق» ــ تناولت فيه تطور الدين العام الخارجى لمصر خلال السنوات القليلة الماضية.

والدين العام إحدى القضايا الاخطر فى الملف الاقتصادى خاصة وقد ارتفع حجم الدين الداخلى والخارجى معا من ١،٨ تريليون جنيه إلى ٣،٢ تريليون جنيه خلال ثلاثة سنوات فقط (يونيو ٢٠١٤ إلى يونيو ٢٠١٧) بما يمثل عبئا كبيرا على الموازنة العامة، وعلى قدرة البلد على توفير الموارد اللازمة للتنمية الاقتصادية، وعلى التزام الأجيال القادمة بالسداد مستقبلا.

وبينما ركزت الباحثة حديثها على الزيادة الكبيرة التى طرأت على الدين الخارجى وحده من ٤٥ مليار دولار إلى ٨٠ مليارا فى ذات السنوات الثلاث (منها زيادة ٤١٪؜ فى العام الأخير فقط)، فإنها حذرت من أن هذه الأرقام المثيرة للقلق لا تتضمن ٤ مليارات دولار الإضافية التى جرى اقتراضها فى شكل سندات دولارية فى العام الحالى، ولا الزيادة الكبيرة التى قد تترتب على إبرام قرض محطة الضبعة النووية.

صحيح أن حجم الدين العام الخارجى لمصر يظل فى الحدود التى تعتبر آمنة وفقا للمعايير المتعارف عليها، إذ لا تزيد نسبته إلى الناتج المحلى عن ٣٦٪؜، إلا أن التسارع الشديد فى زيادته خلال الأعوام القليلة الماضية لا يبعث على الطمأنينة خاصة لو استمرت معدلات الاقتراض على وتيرتها الحالية.

على أن سبب إعجابى بالعرض الذى قدمته الاستاذة/ سلمى ــ مع اختلافى معها فى قضايا أخرى على رأسها موضوع التعويم ــ ليس ما ذكرته من أرقام منشورة، وإنما ما قامت به من جهد متميز لتجاوز مجرد النظر لحجم الدين الخارجى إلى البحث فى تركيبة هذا الدين، ومصادره، وتكلفته، واستخداماته، وآجال سداده.

وتقديرى أن هذا هو المدخل السليم لفهم وتقدير خطورة الوضع الراهن للدين الخارجى، وكذلك للتفكير فى كيفية التعامل معه مستقبلا قبل أن تتفاقم أزمته وتخرج عن السيطرة.

وأهم النتائج التى انتهى اليها البحث، باختصار شديد، هى: (١) زيادة الديون قصيرة الأجل على حساب الديون متوسطة وطويلة الأجل فى الفترة محل الدراسة، وهو اتجاه سلبى لان الديون القصيرة تمثل خطرا اكبر على الاقتصاد، (٢) انخفاض نسبة ما يتم إنفاقه من الاستدانة الخارجية على المشروعات التنموية ذات العائد الاجتماعى أو الاقتصادى المحتمل على حساب ما يتم استخدامه لسداد الديون السابقة، (٣) ضرورة وضع ملف الدين الخارجى بأكمله تحت رقابة البرلمان ومتابعته، (٤) أهمية التحوط من الزيادة المُحتملة لتكلفة الاقتراض الخارجى اذا استمرت أسعار الفائدة على الدولار الامريكى فى الارتفاع مستقبلا، و(٥) ضرورة مراقبة النمو المطرد للدين الخارجى والحد من توسعه بلا ضوابط كى لا تدخل مصر فى الحالة التى تصبح فيها الاستدانة المستمرة ضرورية لمجرد سداد الاقساط السابقة.

فى نهاية محاضرتها القيمة، قدمت «سلمى» توصياتها بشأن كيفية الخروج من الاعتماد المتزايد لمصر على الديون الأجنبية وتجنب الدخول فى حلقتها المفرغة. وقد تضمنت بالأساس الدعوة لبناء نظام أفضل لحوكمة الاقتراض الأجنبى، والحد من القروض قصيرة الأجل قدر المستطاع، والعمل على تشجيع وتحفيز بقاء العملة الصعبة فى مصر بالوسائل القانونية وليس قسرا.

ومع تقديرى لما قدمته الباحثة من مقترحات جيدة ومفيدة، إلا أننى لا أجدها مؤثرة بما يكفى لتوقى مخاطر الوضع الراهن، بل أرى ضرورة التطرق إلى جانبين آخرين من السياسة المطلوبة للتعامل مع ملف الديون الخارجية. الجانب الأول هو الحرص على عدم التفريط فى موارد البلد الشحيحة فى مشروعات وبرامج قد لا تكون ذات أولوية ملحة فى الوقت الحالى. أما الجانب الثانى فهو ضرورة اعتبار أن زيادة الاستثمار المحلى والأجنبى فى قطاعات البلد المنتجة (وليس فقط فى الأوراق المالية وقطاعى البترول والعقارات) والتى يترتب عليها مزيد من التشغيل والتصدير والنمو والمرتبات والانفاق والضرائب، هى سبيلنا الوحيدة للخروج من هذا الكابوس الذى يحوم فوق رءوسنا ورءوس ابنائنا وبناتنا.

الحوار حول الدين العام خارج الأروقة الرسمية والغرف المغلقة ضرورة ملحة كى يمكن لكل مواطن أن يتابع ما تتحمل به الدولة من التزامات، وما يخدم منها التنمية الاقتصادية، وما يمثل عبئا غير مبرر للمستقبل. والامل كبير فى الباحثين المستقلين الدءوبين من أمثال «سلمى» لفرض هذا الحوار الضرورى قبل أن يفلت مننا زمام الدين الخارجى.

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين العام الخارجى ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل الدين العام الخارجى ضرورة للتنمية أم عبء للمستقبل



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:00 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

موعد إجراء قرعة كأس العالم 2018 والقنوات الناقلة

GMT 02:32 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

سلطنة عُمان تسجل 1739 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 07:10 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

رشا مهدي تعلق على انسحاب الزمالك من مباراة القمة

GMT 19:06 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

الجونة يضم حارس الأهلي عمر رضوان رسميًا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon