توقيت القاهرة المحلي 18:38:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التراث العمرانى.. ليس قضية معمارية فقط

  مصر اليوم -

التراث العمرانى ليس قضية معمارية فقط

بقلم - زياد بهاء الدين

خلال الشهور الماضية تحولت قضية الحفاظ على التراث الحضارى والمعمارى للمدن المصرية من موضوع يشغل المتخصصين والأهالى المتحمسين إلى قضية رأى عام يتابعها ويتفاعل معها جمهور أوسع.

سوء تعامل الحكومة مع هذا الموضوع وتجاهل الاحتجاج المتصاعد من هدم المبانى التاريخية وإزالة الأشجار والحدائق والعوامات والمعالم الأخرى جعل الموضوع يكتسب زخما واهتماما من الرأى العام خاصة بعدما طال أضرحة ومقابر لها فى وجدان الناس مكانة دينية وروحية لا تقل قطعا عن القيمة الحضارية والمعمارية.

وهكذا تابع الناس - مثلا - أخبار استقالة أحد أعضاء اللجنة الرسمية المشكلة لدراسة هذا الملف ثم عدوله عنها، كما يتابعون الأحداث السياسية الساخنة والأخبار الفنية والرياضية. كذلك صارت الصور المتداولة والتقارير والدراسات عن المواقع التراثية المهددة بالإزالة - ما كان منها صحيحا وما كان إشاعة - محل اهتمام واستياء يومى.

هذا تحول هام، وعلى الحكومة أن تعى حجمه ودلالته كى تتصرف معه بجدية أكبر وبحكمة بدلا من تجاهله أو التعامل معه باستخفاف أو بمجرد المضى فى تنفيذ عمليات الإزالة دون اكتراث وبمنطق تثبيت الأوضاع حتى لا تكون هناك فرصة لإعادة النظر.

اتساع الاهتمام بحماية التراث المعمارى وراءه أسباب ودوافع أكبر من الإبقاء على مبان وحدائق قديمة لأنه صار رمزا لقلق أكثر عمقا فى المجتمع:

على رأس هذه الأسباب غياب الشفافية فى المعلومات. فلا الناس تعلم ما الذى سيجرى إزالته، ولا السبب وراءه، ولا ما يجرى التخطيط لبنائه، ولا الجدوى منه، ولا البدائل الممكن النظر فيها للحفاظ على المعالم التراثية التى تقف فى طريقه أو تحتم الإزالة.

ويرتبط بذلك عدم وضوح ما إذا كانت هذه الإزالات تمهد لتنفيذ مرافق وخدمات عامة، أم أنها لإفساح المساحات المطلوبة لمشروعات تجارية كالمقاهى والمطاعم وإتاحة الأراضى للأنشطة العقارية الخاصة، مما لا ينطبق عليه حتى وصف المصلحة العامة.

من جهة أخرى فقد عبرت حملات الحفاظ على التراث التاريخى والحضارى عن إشكالية أخرى فى المجتمع، وهى غياب القنوات المشروعة التى يمكن للناس أن يعبروا من خلالها عن اعتراضهم على السياسات المؤثرة على حياتهم بما فى ذلك ملامح المدن المصرية. قليل من النواب البرلمانيين وقفوا مع مطالب سكان دوائرهم وبعضهم حقق نتائج إيجابية، ولهم كل الشكر والتقدير.

ولكن فى غالب الأحوال فلا الشكوى للحى، ولا الحكومة، ولا للنواب البرلمانيين، ولكن فى غالب الأحوال فلا الشكوى للحى، ولا الحكومة، ولا للنواب البرلمانيين، ولا الإعلام جاءت بنتيجة. فقط حينما اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعى وصدرت بيانات احتجاجية وجرى جمع توقيعات عليها بدا أن أصوات الناس وصلت لسمع الحكومة.. ومازلنا فى انتظار ما يسفر عنه كل هذا الجهد.

وأخيرا فإن الحملات الشعبية الساعية للحفاظ على تراث المدن المصرية تعبر عن قلق فى المجتمع المصرى من النموذج التنموى الذى نتبعه. والسؤال الذى يتردد على كل لسان هو لمَ نستهتر على هذا النحو بمعالم تراثية معمارية وحضارية تكونت على مدى آلاف السنين وصارت عنوانا ورمزا لمصر وعراقتها.

وفى المقابل نجتهد لبناء مدن وتجمعات ومظاهر حداثة اقتباسا واقتداء بنموذج تنموى قد يكون ناجحا فى بلدان أخرى ولكنه لا يناسب وضعنا ولا مواردنا ولا تاريخنا ولا حجم التراث المعمارى والحضارى الموجود بالفعل دون حاجة لاستيراده من الخارج.

أرجو أن تدرك الحكومة أن الاستياء الشعبى من الاعتداء على التراث الحضرى المصرى ظاهرة لا يجوز الاستهانة بها أو تجاهلها، بل تستحق الاهتمام والتفاعل والشفافية والإنصات لما يريده الناس وما يقترحه الخبراء لأنها صارت - ببساطة - قضية سياسية،

مع كل الاحترام والتقدير لمن يسعون للدفاع عن هوية مصر الثقافية والحضارية والتاريخية فى كل المواقع وفى ظل ظروف صعبة وبأدوات محدودة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التراث العمرانى ليس قضية معمارية فقط التراث العمرانى ليس قضية معمارية فقط



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon