توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجاح الانتفاضة الجزائرية فى مصلحتنا جميعا

  مصر اليوم -

نجاح الانتفاضة الجزائرية فى مصلحتنا جميعا

بقلم: زياد بهاء الدين

جددت مشاهد الانتفاضة الشعبية فى الجزائر، ومن قبلها مظاهرات السودان، ذكريات الربيع العربى فى أيامه الأولى، حينما بدا أن المنطقة على شفا تغيير كبير يحقق لشعوبها حلم العدل والحريّة والكرامة.
ولهذا فليس غريبا أن كثيرا من متابعى المشهد الجزائرى، من الوطن العربى ومن خارجه، يرصدون ما يجرى بقدر كبير من الحذر بل والتشاؤم خوفا من أن تؤدى نفس المقدمات إلى ذات النتائج، فينتهى الحال الجزائرى إلى ما آلت اليه الأوضاع فى بلدان الربيع العربى من فوضى وعنف وانتكاسة فى الحقوق والحريات وصولا فى بعض البلدان الشقيقة إلى حروب أهلية وتفكك للمؤسسات.
لست خبيرا فى الشئون الداخلية الجزائرية كى أشرع فى عقد مقارنات دقيقة بين الظرف الراهن وبين ظروف البلدان التى شهدت صعود الربيع العربى ثم انحساره. ولكن بقدر ما ينتابنى نفس القلق، فإن الواضح فى ذهنى أن نجاح التجربة الجزائرية فى التحول الديمقراطى سوف يكون فى صالح الشعوب العربية بأسرها لأنه كما صارت منطقتنا فى السنوات الأخيرة عنوانا للفوضى والعنف والارهاب والهجرة، فإنها بحاجة لنموذج جديد يعيد الأمل فى امكان تحقيق التحول المنشود.
وفى صالح التجربة الجزائرية عوامل عديدة ترجح هذا الامل، ولكن أهمها على الإطلاق القدرة على الاستفادة من التجارب العربية السابقة واستخلاص الدروس وتجنب تكرار ذات الأخطاء، وهذه ميزة كبيرة للغاية لو أُحسن استخدامها.
على رأس هذه الدروس أن التغيير، لكى يكون إيجابيا ومستمرا، يجب أن يكون تدريجيا، توافقيا، ومعتمدا على التفاوض والتنازل من كل الاطراف. أما الاعتقاد بإمكان تحقيق كل المطالَب بضربة قاضية واحدة، تغيير النظام وتحقيق الديمقراطية والقضاء على الفساد والقصاص من الحكم السابق وتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، فليس ممكنا ولن يؤدى إلا إلى انتكاسة جديدة.
هذا التغيير التدريجى والتوافقى يحتاج لاتفاق سريع على قيادة رشيدة للحراك الشعبى الطامح فى تغييرات فورية وحاسمة من أجل إقناعه وتوجيهه نحو ضرورة تحقيق مكاسب واقعية وتدريجية ولو بدت متواضعة، وتجنب الوقوع تحت ضغط الأصوات الأكثر ارتفاعا والأكثر تطرفا فى مطالبها.
كذلك يلزم أن يتوافر لدى المطالبين بالتغيير الاستعداد للدخول فى مسار تفاوضى شاق وطويل مع مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، وعلى رأسها الجيش الجزائرى، من أجل وضع خارطة طريق للتحول الديمقراطى التدريجى، لأن أى مسار لا يحظى بقبول ومباركة ما نسميه عندنا بمؤسسات الدولة العميقة لن يكتب له النجاح.
من جهة أخرى فإن الطبيعى أن تسود فى الشارع رغبة فى القضاء على الفساد السابق والقصاص ممن احتكروا السلطة والثروة لعقود طويلة. ولكن نجاح التغيير المستدام يحتاج ألا تتحول هذه الرغبة المشروعة إلى طاقة مدمرة، تتجاهل القانون والعدالة، وتهدر حقوق من كانوا جزءا من النظام القديم دون الاستفادة من فساده، وتخلق أعداء للتغيير ممن قد يكونوا مستعدين للانحياز للتغيير الإيجابى لو أتيحت لهم الفرصة.
ويلزم كذلك أن يتوافر لدى أنصار التغيير حرص على مصالح الناس اليومية وعلى استمرار عجلة النشاط الاقتصادى والخدمى مهما بدا هذا الحديث غريبا فى لحظات التدفق الثورى. فلا شىء يكسب الثورة أعداء أكثر من تجاهل السياسيين لاحتياجات الناس اليومية أو الاستخفاف بها أو الاعتقاد بإمكان إرجاؤها لحين نجاح الثورة فى تحقيق المكاسب السياسية.
وأخيرا فاتمنى أن تستفيد التجربة الجزائرية من تجاربنا السابقة التى تصور فيها كل طرف توافرت له أدوات السلطة أن بامكانه إقصاء الاطراف الأخرى وتحقيق كل مطالبه، فالباب يجب أن يظل مفتوحا للشراكة والتعاون بين كل من لا يمارس عنفا أو فسادا أو ارهابا أو تمييزا. أما الاختلاف فى الاّراء والتعدد فى الرؤى السياسية والاجتماعية والتنافس بينها فخير للجميع.
أرجو أن يتقبل أشقاؤنا الجزائريون نصائح مواطن مصرى يتمنى كل الخير لهذا البلد القريب من قلوبنا ويأمل فى نجاح انتفاضتهم ليس فقط فى تغيير الحاكم ولكن فى اصلاح مسار الحكم وفِى تقديم نموذج للتغيير السلمى فى المنطقة العربية.
•••
لا يكتمل هذا الحديث إلا بذكر فقيد مصر والوطن العربى، الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، الفقيه القانونى والمفكر الإنسانى الاسلامى، وأحد الساعين دوما لبناء جسور التفاهم والتوافق، مع خالص تمنياتى له بالرحمة ولأسرته بالصبر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاح الانتفاضة الجزائرية فى مصلحتنا جميعا نجاح الانتفاضة الجزائرية فى مصلحتنا جميعا



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon