(1)
قال لى اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ: كُنَّا نتمنّى أن يُدفن الدكتور زويل فى دسوق.. حيث عاش هنا معظم سنوات عمره، وقال لى المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية: لو كنتُ أعرف أنه يشترى أرضاً لبناء مقبرته فى مدينة أكتوبر.. لعرضتُ عليه إقامة مقبرة له فى ساحة كلية العلوم جامعة الإسكندرية حيث تخرّج طالباً وعمل معيداً وسافر مبعوثاً.
والقول نفسه سمعتُه من الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة.. الذى قال لى فى حضور شقيقات العالم الكبير.. هانم وسهام ونانا زويل: دمنهور أوْلى بالدكتور زويل.. وكنا نتمنّى دفنه هنا.. وقد أعددْنا له العزاء اللائق فى مسقط رأسه حيث وُلد ونَشَأَ.
(2)
كان السباق على الدكتور زويل فى مماتِه مثل السباق عليه فى حياته.. الكل يريد أن يأخذ من سيرته الماجدة بنصيب.
كان ذلك واضحاً فى مستوى الحضور فى الجنازة العسكرية التى حضرها السيد الرئيس.. كما كان واضحاً فى المستويات المتعددة للحضور فى عزاءات الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة.. فى كلية العلوم وفى دسوق ودمنهور.
وإذْ يحتاج عميد العِلم العربى الدكتور أحمد زويل إلى مؤلفاتٍ ومؤلفات.. فإننى سأكتفى هنا بإعادة التذكير بما سبق أن طرحت فى برنامجى «الطبعة الأولى» على قناة دريم.. بشأن أشهر (10) خرافات حول الدكتور أحمد زويل.
(3)
الخرافة الأولى.. أن الدكتور زويل عمل أستاذاً فى جامعات إسرائيل.. وهى خرافة لا أساس لها.. ويروج لها الجهلاء والمهزومون أمام الآخر.. وأولئك المنبطحون أمام الصحافة الصفراء ومصانع الحِقد والعدميّة.
الخرافة الثانية.. أن الدكتور زويل عالم نووى يجرى أبحاثه من أجل القتل وضد السلام.. وهذه خرافة أخرى.. ذلك أنه مؤسس علم كيمياء الفيمتو وليس أستاذاً للفيزياء النووية.. ولا يوجد شخص لديه أدنى معرفة يمكنه القول بهذا الادعاء.
الخرافة الثالثة.. أن الدكتور زويل هو صاحب جامعة زويل.. وهو كلام غارق فى الجهل.. ذلك أن جامعة زويل هى جامعة عامة تمتلكها الدولة المصرية.. والدكتور زويل لا يملك فيها شيئاً.. وهو أحد أبرز المتبرعين لها.
الخرافة الرابعة.. أنه كان يخطط طوال الوقت لدور سياسى.. والصواب أنه كان يريد دوراً وطنياً ووظيفةً حضاريةً لبلاده.. كان يسعى إلى مجد القاهرة، وعودة الحضارة المصرية.. وقد حاول من أجل ذلك التعاون مع النخبة المصرية فى كل العهود وبلا يأس أو ملل.
الخرافة الخامسة.. أن المصريين لا يفهمون ماذا فعل الدكتور زويل.. وهذا دلالة على عدم ثقافة الشعب.. وهذه خرافة مدهشة.. ذلك أن كل العالم لا يعرف ماذا فعل العلماء.. ويعد الشعب الأمريكى، الذى يعيش فى أكثر الدول تقدماً فى العالم، نموذجاً لعدم الاطلاع على المعرفة والعلوم إذا كان خارج نطاق العمل أو الوظيفة.
الخرافة السادسة.. أنه كان يحب الظهور الإعلامى.. والحقيقة أنه كان هناك لهاث إعلامى عربى ودولى وراء الدكتور زويل. إن عدداً من الذين هاجموه من الإعلاميين هم من فشلوا فى إجراء حوار معه.
الخرافة السابعة.. أنه لم يفعل شيئاً لمصر.. والحقيقة أن الدكتور زويل أسس رؤية للنهضة العلمية لمصر عام 1989 عقب إنجازه العلمى الكبير.. ولكن الدولة لم تلتفت له إلا عام 1999 بعد حصوله على جائزة نوبل.. ورغم مرور (27) عاماً على المشروع.. لا يزال المشهد عند مرحلة البناء الأولى.
الخرافة الثامنة.. أنه عالم متخصص فى مجاله فقط.. لكن قراءة كتاب «عصر العلم» يلقى الضوء على «زويل» المفكر والفيلسوف والسياسى صاحب الرؤية.
الخرافة التاسعة.. أنه لم يفعل شيئاً للعالم العربى والإسلامى.. والحقيقة أن الدكتور زويل قد ساهم فى نهضة ماليزيا وتركيا.. وشارك فى تأسيس جامعة الملك عبدالله فى جدة.. وحاول فى عواصم عربية وإسلامية عديدة.. ويمكن تأليف كتاب كامل عن «زويل فى العالم الإسلامى».
الخرافة العاشرة.. أن هناك كثيرين مثل أحمد زويل.. وهذا كلام ساذج لا يقول به إلا غير العقلاء.. ذلك أنه لا يوجد كثيرون فى العالم ولا التاريخ بوزن الدكتور أحمد زويل.. ومن المؤسف ألا يفرق الإعلام بين مكانة «زويل» وبين آخرين يتفاوتون فى القدر والوزن.. لكنهم جميعاً يبعدون عن مساره العلمى عدداً كبيراً من السنوات الضوئية.
إن صدمة الشعب المصرى فى رحيل رأس القوة الناعمة المصرية لا ينبغى أن تبقى طويلاً.. لا وقت للدموع.. الوقت لا يتسع إلا للعرق.. وقد أوشكت مدينة زويل على بدء رحلة الأمل والعمل.
فى قولة واحدة: حان الوقت لأن تكون مدينة زويل العاصمة العلمية للشرق الأوسط.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر