توقيت القاهرة المحلي 14:12:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بريطانيا الجديدة

  مصر اليوم -

بريطانيا الجديدة

أحمد المسلماني

(1)

بريطانيا تتغيّر.. هناك جديد فى لندن. الدولة التى كانت وجهة أوروبا غادرتْ أوروبا.. والإمبراطورية التى كانتْ «لا تغيب عنها الشمس».. أصبحتْ تغرُب فى دقائق معدودات. والمملكة التى ورثتْ الإمبراطورية باتتْ تواجه احتمالات التقسيم.. إلى ما دون المملكة.

(2)

لدى العرب والمسلمين هواجس كثيرة تجاه بريطانيا.. ولديهم أيضاً ما يتجاوز الهواجس.. ثمّة حقائق مريرة فى العلاقات بين الطرفيْن.. هناك سياسة «فرّق تسُد» التى أسست لـ«أيديولوجيا الفتنة».. وعمّقت «سياسات الوقيعة» بين الأديان والمذاهب.. وبين الأحزاب والحركات.. وبين النخب والنظريات.

وهناك أيضاً.. دعم حركات الإسلام السياسى.. التى تركتْ تحرير الأوطان من الاستعمار.. لتبدأ تحرير الأوطان من المواطنين. إنها الحركات التى قضتْ على الحركات الوطنية وتولّت عملية الإساءة الدائمة إلى فِكر الحداثة ومنهج العِلم وحضارة العصر.

وهناك أيضاً.. دعم تأسيس إسرائيل.. لتبدأ رحلة الدم فى الشرق الأوسط.. حروب ساخنة وباردة. وهناك اتفاق «سايكس - بيكو» الذى قسّم المنطقة على أساس استمرار الصراع.. وبدء عصرٍ طويل من «اللاسَلام».

(3)

يُضيف المصريون إلى ذلك بُعداً آخر فى تفسير «عدم الودّ» المصرى - البريطانى منذ نهاية عصر الاستعمار.. ذلك أن المصريين يروْن أن بريطانيا لم تنسَ لهم حرب السويس عام 1956.. وهى الحرب التى أنهت الإمبراطورية البريطانية.. وقطعت رأس الأسد.

إذا كان السؤال: هل لا تزال بريطانيا حانِقة على مصر بسبب هذه الحرب؟ فإن إجابة أغلب المصريين: نعم. كما أن المصريين لا يزالون حانقين على بريطانيا، بسبب شنّها حرب 1956.. وبسبب (8) سنوات من الاستعمار البريطانى لمصر.

(4)

هذه هى «بريطانيا القديمة».. فهل ثمّة جديد هناك؟.. الإجابة: نعم. إنها السيدة تيريزا ماى زعيمة بريطانيا.

يمكن للزعيمة البريطانية أن تعيد تصحيح المسار.. وأن تتجاوز التاريخ إلى المستقبل.. وأن تبنى جسراً من الثقة بين المسلمين وبريطانيا.

إن الزعيمة «ماى» هى التى سعتْ لطرد رموز التطرُّف الإسلامى من بريطانيا.. ورفع الحماية عنهم.. حين كانت وزيرة للداخلية.. لم تتردّد السيدة «ماى» فى سحب الجنسية منهم.. وترحيل بعضهم إلى حيث أتوا.

ولدى الزعيمة البريطانية موقف حاسم وحازم ضد تنظيم داعش.. حين قالت قولتها الشهيرة.. «يقولون إنهم الدولة الإسلامية.. إنهم ليسوا دولة وليسوا مسلمين». ثم مضتْ تتحدّث عن الإسلام الذى يؤمن به المسلمون وليس الإسلام الذى يُقدّمُه المتطرّفون.

إن رؤية رئيسة وزراء بريطانيا التى تفصِل بين الإسلام والتطرّف.. وبين المسلمين والإرهاب.. وتتّخذ على ذلك سياسات واضحة من أجل مواجهة التشدُّد وترسيخ التسامح والاعتدال.. تتوازى مع رؤيةٍ إنسانيةٍ أرحب تنهض على حماية النساء والأطفال واللاجئين والمهاجرين.. وتجريم استغلالهم.

لقد عبّرت السيدة «ماى» فى مقالها الشهير عن «العبودية الحديثة»، الذى نشرته صحيفة «ديلى تلجراف»، عن تلك الرؤية.. التى أوصت بإقرار «قانون العبودية الجديدة».

(5)

ثمة ما يدعونا إلى التفاؤل إذاً.. إنها السيدة ماى.. ومعها قطاعات مهمة فى الفكر السياسى البريطانى.. يُمثّلون معاً.. حقبة ما بعد الاستعمار.. أو بريطانيا الجديدة.

وثمّة ما يدعونا إلى عدم التفاؤل.. مثل تلك الأصوات الشاردة فى حزب العمال ممن يدعون إلى التفاوض مع «داعش».

تعانى بريطانيا الجديدة الكثير من التحديات والمعضلات.. لكنها يمكن أن تحظى بالكثير من التقدير والاعتزاز.. إذا هى قامت بردْم التاريخ.. وبناء الحاضر.. على أساس من التسامح والاحترام المتبادل.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا الجديدة بريطانيا الجديدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon