توقيت القاهرة المحلي 16:46:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف يغدو بشار الأسد رمز المرحلة ومُلهمها؟

  مصر اليوم -

كيف يغدو بشار الأسد رمز المرحلة ومُلهمها

بقلم: حازم صاغية

الرئيس السوري بشار الأسد هو اليوم منتصر - مهزوم. انهزم بقواه لكنه انتصر بقوى غيره. معنى ذلك أن سلطته، فضلاً عن فقدانها الشرعية، فقدت بذاتها القدرة على البقاء، لكنها وجدت في إيران وروسيا الطرف الذي يجعل الصناعي طبيعياً، ويفرض الخارجي داخلياً.
الحالة التي يمثلها الأسد لا تغدو حالة معممة، وربما مُثلى، إلا إذا هُزمت الثورات والانتفاضات في لبنان والعراق وإيران. الأسد نفسه يصبح، والحال هذه، رمز المرحلة ومُلهمها.
في لبنان، بات واضحاً أن النظام الطائفي والزبوني آيل للسقوط، أو على الأقل، غير قادر على الاستمرار من دون تقديم بعض التنازلات الجدية في الاقتصاد والقوانين والقيم. الحكومة استقالت. جلستا البرلمان لم تُعقدا. عروض رئيسي الجمهورية والحكومة سبق أن رُفضت وتكرر فضها. محاولة تسليم رئاسة الحكومة لمحمد الصفدي أُجهضت قبل أن تولد. النقابات بدأت تنتصر للثورة. المصارف باتت، في التداول الشعبي، اسماً يرادف اللصوصية. الجيش لم يعد على وفاق تام مع السلطة السياسية. مقاومة «حزب الله» كفت عن أن تكون مفتاح المصير الوطني وبوابة المستقبل... وقبل كل ذلك، وبعده، لم تعد الطائفية الفلسفة التي تحكم البلد وتصاغ على ضوئها معايير الحكم والنفوذ. لقد ظهر منافس قوي لها لم يعد من السهل تجاهله. أما النظام الاقتصادي الحالي فبات واضحاً أنه لا بقاء للبنان من دون تعديله الجذري.
بلغة أخرى، أضحت كل محاولة لاستعادة لبنان القديم قسرية ومفتعلة، وبمعنى ما مضادة للطبيعة.
في العراق، وبفعل ثروة البلد، تحضر الظاهرات اللبنانية الرديئة مضروبة بألف. الفساد والسرقة وبطالة الشبيبة جعلت خسائر الاقتصاد العراقي بين 2003 واليوم تُقدر بـ450 مليار دولار. صلة التبعية لإيران تلعب دوراً مفتاحياً. يكفي هذا المثَل الذي يضربه الزميل قاسم البصري في موقع «الجمهورية»: «يعتبر العراق اليوم السوق الأول لتصريف المنتوجات والسلع الإيرانية، وتحديداً الرديء منها ومنخفض السعر، وذلك على حساب الصناعة العراقية المحلية التي لم تتمكن من منافسة المنتَج الإيراني، الأمر الذي دفع مُلاك أربعة آلاف معمل لإغلاق أبواب معاملهم، وتالياً خسارة 50 ألف عراقي لعملهم». بدورها، سبق للوثائق المسربة لـ«نيويورك تايمز» أن كشفت مدى التحكم الإيراني بساسة العراق، ومدى تسلط قاسم سليماني تحديداً عليهم.
هذه التركيبة تترنح ويواجهها انسداد مُحكَم. ممثلوها، خصوصاً رئيس الحكومة، ما زالوا يتشبثون بمواقعهم في السلطة، ويمنحون أنفسهم مهلة الـ45 يوماً للإتيان بمعجزات! شبان العراق يعلنون، ببطولة استثنائية، عدم قابلية أوضاع كهذه للحياة، ويبذلون الدم لقاء ذلك. النظام يمضي في قتلهم بأدوات لا تقتصر على قنابل الغاز المسيل للدموع. موتهم شرط لحياته.
في إيران، السلطة ليست متصدعة. الاقتصاد متصدع. إيران انتفضت في 2009 و2017 ثم انتفضت قبل أيام. المرشد علي خامنئي لام «أعداء الثورة» وقطع الإنترنت عن البلد. إنه الخنق بعتم وبصمت.
علي فاتح الله نجاد، الباحث في معهد بروكنغز، يقر للنظام بأنه، خلال أعوامه الأربعين، وسع البنية التحتية والخدمات الأساسية في الريف، ضداً على التمركز المديني لسياسات الشاه. الكهرباء ومياه الشرب والتقديمات الصحية والتعليمية خارج المدن الكبرى أدت إلى انخفاض في الفقر. هذا لا يلغي، وفقاً للأرقام الرسمية، أن 12 مليوناً يعيشون اليوم تحت خط الفقر المطلق، وما بين 25 و30 مليوناً تحت خط الفقر. ثلث الإيرانيين وما بين 50 إلى 70 في المائة من العمال مهددون بالهبوط إلى سوية طبقية أدنى. 14 في المائة من جميع الإيرانيين يعيشون في خِيَم. ثلث سكان المدن يقيمون في مدن الصفيح.
العقوبات الأميركية تلعب دوراً مؤكداً في التضييق على النظام، مع هذا فالاقتصادي الإيراني حسين راغفار قدر، العام الماضي، أن تأثيرها لا يتعدى نسبة 15 في المائة. الباقي نتاج سياسات نيوليبرالية متراكمة ومشوبة بفساد ومحسوبية فلكيين. ففي إيران يتسع العجز عن خلق فرص عمل جديدة، وتتنامى نسب البطالة، لا سيما بين الشبيبة وخريجي الجامعات حيث يتراوح العاطلون عن العمل بين 25 و40 في المائة. البلد، بالتالي، أحد أكثر بلدان العالم في بطالة الشبيبة، وفي الفساد، هذا فضلاً عن أزمة الشرعية السياسية التي ظهرتها «الثورة الخضراء» في 2009 رداً على انتخابات مزورة.
المنظومة، إذن، ليست بخير. بقاؤها على قيد الحياة بات يستدعي تعفناً يستلهم كوريا الشمالية، مصحوباً بتصعيد في شعارات النضال والمقاومة والصمود. بقاؤها على قيد الحياة يستدعي رفع بشار الأسد إلى سوية القائد التاريخي الملهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف يغدو بشار الأسد رمز المرحلة ومُلهمها كيف يغدو بشار الأسد رمز المرحلة ومُلهمها



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon