توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان: الجنبلاطيّة المعمّمة

  مصر اليوم -

لبنان الجنبلاطيّة المعمّمة

بقلم : حازم صاغية

اكتسب الزعيم الدرزيّ وليد جنبلاط صفة لم يَنفِها عن نفسه. فهو يتقلّب وينتقل بسرعة فائقة من موقف إلى نقيضه، وهو مستعدّ أن يستعير لكلّ موقف «أفكاراً» ونُتفاً أيديولوجيّة تلائمه، خصوصاً وقد تخلّص منذ بداياته السياسيّة من القيود التي تعيق سيولة المواقف، شأن «الحركة الوطنيّة» التي تزعّمها والده كمال في ظروف مختلفة.

وهذا ربّما كان بعض مردّه إلى شخصيّة جنبلاط، لكنّ المؤكّد أنّ سببه الأوّل والأهمّ كامن في حجم الطائفة الدرزيّة التي يتزعّمها، وما ينجرّ عن ذلك من موقع صعب في توازنات الطوائف، يزيده صعوبةً التوزّع الجغرافيّ للطائفة المذكورة على دول المنطقة.

لكنْ إذا أمعنّا النظر في سياسات قادة الطوائف الأخرى منذ عشر سنوات، وجدنا أنّ الجنبلاطيّة غدت حالة معمّمة. صحيح أنّ الأجسام الأثقل وزناً لهذه الطوائف، تبعاً لأحجامها، تجعل الانتقال بها من مكان إلى آخر مهمّةً أعقد، كما تستلزم أوقاتاً أطول.

 وصحيح أيضاً أنّ طبيعة العلاقة بين التابع والمتبوع تسهّل عمل جنبلاط قياساً بمعظم الزعامات الأخرى. مع هذا، يبقى «القانون» إيّاه سارياً لا يتغيّر.

فالطائفة السنّيّة انتقلت، في ظلّ سعد الحريري، من عداء مطلق مع نظام الأسد، إلى زيارة زعيم الطائفة دمشق في محاولة للتصالح، ثمّ إلى العداء مجدّداً. وقد سبق التقلّبُ ذو الدوافع الإقليميّة التقلّبَ في الخيارات الرئاسيّة، فوقع الخيار الأوّل للحريري على عدوّه سليمان فرنجيّة، وقد يقع اليوم على ميشال عون الذي لا يقلّ عنه عداوة.

أمّا الطائفة الشيعيّة، في ظلّ «حزب الله»، فشهدت تحوّلاً أكبر كثيراً نقلها من اعتبار الصراع مع إسرائيل، وهو علّة الوجود المفترضة، أولويّةً مطلقة، إلى اعتبار الحرب في سوريّة الأولويّة المطلقة. قبل ذلك أمكن للحزب أن «يتفاهم» مع ميشال عون الذي كانت أجواء الحزب وأجواء أصدقائه تتّهمه بما لا يقلّ عن الخيانة والعمالة. ويغلب الظنّ أنّ الحزب يتّبع اليوم سياسة مزدوجة حيال الأخير، واحدة كلاميّة ترشّحه للرئاسة وأخرى فعليّة تعيق وصوله باستخدام حاجز نبيه برّي.

وما يصحّ في الطائفة الشيعيّة يصحّ، على نحو مقلوب، في الطائفة المارونيّة في ظلّ ميشال عون. فهنا أيضاً جاء «التفاهم» مع «حزب الله» مسبوقاً باعتبار الحزب عميلاً للاحتلال السوريّ، فيما كانت أوساط الحزب وحلفائه تتّهم العونيّين الناشطين في الولايات المتّحدة بالتبعيّة للوبيات الصهيونيّة. وقد تعرّض الموارنة، في ظلّ القيادة العونيّة، لانقلاب هائل طال المعاني السياسيّة كلّها تقريباً، من أميركا وإسرائيل إلى سوريّة وإيران.

بمعنى آخر، إذا كان الضعفُ الذاتيّ المصدرَ الذي يفسّر التقلّب الجنبلاطيّ، فإنّ تقلّبات باقي الطوائف تنمّ عن «درزنتها» واحدة بعد الأخرى. فهي كلّها ضعيفة بغضّ النظر عن الأعداد. وحتّى «حزب الله» القويّ كثيراً علينا، إنّما يستمدّ قوّته هذه من مجرّد كونه أداة إقليميّة مطيعة ومطواعة.

وقد يقال إنّ ساسة لبنان الحديث لم يُعرفوا بأنّهم مراجع تقليد في المبدئيّة السياسيّة. مع هذا، كان سياسيّو ما قبل الطائف، وخصوصاً ما قبل حرب السنتين، قابلين للتعريف بألوان يتّسم بها معظم سياساتهم الداخليّة وتحالفاتهم الإقليميّة. يصحّ هذا في رشيد كرامي وصائب سلام وكمال جنبلاط، كما في كميل شمعون وفؤاد شهاب وبيار الجميّل. وهو شيء صار من الماضي تماماً، كما صار لبنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الجنبلاطيّة المعمّمة لبنان الجنبلاطيّة المعمّمة



GMT 10:53 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

الذهنية الطائفية

GMT 11:14 2024 الأحد ,11 آب / أغسطس

فى انتظار الحرب الإقليمية!

GMT 03:09 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

وتُقَدِّرونَ فتضحك الأَقدارُ... إيران وإسرائيل

GMT 03:07 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

حتمية المواجهة الإيرانية ــ الإسرائيلية

GMT 03:43 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

رد أميركي خدم الإيرانيين

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon