توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محمّد حسنين هيكل

  مصر اليوم -

محمّد حسنين هيكل

حازم صاغية

 محمّد حسنين هيكل...
لا يحول تمنّي الشفاء والحياة المديدة لمحمّد حسنين هيكل دون المراجعة النقديّة الهادئة للدور الذي اضطلع به في الحياة المصريّة خصوصاً، ولكنْ أيضاً في الحياة العربيّة. وهو كان دوراً مباشراً وسلطويّاً طوال عقدين ونيّف، قبل أن ينتقل إلى رعاية المعارضة خلال معظم سنوات العهدين الساداتيّ والمباركيّ، ليستقرّ أخيراً عند مباركة عبد الفتّاح السيسي مصريّاً، والتشكيك في الثورات عربيّاً.
لكنّ ما يفوق سواه أهميّة في حياة هيكل أنّها تصلح شهادة على حال الصحافة المصريّة والعربيّة في القرن العشرين، لا شهادة لها. فهو، من دون شكّ، أهمّ الصحافيّين العرب في القرن العشرين، وأشدّهم تأثيراً، أكان في السلطة أو في المعارضة. لكنْ إذا كانت أهميّة الصحافيّ تتأتّى من وقوفه في وجه السلطات السائدة والقيم السائدة، فأهميّة هيكل، أو أهميّته المؤسِّسة لبقية حياته وأدواره، إنّما تصدر عن علاقته الحميمة بجمال عبد الناصر. وإذا جاز التسامح مع صحافة تماهي نفسها مع سلطة ديموقراطيّة تتعرّض لحملات أعداء الديموقراطيّة، فهذا لا ينطبق بتاتاً على السلطة الناصريّة التي عطّلت الصحافة الحرّة وأمّمتها واعتقلت صحافيّين وحرمتهم من الكتابة.
ولسنا في حاجة إلى استعراض أسماء الصحافيّين الغربيّين الذين لمعوا لأنّهم مثّلوا، بالضبط، عكس ما مثّله هيكل، أي وقفوا في الصفّ المقابل لصفّ السلطة وحاولوا بالفعل أن يكونوا «سلطة رابعة» عليها.
وواقع الأمر أنّ هيكل غدا أستاذاً لطريقة في الصحافة غزت العالم العربيّ كلّه، مفادها الدفاع عن حكم وحاكم والتماهي مع سياسات رسميّة بعينها، وهو ما شجّع عليه أنّ الطبقتين العليا والوسطى في مجتمعاتنا لم تتجرّأ على الاستثمار في الإعلام وفي الأفكار، وتالياً في الواقع.
أمّا في حدود إضافته بُعداً ثقافيّاً متواضعاً للحياة الصحافيّة، فكان هيكل، هنا أيضاً، شديد التطابق مع السلطة ومقتضياتها، ناصحاً لها ومبرّراً أفعالها، لا تهمّه المعرفة إلاّ بوصفها أداة لخدمة الوظيفة تلك. فهو كاتب «فلسفة الثورة» في 1954، يوم كانت البدايات الناصريّة في حاجة إلى أيّ كرّاس ترفعه إلى سويّة النظريّة. وهو في 1961 من كتب «أزمة المثقّفين»، داعياً إيّاهم إلى الانخراط في النظام وخدمته، بعيداً من كلّ اعتبار ثقافيّ وقفزاً فوق السجون التي يتعفّن فيها بعضهم. ومن خلال مقالاته الشهيرة التي حملت عنوان «بصراحة»، كان هيكل صوت النظام بالمعنى الذي قيل فيه إنّ الشاعر الجاهليّ محامي قبيلته.
وهو لئن لم يتقلّد من المناصب إلاّ وزارة الإعلام التي شغلها بضعة أشهر في 1970، فقد كان في منصب ظلٍّ يفوق المناصب كلّها أهميّة. فهو نجيّ عبد الناصر وملهمه، أيّد أنور السادات ضدّ علي صبري، ظانّاً أنّ «سيادة النائب» سيمضي على الطريق التي سلكها «سيادة الرئيس»، بحيث يحتاجه جزءاً من شرعيّة عهده. ولمّا اختلف السادات عن عبد الناصر، وتخلّى عن تركته، ردّ هيكل بالمعارضة، ثمّ بكتابه «خريف الغضب» الذي لم يكتم الكره والازدراء له، حتّى اعتبره بعضهم، لا سيّما فصوله الأولى التي تتناول أصول السادات ومنشأه ولونه، كتاباً عنصريّاً.
لقد فقد هيكل مع رحيل عبد الناصر النسغ المغذّي لدوره كصحافيّ عارف أو منظّر. لكنّ الماضي ظلّ يُستحضر كي يخدم الجلال المحيط بشخصه. فحين قامت ثورة يناير، بدت «الأستاذيّة» بوطأتها الأبويّة الثقيلة غريبة عن عالم الشبّان والشابّات في الميدان، وبدا كشف الخفايا والمؤامرات موضع استهجان الضالعين في وسائط التواصل الاجتماعيّ. لكنْ مع تعثّر الثورة وإخفاقها، أعيد الاعتبار لاستشارة «الأستاذ هيكل»، ولم يتردّد بعضهم في ترشيحه أملاً لمستقبل مصر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمّد حسنين هيكل محمّد حسنين هيكل



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon