توقيت القاهرة المحلي 20:12:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روسيا تعسكر القطب الشمالي وتجدد الحرب الباردة!

  مصر اليوم -

روسيا تعسكر القطب الشمالي وتجدد الحرب الباردة

بقلم - هدي الحسيني

منطقة جديدة بدأت تظهر بتوتراتها لتزيد من مشكلات الغرب في مواجهة روسيا. إذ بينما تستعرض روسيا والصين القوة في القطب الشمالي، يعبِّر مسؤولو الأمن الغربيون عن مخاوفهم بشأن استعدادات حلف شمال الأطلسي لمواجهة التهديد. ويوضح إيثان وونغ، زميل أبحاث في مركز المناخ والأمن في واشنطن: «في حين أن القوة لا تزال أقل مما كانت عليه خلال الحرب الباردة، زاد النشاط العسكري الروسي وتحديثه وحولت القدرات في القطب الشمالي ميزان القوى، على عكس الحرب الباردة، ومع ذلك، فإن روسيا هي جهة فاعلة مختلفة ولا يمكن التنبؤ بما تقوم به بشكل متزايد الآن».

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الحشد العسكري الروسي في القطب الشمالي يوقظ التوتر، مما دفع البنتاغون إلى إعادة التفكير في استراتيجيته وتمويله في المنطقة. وتركز روسيا بشدة على القطب الشمالي، فأكثر من نصف (القطب الشمالي) هو في الأراضي الروسية.

ازداد هذا القلق أيضاً بسبب تأثير تغير المناخ، الذي يقول الخبراء إنه لعب دوراً في عسكرة المنطقة. مع ذوبان مزيد من الأنهار الجليدية في القطب الشمالي، أصبحت الطرق البحرية أكثر قابلية للملاحة، مما أدى إلى زيادة عدد البلدان التي تُحوّل انتباهها إلى الممرات البحرية في القطب الشمالي. وذوبان الجليد البحري يجعل المنطقة سهلة للدخول إليها والتحرك فيها، إلا أنه يجعل دول القطب الشمالي أكثر ضعفاً.

وقال وونغ: «توفر المياه القابلة للملاحة فرصاً بشكل متزايد، مثل الشحن البحري، ولكنها تخلق أيضاً مناطق جديدة للمراقبة التي كانت محمية سابقاً بالدفاعات الطبيعية. ويفتح تغير المناخ القطب الشمالي أمام جهات فاعلة جديدة ومزيد من الأنشطة العسكرية والاقتصادية».

لماذا القطب الشمالي مهم؟ يقول وونغ: «تحتوي منطقة القطب الشمالي -التي تُعرف أيضاً باسم المحيط المتجمد الشمالي- على 30 في المائة من الغاز الطبيعي غير المستغَلّ في العالم، و13 في المائة من الاحتياطيات النفطية الكامنة. وتم تقييم الموارد المعدنية في المنطقة -بما في ذلك خام الحديد والنحاس والنيكل وفوسفات الزنك وحتى الماس- بما يصل إلى تريليون دولار». ويضيف: «هذه الثروات وحدها تجعل المنطقة هدفاً مغرياً، ولكن هناك احتمالات أمنية أيضاً. كان دور القطب الشمالي بوصفه طريقاً محتملة للهجوم، يَلوح في الأفق منذ الحرب الباردة».

وأشار وونغ إلى أن «القطب الشمالي أمر بالغ الأهمية للدفاع لأن المنطقة هي عموماً أقصر مسافة بين الولايات المتحدة وأوراسيا، مما يجعلها منطقة هجوم جذاب للخصوم».

خلال حقبة الحرب الباردة، كانت القاذفات والصواريخ السوفياتية تمثل تهديداً، مما دفع الولايات المتحدة وكندا إلى تشكيل قيادة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية (NORAD) في عام 1958 وبناء شبكة من الرادارات والقواعد في جميع أنحاء المنطقة. ولا تزال هذه البنية التحتية القديمة حاسمة اليوم، حيث لا يزال القطب الشمالي يمثل نهجاً استراتيجياً للخصوم المحتملين.

ولأكثر من عقد من الزمن وخبراء الأمن يحذّرون من طموحات روسيا في القطب الشمالي. ففي السنوات الأخيرة، شيَّدت موسكو أكثر من 475 منشأة عسكرية في المحيط المتجمد الشمالي، بما فيها القواعد والمطارات والبنى التحتية للحرب الإلكترونية وأنظمة الدفاع البحري.

الأسطول الشمالي الروسي، ومقره مدينة سيفيرومورسك في القطب الشمالي، يضم أكثر من 30 سفينة وأكثر من 20 غواصة، بما في ذلك الغواصات النووية وغيرها من الغواصات التي تحمل صواريخ كروز طويلة المدى القادرة على الوصول إلى كندا وأميركا. حيث وجَّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغواصات للانخراط في تدريبات مكثفة بعد فترة وجيزة من غزو روسيا لأوكرانيا في أوائل عام 2022.

ويقول وونغ: «بشكل عام، تمتلك روسيا ثلث المرافق العسكرية المخصصة في القطب الشمالي، أكثر من حلف شمال الأطلسي، وفقاً لبيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية».

وذكرت وكالة «رويترز» أن الغرب يحتاج إلى ما لا يقل عن 10 سنوات للحاق بالجيش الروسي في المنطقة، إذا اختار فعل ذلك.

ويوضح وونغ أن «ما تفعله روسيا في القطب الشمالي مثير للقلق لأن روسيا تطوِّر القدرة على فرض ما تعده منطقة القطب الشمالي الصحيحة». إلى جانب عضلاتها العسكرية في القطب الشمالي، قدمت روسيا مطالبات إقليمية واسعة في المنطقة، بما في ذلك القطب الشمالي وطريق البحر الشمالي الحيوي، وهو ممر شحن يقصّر بشكل كبير مسافات السفر بين آسيا وأوروبا.

ويقول وونغ إنه «عندما يتعلق الأمر بطريق البحر الشمالي، فإن لدى الولايات المتحدة خيارات محدودة لتحدي سيطرة روسيا». لم تصادق الولايات المتحدة أبداً على معاهدة قانون البحار التابعة للأمم المتحدة، تاركةً إياها على هامش النزاعات، وأشار وونغ إلى أنه في حين أن الولايات المتحدة يمكن أن ترسل سفناً إلى الممر، في تحدٍّ قائم على حرية الملاحة في المياه الدولية، فإن «مثل هذه العملية ستكون مواجهة مباشرة بالنظر إلى قرب الطريق من الأراضي الروسية».

الدور الصيني

في العام الماضي، عززت روسيا نفوذها في المنطقة من خلال تشكيل شراكة في القطب الشمالي مع الصين، تركزت على تطوير البنية التحتية على طول طريق القطب الشمالي. وبنَت الصين وروسيا بالفعل علاقة أوثق منذ غزو أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022؛ ويرى المحللون أن تعاونهما في القطب الشمالي له علامة أخرى على تعميق علاقاتهما الاقتصادية والاستراتيجية. إذ أجرت الصين وروسيا تدريبات مشتركة في القطب الشمالي مرتين في الأشهر العشرين الماضية، وأعربتا عن اهتمام مشترك باستغلال موارد المنطقة القطبية.

وفي هذا الصدد قال وونغ: «على الرغم من كونها دولة غير قطبية، فإن الصين فاعلة وجادة في المنطقة وشاركت في أنشطة اقتصادية وعلمية ودبلوماسية وعسكرية للوصول والتأثير في القطب الشمالي لتحقيق طموحاتها في أن تصبح قوة قطبية».

وأضاف وونغ أن «العوامات الصينية في القطب الشمالي التي تراقب الصفائح الجليدية يمكن استخدامها أيضاً لتتبع حركة الغواصات الأميركية. ويمكن لسفن الأبحاث الصينية إجراء أبحاث قطبية ولكن أيضاً استطلاع تحت سطح البحر. وتبني الصين حالياً أيضاً ثلاث كاسحات جليد، وهي خطوة تهدف إلى فتح طريق بحر الشمال للشحن التجاري وزيادة تعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا». وأعرب محللو الأمن عن قلقهم من أن واشنطن وشركاءها في حلف شمال الأطلسي غير مجهزين لمواجهة التهديد الروسي - الصيني في المنطقة. إذ لا توجد دولة عضو في حلف شمال الأطلسي لديها سفن للجليد ذات قدرات مضادة للطائرات ومضادة للغواصات.

ويختم وونغ بأن «التوترات السياسية المتزايدة بين الغرب وروسيا لم تثرِ سوى مخاطر الصراع في هذا الجيب الاستراتيجي للكوكب، وهو مكان كان في يوم من الأيام مجالاً للتعاون بين روسيا والغرب».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا تعسكر القطب الشمالي وتجدد الحرب الباردة روسيا تعسكر القطب الشمالي وتجدد الحرب الباردة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon