توقيت القاهرة المحلي 21:37:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استراتيجية روسية ـ صينية لدعم مواجهة أميركا اقتصادياً وعسكرياً!

  مصر اليوم -

استراتيجية روسية ـ صينية لدعم مواجهة أميركا اقتصادياً وعسكرياً

بقلم - هدي الحسيني

تقول بعض المصادر المطلعة في أوروبا إن القمة الروسية الصينية التي انعقدت في موسكو في العشرين من هذا الشهر، كان مخططاً لها أن تعقد في بكين بزيارة يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على رأس وفد من الوزراء والفعاليات الاقتصادية، إلا أنه تم تغيير البرنامج وحصلت القمة بزيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى موسكو لأسباب قيل إنها تعود إلى ضرورة بقاء الوزراء والمسؤولين الروس قريباً من مراكزهم لدقة الأوضاع الراهنة بسبب حرب أوكرانيا.
إلا أن المصادر نفسها قالت إن التغيير الذي حصل كان بطلب خاص من الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي اتصل ببوتين وأخبره أن زيارته إلى روسيا ستكون رسالة واضحة لحلف الناتو عن مدى دعم بلاده لروسيا ووقعها سيكون أقوى بكثير من زيارة يقوم بها الرئيس الروسي لبكين التي من المؤكد سيتم تفسيرها على أنها لطلب المعونة.
وقد ترأس جينبينغ وفداً من 250 عضواً يمثلون كل أنشطة الدولة من تجارية وصناعية إلى مالية ودفاعية وطاقة وبناء ونقل… وقد فاق عدد مرافقي الرئيس الصيني الألف شخص مع الدبلوماسيين والمترجمين والإعلاميين ورجال الأمن. ودامت الزيارة خمسة أيام حرص خلالها المضيف على إبراز عمق العلاقة بين البلدين وإظهار فائق المودة الشخصية بين الرئيسين. وبعيداً عن المظاهر الاحتفالية عمل الوفد الصيني على توقيع العقود في شتى المجالات، ولعل أهمها عقود تجارية بقيمة 190 مليار دولار وإعلان وزير المال الروسي أنطون سوليانوف أن جميع العقود ستتم باليوان الصيني الذي أصبح يشكل 48% من سلة العملات الأجنبية لروسيا. كما تم الاتفاق على تسريع إنشاء خط سيبيريا 2، الذي ينتظر أن يمر فيه 50 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً نحو الصين، وبهذا يتم التعويض عن توقف تصدير الغاز إلى أوروبا.
ولافتاً كان الانتقاد الصيني للناتو وتدخله في شؤون الدول.
الواضح أن روسيا اليوم تعتمد بشكلٍ رئيسي على الصين اقتصادياً وسياسياً وحتى عسكرياً ولو بشكل غير معلن. فالصين هي الملاذ الآمن للدب الروسي الذي تطوله العقوبات من كل حدب وصوب، وهي المستورد الأكبر لكي لا نقول الأوحد للغاز والنفط والمعادن والمواد الزراعية، حيث لا يجرؤ الآخرون على استيراد الإنتاج الروسي لكي لا تطولهم العقوبات. ولكن من ناحية أخرى ما يعني الصين في نهاية المطاف ليس دعم روسيا التي حجم اقتصادها يقل عن حجم اقتصاد إيطاليا بقدر ما هو وراثة روسيا الاتحاد السوفياتي. فمن خلال مقدرتها على التأثير على القرار الروسي أصبح العملاق الآسيوي قوة لا بد من الاعتراف بها أوروبياً ودولياً.
في مداخلة لهنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي السابق ومهندس العلاقة الصينية - الأميركية في يوليو (تموز) الماضي ضمن المؤتمر السنوي لمعهد ويلسون في نيويورك، يقول، وهو الخبير الأهم في شؤون الصين، إن ما تريده الصين هو اعتراف دولي وبالأخص أميركي بأنها دولة عظمى في عالم بقطبين، ويكمل كيسنجر بأن مسار الصين التوسعي لا يمكن إيقافه وأن تعامل بلاده معها هو خاطئ وغير مجد، وتمنى لو استشارته الإدارات المتعاقبة، لأنه كان سينصحها بعدم المواجهة بل بالتعاون كما حصل عندما فتح جدار الصين في سبعينات القرن الماضي وبنى جسوراً مع الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ووزير خارجيته شو إن لاي، وبهذا أنهى صراعاً مكلفاً للولايات المتحدة في فيتنام وجنوب شرق آسيا.
بعد ترحيب حار على مدرج المطار، ركزت كاميرات التلفزيون الحكومية الروسية ليُسمع شي جينبينغ يقول لبوتين إنه يتوقع إعادة انتخابه العام المقبل.
قبل رحلته، وقّع شي «مقال رأي» في شكل رسالة مفتوحة في وسائل الإعلام الحكومية الروسية وصف علاقة البلدين بأنها علاقة «الصداقة والتعاون والسلام». دعت الرسالة إلى زيادة التبادلات الاقتصادية والتبادلات الشعبية بين الصين وروسيا، ولكنها تضمنت أيضا فقرتين عن الحرب. أكد شي على أهمية احترام «المخاوف الأمنية المشروعة لجميع البلدان»، مع تكرار التصريحات الواسعة الأخرى التي أدلت بها بكين من قبل.
يأتي حذر الغرب جزئيا من قرب بكين الواضح من موسكو. على الرغم من ادعاءاتها بالحياد، حافظت الصين على دعمها لروسيا في شكل مشتريات من الطاقة والحماية الدبلوماسية في الأمم المتحدة. كانت هناك تقارير تفيد بأن الصين تزود روسيا بمعدات عسكرية غير فتاكة، وحذرت الولايات المتحدة الصين من المضي قدما من خلال توريد الأسلحة. منذ اندلاع الحرب، زادت التجارة الثنائية بنسبة 36 في المائة. وواصلت الدولتان تدريباتهما العسكرية المشتركة في أماكن مثل المحيط الهندي وبحر العرب.
لكل هذه الأسباب، لا تعتبر الصين في نظر الغرب وسيطا موضوعيا عندما يتعلق الأمر بالحرب في أوكرانيا. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا يمكن تصورها تلعب دورا أساسيا في أي مفاوضات في نهاية المطاف.
كانت كييف، على الرغم من تشككها، أكثر تقبلا لخطة الصين المكونة من 12 نقطة من الولايات المتحدة، قائلة إنها كانت مفتوحة الصدر لأجزاء منها. قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يريد مناقشة الخطة مع شي.
بعد كل شيء، يحتاج بوتين إلى شي أكثر مما يحتاج شي إلى بوتين. منذ بدء الحرب، أصبحت روسيا معزولة بشكل متزايد سياسيا واقتصاديا، وتأتي الصين باستمرار لإنقاذها. في هذه العملية، جعلت روسيا الشريك الصغير والطالب المساعدة في علاقتهما.
علاوة على ذلك، لا تدعم بكين موسكو انطلاقا من العلاقات التاريخية العميقة أو القيم المشتركة، بل على العكس من ذلك، فإن الصداقة الحميمة على «مستوى السطح» بين الزعيمين تحجب التنافس التاريخي بين البلدين. علاقتهما هي علاقة تقوم على مشاركة عدو مشترك - الولايات المتحدة.
أظهر اجتياح أوكرانيا أن هناك في الواقع حدودا «لصداقة الصين وروسيا البدون حدود»، كما وصفا علاقتهما قبل أسابيع فقط من الاجتياح الروسي. وجدت بكين نفسها مدفوعة إلى زاوية دبلوماسية، مع عواقب سياسية واقتصادية محتملة بغض النظر عن المسار الذي تختاره.
إن الوقوف مع موسكو للنهوض بهدفهما المتبادل طويل الأجل المتمثل في إضعاف الغرب سيكون في نهاية المطاف غير متوافق مع تعميق العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، إنها أولوية للصين وهي تخرج من سياستها «صفر كوفيد».
يأمل البعض في أوروبا أن تأثير الحرب على مكانة الصين يمكن أن يفوق في نهاية المطاف فوائد شراكة شي مع بوتين. معظمهم أكثر حذرا ويشككون في أن هذه الصداقة غير المتكافئة ستترجم إلى سلام لأوكرانيا. من وجهة النظر هذه، قد تستخدم الصين نفوذها، ولكن ليس في السعي لتحقيق السلام. بدلا من ذلك، ستكون المصالح الجيوسياسية والاقتصادية للصين أولوية بكين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استراتيجية روسية ـ صينية لدعم مواجهة أميركا اقتصادياً وعسكرياً استراتيجية روسية ـ صينية لدعم مواجهة أميركا اقتصادياً وعسكرياً



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
  مصر اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 02:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
  مصر اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 23:55 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

GMT 17:36 2024 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

الإعلامية مروة صبري تهاجم مها أحمد

GMT 07:16 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

نخر الأنف قد يساهم في خطر الإصابة بمرض ألزهايمر

GMT 22:12 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

ريهام سعيد تحذف صورها وتوجه رسالة لطبيب التجميل

GMT 06:22 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

وحيد .. هل يقلب الهرم؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon