توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان!

  مصر اليوم -

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان

بقلم - هدي الحسيني

لا شك في أن كل الأنظار تتجه إلى التطورات في الشرق الأوسط، والوضع بين روسيا وأوكرانيا؛ لكن هناك بلداً آخر يحتاج إلى بعض الاهتمام الدولي، إذ بدأ كثير من الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان الأميركيين يجادلون بأن الوقت قد حان للولايات المتحدة للعودة إلى أفغانستان، وبالذات العودة إلى الحوار مع الحكومة التي تقودها «طالبان» في كابل.

بعد أكثر من عامين على مغادرة الولايات المتحدة أفغانستان، أصبحت البلاد معزولة؛ حيث تقود «طالبان» حكومة لا تسمح بالحقوق الأساسية للمرأة. كما أن أفغانستان هي أيضاً مجتمع تُرِك في حالة من الفوضى مع عشرات الأفغان الذين أُجبروا على الفرار من منازلهم، والمجتمعات التي تعاني المجاعة، وتُرِك كثيرون يلتقطون ما انهار بعد زلازل عدة في الأشهر الأخيرة. فإذا استمر هذا الوضع ولم يتمكن نظام «طالبان» من الانضمام إلى المسرح العالمي، فقد تكون الآثار بعيدة المدى في تأثيرها.

ومن ضمن الآثار المحتملة على مجتمع الأعمال، إذا تمكنت الأنظمة الاستبدادية من توسيع نفوذها في المنطقة. وبالنسبة إلى واشنطن وأقرب حلفائها إذا أعادت الجماعات الإرهابية تشكيلها، وشنت هجمات من أفغانستان. والملاحظ بالفعل كيف تطور الصين وروسيا العلاقات مع «طالبان»، والنشاط الإرهابي الناشئ في المنطقة مع «داعش- خراسان» ومقره أفغانستان الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم 22 مارس (آذار) الماضي في موسكو، الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 140 شخصاً، والهجوم الذي وقع في إيران في وقت سابق من هذا العام، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 100 إيراني.

الآن، ومع الانتخابات الرئاسية الأميركية الوشيكة، ترتفع أصوات في أميركا للمحاولة مرة أخرى مع أفغانستان، وإعادة تركيز الجهود؛ ليس على ما ينبغي أن تكون عليه أفغانستان؛ بل على ما يمكن أن تصبح عليه، بالمعنى الأفغاني، استناداً إلى نظام القيم والمعايير الخاصة بها، وليس المثل العليا الغربية: أمةً يمكن للغرب التعامل معها، وإن كان ذلك تحت ضغط محدود ومع ضغط دولي، تحترم المرأة بشكل مثالي، وتنهي انتهاكات حقوق الإنسان، وبلداً يمكن العمل معه لمنع بلدان مثل الصين وروسيا من توسيع نفوذها، ومنع الإرهابيين من إعادة تجميع صفوفهم والشروع في هجمات عالمية.

يواجه الأفغان أيضاً تحديات اقتصادية شديدة، وجهود إعادة بناء ضخمة في أعقاب كثير من الكوارث، بما في ذلك الزلازل، والترحيل القسري من البلدان المجاورة، ومنها باكستان وإيران؛ إذ اعتمدت الحكومة الأفغانية على الشركاء الدوليين للبقاء على قيد الحياة؛ حيث تغطي المنح المقدمة من الشركاء الدوليين 75 في المائة من نفقات التمويل الحكومية، بعد الغزو الأميركي في عام 2001. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قدمت أكثر من مليار دولار من المساعدات منذ مغادرتها، فإن هذه الالتزامات لا تلبي الاحتياجات الإنسانية للبلاد. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعيش جميع الأفغان تقريباً الآن في فقر، كما تقلص الاقتصاد بنسبة تصل إلى 30 في المائة، مع فقدان أكثر من 700 ألف وظيفة.

تواجه البلاد أيضاً تدفقاً لأكثر من مليون عائد، بعد أن أعلنت باكستان في أواخر العام الماضي أن المهاجرين الأفغان لم يعودوا موضع ترحيب. ويجادل المسؤولون الباكستانيون بأن إجراء طرد «جميع الأجانب غير المسجلين» ضروري لمنع تأثير الجماعات الإرهابية العاملة في المنطقة الحدودية. وفي حين يجادل المحللون بأن هذه الخطوة من المرجح أن ترجع إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في باكستان، يظهر الخوف الأميركي الحقيقي من ازدياد نفوذ الصين وروسيا في أفغانستان والإرهاب.

الصين وروسيا من بين عدد قليل من الدول التي تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع «طالبان». ففي سبتمبر (أيلول) 2023، أصبحت الصين الدولة الأولى التي ترسل سفيراً جديداً إلى أفغانستان، منذ استيلاء «طالبان» على السلطة. كما دعت موسكو مسؤولي «طالبان» إلى المنتديات الاقتصادية، ومناقشة المشاريع المشتركة. وقبلت الصين أيضاً أوراق اعتماد سفير «طالبان» في بكين، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إنه «لا ينبغي استبعاد أفغانستان من المجتمع الدولي». ومع ذلك، كرر التأكيد على أنه يجب على «طالبان» تشكيل حكومة شاملة، واتباع سياسات «معتدلة وحكيمة» وإظهار التزام راسخ بمكافحة الإرهاب.

في العام الماضي، أعرب مسؤولو «طالبان» عن اهتمامهم بالانضمام إلى «مبادرة الحزام والطريق» الصينية؛ حيث قال وزير التجارة في «طالبان»: «يجب على الصين التي تستثمر في جميع أنحاء العالم أن تستثمر أيضاً في أفغانستان... لدينا كل ما يحتاجونه، مثل الليثيوم والنحاس والحديد». وتمتلك أفغانستان ثروة من الموارد المعدنية المرغوبة، وتعمل شركات صينية كثيرة بالفعل في البلاد، ولديها خطط لتطوير منجم كبير للنحاس.

على الرغم من الماضي المهتز مع «طالبان»، بعد الانسحاب الأميركي، قررت الحكومة الروسية الحفاظ على سفارتها في كابل، وأصبح السفير الروسي ديمتري زيرنوف أول دبلوماسي أجنبي يلتقي بممثلي «طالبان». وبعد الاجتماع، بدأت «طالبان» في توفير الأمن للسفارة الروسية. وظل المسؤولون الروس متعاطفين مع خطاب «طالبان» المعادي للغرب، وقلقين بشأن الإرهاب الناشئ في أفغانستان.

تهتم موسكو أيضاً بخط أنابيب الغاز بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند، والسكك الحديدية العابرة لأفغانستان التي تربط أوزبكستان وباكستان. ووعدت روسيا بتزويد أفغانستان بالبنزين والديزل والغاز الطبيعي المسال والقمح كل عام؛ لكن مصادر «طالبان» ذكرت أن عمليات التسليم الفعلية أقل بكثير مما وعدت به.

وفي الوقت نفسه، خشي خبراء الإرهاب الدوليون من أن رحيل الولايات المتحدة عن أفغانستان سيسمح مرة أخرى للمنطقة بأن تصبح مرتعاً للنشاط الإرهابي. وعلى الرغم من وجود هجمات أقل بنسبة 75 في المائة في أفغانستان عام 2022 مقارنة بالعام السابق، على الأرجح بسبب رحيل القوات الأجنبية، فلا يزال مؤشر الإرهاب العالمي يصنف أفغانستان على أنها أخطر دولة في العالم.

على الرغم من أن «طالبان» قاتلت منذ فترة طويلة ضد توسع «داعش- خراسان» في أفغانستان؛ حيث تشترك المجموعتان في آيديولوجيا معارضة، وجد تقييم «البنتاغون» لعام 2023 أن «داعش- خراسان» يستخدم أفغانستان قاعدةً لتخطيط وتنسيق الهجمات في جميع أنحاء العالم، وتدَّعي الأمم المتحدة أن «القاعدة» و«داعش- خراسان» يكتسبان القوة. ويقول مسؤولو «طالبان» إنهم يعملون على القضاء على «داعش- خراسان»، وفي مايو (أيار) 2023، وافقت «طالبان» على العمل مع باكستان على تحسين الأمن على طول حدودهما المشتركة.

ومع ذلك، يكاد يكون من المؤكد أن «طالبان» تحافظ على علاقاتها الطويلة الأمد مع «القاعدة» ولا تزال تسمح للمجموعة بأن يكون لها وجود في البلاد. ويقول محدثي إن الذين يسوِّقون الآن للاعتراف بـ«طالبان» يرون أنه: «لم يكن تشكيل ديمقراطية ذات ميول غربية في أفغانستان ضمن الأوراق أبداً. واجهنا بعض الدروس الصعبة في السنوات العشرين الماضية، لذلك دعونا نتعلم منها. تحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى إيجاد طريقة للتحدث إلى «طالبان» بطريقة أقل عنا وعن مثلنا العليا وأكثر عنها. من الممكن إيجاد حل يروق لجميع الأطراف، ولكنه يتطلب الإبداع والتفاهم والحوار». ويضيف: «في حين أنه من غير المرجح أن نرى حكومة ديمقراطية ذات ميول غربية في كابل، فربما تكون الحكومة الأفغانية -حتى الحكومة التي تقودها (طالبان)- التي توفر الحقوق الأساسية لمواطنيها، وتمنع التوسع الصيني والروسي في المنطقة، ولا تسمح للإرهابيين بالحصول على موطئ قدم في البلاد، كافية. أو على الأقل قد يكون كافياً للحكومة التي تقودها (طالبان) الحصول على اعتراف من المجتمع الدولي».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon