توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب!

  مصر اليوم -

معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب

بقلم : هدى الحسيني

إنها أيام حرجة يمر بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ فهو يواصل توسيع سيطرته على سوريا بعد نجاح قواته في استعادة السيطرة على الجنوب. وخاتمة استيلاء قواته على إدلب، أي المرحلة الأخيرة في عملية الإطاحة بالمتمردين في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في قلب سوريا وإخراجهم من دمشق وحلب وحمص نحو الضواحي لها أهمية رمزية؛ ذلك إن استعادة السيطرة على منطقة دمشق ستمكّن النظام السوري من تسريع جهوده للتعامل مع القضايا الداخلية حتى قبل أن تستقر سوريا بأسرها.

واحدة من القضايا الداخلية العاجلة التي يتعين على الأسد التعامل معها هي انتشار التشيع في سوريا؛ فهذه تشكل تهديداً مباشراً لمؤسسات الحكومة السورية العلمانية، وبالتالي يجب أن تكون مصدر قلق كبير للقيادة السورية. وعلى الرغم من حقيقة استمرار الأسد في رؤية إيران شريكاً استراتيجياً، ويعتمد عليها في الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي، فمما لا شك فيه أنه يودّ الحد من الوجود الإيراني في بلاده، وبخاصة بالنظر إلى التقارير المقلقة، التي لا تتردد وسائل الإعلام السورية المحلية في الحديث عنها، والمتعلقة بترسيخ الثقافة الشيعية الدينية في سوريا.

بدأت الرئاسة السورية تدرك مدى هذه الظاهرة، ويعتقد البعض أن نطاقها أوسع مما تم الكشف عنه صراحة حتى الآن. أصبحت الطريقة واضحة: الحصول على الدعم الشعبي من أجل تجنيد المواطنين وتحويلهم إلى شيعة. تكشف وسائل الإعلام السورية أن إيران تبني المدارس الدينية، والحسينيات، فضلاً عن العيادات الصحية والمستشفيات الميدانية، ومكاتب منظمات الإغاثة في مناطق مختلفة من سوريا. ويؤكد إعلان صادر عن المجلس الأعلى للقبائل في سوريا (المجلس العالي للعشائر والقبائل السورية)، أن إيران تركز على السكان الفقراء وغير المتعلمين، وتكسبهم من خلال تقديم المساعدة ودفع مرتبات ما بين 300 و800 دولار لأولئك الذين ينضمون إلى الميليشيات الشيعية.

ووصف أحد التقارير ست قواعد عسكرية في سوريا بناها الحرس الثوري الإيراني لتجنيد الصغار في دير الزور وفي شمال غربي دمشق. وقال أحد المجندين، إن رجل دين شيعياً تجول في أنحاء المنطقة ووعد بدفع راتب 300 دولار، بالإضافة إلى الطعام لأولئك الصغار الذين ينضمون إلى معسكرات التدريب. في المخيمات خضع الصغار لدورة مكثفة لمدة 40 يوماً شملت التدريب على الأسلحة الخفيفة، والآيديولوجيا، والدين والتحريض ضد السنة وضد دول الخليج. وتشير التقديرات إلى أنه تم تجنيد ألف منهم، لكن البيانات قد تكون غير صحيحة، والرقم أعلى بكثير.

ووفقاً لشهادات محلية، فقد قام 250 منهم، من بلدات الميادين والبوكمال بالتسجيل في المدارس الإيرانية لتعلم اللغة الفارسية والفقه الشيعي، وكذلك أنشأت قوات «فيلق القدس» مركز تجنيد في الميادين، حيث انضم العشرات من الشباب بسبب ظروف معيشية متدهورة.
وبغض النظر عن القطاعات الفقيرة وغير المتعلمة والشبابية، بدأت إيران بالتركيز على قطاع مهم آخر: النساء العزَبات والأرامل؛ إذ تحاول إيران الحصول على تعاطف عسكر النظام، والمرتزقة من بلدان أخرى، عن طريق ترتيب زيجات. يتم سَن الزواج من خلال اتفاق بين رجل وامرأة وهو ملزم قانوناً. ووفقاً لتقارير مختلفة، هناك في سوريا 20 مكتباً سرياً يعطي الإذن بهذه الاتفاقات، وتدير المكاتب ميليشيات شيعية تهدف إلى توسيع نطاق هذا النمط. وحسب تلك التقارير، تحاول إيران إغراء العائلات بإرسال بناتها إلى مكاتب الزواج من هذا النوع بوعود بأنهن سيتزوجن وفقاً للشريعة الإسلامية الصحيحة. ولاحقاً يتم إرسال الفتيات إلى مناطق بعيدة عن عائلاتهن ومعارفهن.

من أجل تعزيز التشيع في سوريا، تستخدم قوات «فيلق القدس» كل مواردها في المعركة الدينية التي تتزايد زخماً وتوسعاً.

من جهته، يستخدم «حزب الله» سيطرته على جنوب سوريا، وهي منطقة يسكنها الدروز، لنشر الفكر الشيعي بين الناس. منذ اندلاع الحرب في سوريا يعاني السكان الدروز من ظروف مالية قاسية، وتزعم مصادر محلية أن «حزب الله» يستغل هذه الصعوبات. وكقاعدة عامة، هناك علاقة مباشرة بين الوجود الفعلي للميليشيات الشيعية الأجنبية وتسريع التحول إلى الشيعة. وحيثما توجد القوات الشيعية سيتم تشجيع السكان السوريين على التشيع.

كل هذه الأمور ليست بريئة. فالإيرانيون يخططون كل شيء، ويقومون بالحسابات تفصيلياً. إنهم يستخدمون الخداع للاستفادة من أضعف الجماعات السكانية في سوريا، كما يستغلون غض طرف النظام السوري عن الأمر.

قبل فترة نشر المجلس الوطني للمعارضة الإيرانية تقريراً حول مراكز في سوريا تعمل كمؤسسات دينية وتعليمية يشرف عليها مباشرة مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي. وهذا يعني أن تشييع سوريا هو هدف كبار المسؤولين المخططين في إيران، الذين يعتقدون أن الاحتلال الثقافي هو عامل مهم في الترسيخ في سوريا. إن الترسيخ الديني إضافة إلى ترسيخ البنية التحتية العسكرية والاقتصادية ينقل رسالة واضحة للأسد: نحن هنا لنبقى.

لدى خامنئي واللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» خطط جادة لمواصلة وجودهما في سوريا على المدى الطويل، وتواصل إيران تعزيز وضعها كقوة إقليمية بكل الطرق الممكنة.

وعودة إلى القصر الرئاسي، إنه وقت حاسم للأسد. لأنه بعد أن استقر نظامه وأصبح أقوى، لم يعد بإمكانه تجاهل الأشياء التي كان يتجاهلها خلال السنوات القليلة الماضية. إن النشاط الديني الإيراني في مواجهة السكان المحليين هو بمثابة جريمة كبرى غير مشروعة تقوض السيادة السورية، وبالتالي على الرئيس السوري أن يقدم استجابة لا لبس فيها؛ فدمشق، عاصمة الأمويين، لن تتسامح مع محاولات التشيع في سوريا. وتشير تقارير مختلفة إلى أن الأسد أصدر تعليماته للمسؤولين بإغلاق مدرسة «البصيرة» في حلب، حيث درس عشرات الآلاف من الناس مبادئ الشريعة الدينية الشيعية الفارسية. وكما علق مراقبون، فإن هذه خطوة مهمة في التوازن الدقيق للمصالح بين دمشق وطهران، لكنها ليست بكافية. إن جرأة سليماني لنشر الآيديولوجيا الشيعية الفارسية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد هي دعوة استيقاظ لكبار مسؤولي النظام السوري.

لقد تعب المواطنون السوريون من حروب دموية مدمرة، ويبحثون عن الأوضاع الطبيعية بغض النظر عمن يقدمها. طوال سنوات الحرب المستمرة كان الشعب السوري هو الذي دفع الثمن الأعلى. وظل هذا الشعب نفسه اعتباراً ثانوياً في صراعات السلطة الداخلية في البلاد عبر معارك ما بين الأسد والثوار في جميع أنحاء سوريا، وبين إيران وتنظيم «داعش» على الحدود السورية - العراقية، وما بين الأكراد وتركيا على الحدود السورية - التركية. ويجب ألا ننسى الدور الروسي في الداخل، والإيراني بميليشياته المتنوعة، إضافة إلى قوات «الحرس الثوري»، حتى لو أصرت إيران على تسمية كل هذه القوافل «مستشارين» طلبتهم القيادة السورية.

لقد عانى الشعب السوري كثيراً من الجميع، لكن اليوم صارت له أهمية في المعركة الأهم، إنها المعركة من أجل هوية سوريا التي لا تزال تعرف بقلب العروبة!

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon