توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوراق روسيا الثلاث في حرب غزة!

  مصر اليوم -

أوراق روسيا الثلاث في حرب غزة

بقلم - هدي الحسيني

في العام الماضي، انضم الكرملين إلى الحكومات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مستوى العنف على أنه «مرتفع جداً من كلا الجانبين».

لم يضع بوتين اللوم على «حماس» أو إسرائيل، ولكن على «فشل سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط». كما خمن أن الأسلحة الغربية التي كانت متجهة إلى أوكرانيا، قد انتهى بها الأمر في إسرائيل لاستخدامها ضد الفلسطينيين عبر السوق السوداء.

أيضاً في أواخر العام الماضي، مدح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما قارن بين حرب إسرائيل على «حماس» في غزة والغزو الروسي لأوكرانيا.

وأدان العديد من المعلقين والمحللين والسياسيين الروس البارزين ما أسموه «المعايير المزدوجة» للغرب لدعم إسرائيل مع إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا. ومن المؤكد أن الصراع المتأجج بين إسرائيل و«حماس» يعدّ بمثابة نعمة لبوتين.

ومع ذلك، يسير بوتين على خط رفيع بين الطرفين المتحاربين. وبالنسبة إليه، فإن الحرب في الشرق الأوسط بمثابة فرصة ناضجة ليس فقط لإدانة واشنطن وتقويضها في النظام الدولي، ولكن أيضاً للظهور بوصفه وسيطاً لوقف التصعيد، وإعادة تأكيد نفسه لاعباً بارزاً في المنطقة.

في وقت لاحق، كما يقول المحللون، ستستفيد روسيا بأكثر من طريقة، فإدانة الولايات المتحدة عند الرأي العام العربي الآن تعدّ مكافأة لروسيا، ويرى بوتين أن الصراع في غزة طريقة فاعلة لإلحاق الضرر بمكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ومن المرجح أنه على استعداد لقبول بعض المطبات في الطريق مع إسرائيل باعتبارها وسيلة لإيذاء الولايات المتحدة؛ لأنه بالنسبة إلى روسيا، فإن توسيع النفوذ الروسي في العالم العربي على حساب الولايات المتحدة هو الهدف الرئيسي المتعلق بصراع غزة.

وهناك فائدة أخرى لبوتين من هذه الحرب هي أنها تصرف انتباه الغرب عن الصراع المستمر في أوكرانيا، وتجبر الحكومة الأميركية والعواصم الأوروبية على اتخاذ قرارات صعبة حول كيفية توجيه مواردها المحدودة بين حليفتين محتاجتين: إسرائيل وأوكرانيا.

إن فكرة تحويل الولايات المتحدة بعض الأسلحة المخصصة لكييف إلى الشرق الأوسط بدلاً من ذلك، تعني أيضاً انتصاراً آخر للكرملين. فكلما طالت فترة حرب الشرق الأوسط، زادت فرص احتياج إسرائيل إلى أسلحة أميركية، بما في ذلك قذائف المدفعية والطائرات من دون طيار المسلحة، والتي تعاني أوكرانيا أيضاً من نقص منها. ووفقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ستكسب روسيا أيضاً من خلال إغراق أوروبا بالتناحر حول من وكيف تدعم طرفاً أو آخر في الشرق الأوسط.

وقال زيلينسكي: «روسيا مهتمة بإشعال حرب في الشرق الأوسط حتى يتمكن مصدر جديد للألم والمعاناة من تقويض الوحدة العالمية، وزيادة الخلاف والتناقضات، وبالتالي مساعدتها على تدمير الحرية في أوروبا».

وبصفتها منتجاً عالمياً بارزاً للنفط، ستزدهر روسيا من ارتفاع أسعار النفط الخام وسط تقلبات الشرق الأوسط، مما يزيد بشكل أساسي من قيمة صادراتها ويتيح المزيد من الأموال لأغراض الدفاع.

وهناك انقلاب مفيد آخر لبوتين هو افتراض أن الحرب من المرجح أن تكون قد أوقفت، أو ربما دمرت، جهود إدارة بايدن الطويلة لتطبيع العلاقات العربية - الإسرائيلية. لطالما كان الرأي في موسكو بشأن اتفاقات أبراهام أنها مشروع خلافي، يساهم في هيمنة الولايات المتحدة ويدفع روسيا للخروج من هذا التشكيل.

وسعت موسكو أيضاً إلى تعزيز علاقات دبلوماسية قوية مع «حماس» نفسها، والتي لا تعدّها منظمة إرهابية. وأكدت وزارة الخارجية الروسية في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن وفداً من «حماس» التقى بمسؤولين في موسكو لمناقشة الحرب في غزة. ومن بين الرهائن الذين لا يزالون لدى «حماس» ثمانية مواطنين إسرائيليين روس مزدوجي الجنسية.

ويلفت أحد الخبراء العسكريين الانتباه من أوكرانيا إلى إسرائيل، ويقول إنه كلما زاد الدعم الاقتصادي والعسكري لإسرائيل من الحلفاء الغربيين، وبخاصة الولايات المتحدة، أصبح الأمر متاحاً أقل لدعم أوكرانيا في المستقبل. وقال: «هذا يمنح روسيا، وتحديداً بوتين، الفرصة لمحاولة الظهور بوصفه صانع سلام». وأضاف: «يمكنك أن ترى محاولته في هذا بالفعل من خلال جلب وفد من (حماس)، وكذلك في إدانة روسيا لحملة الضربات الجوية الإسرائيلية على غزة».

من جهة أخرى، كشفت الاستخبارات الأميركية مؤخراً أن مجموعة «فاغنر»، تعتزم إرسال دعم لـ«حزب الله» في لبنان، (وهو عدو لدود لإسرائيل على جبهتها الشمالية)، وهو عبارة عن نظام دفاع جوي قصير المدى موجود حالياً في ترسانة الجيش السوري.

وكان لوحظ أن بوتين تأخر في الإعراب عن تعازيه لنتنياهو في مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي في الهجمة الأولية من قبل «حماس». وفي الوقت نفسه، كانت «حماس» تمجد «صداقتها» مع روسيا، حتى إن موسكو استضافت وفداً من مسؤوليها مباشرة تقريباً، مما أثار ذعر إسرائيل إلى حد كبير. ومع ذلك، كان بوتين يحاول وضع موسكو وسيطاً أو وسيطاً محتملاً بين «حماس» وإسرائيل. من الصعب أن نرى كيف ستكون إسرائيل منفتحة على ذلك بالنظر إلى تصرفات بوتين حتى الآن. ففي الأسبوع الماضي، قام وفد آخر من «حماس» بزيارة موسكو، من بين مطالبه: ضمانات دولية بأن تبقى «حماس» الحاكم الوحيد لقطاع غزة، والتعهد من إسرائيل بوقف عمليات الاغتيالات، كما التقى الوفد مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط.

التقى بوتين ونتنياهو عشرات المرات خلال وجودهما في السلطة، وكشهادة على قوة علاقاتهما، لم تنفذ إسرائيل أبداً عقوبات يقودها الغرب ضد روسيا ورفضت تزويد كييف بالأسلحة. ومع ذلك، بغض النظر عن الاتجاه الذي تتخذه الدبلوماسية بين البلدين الآن، ما دامت الحرب ضد «حماس» تطول، فإن إسرائيل لن تكون في أي وضع يمكنها من تعزيز مخزون أوكرانيا في أي وقت قريب، وهذا فوز آخر لبوتين.

يجادل بعض خبراء الدفاع أيضاً بأن هناك عيباً محتملاً لموسكو في كل هذا. الجانب السلبي هو أن الحرب يمكن أن تضر بالعلاقات الإسرائيلية - الروسية. وسيحاول بوتين تجنب ذلك، ولكن قد يكون من المستحيل عليه تحقيق هذا الهدف. فالرسائل المناهضة للولايات المتحدة المتعلقة بغزة والروس تغمر العالم، إضافة إلى تورط إسرائيل. وستأتي اللحظة التي سيحتاج فيها بوتين إلى اتخاذ القرار الصعب بشأن الجانب الذي هو إلى جانبه.

يسود الاعتقاد بأن بوتين لا يمكنه الحفاظ على هذه المعادلة لفترة أطول، أو أن نتنياهو والإسرائيليين في هذه المرحلة سيكون لديهم التسامح مع أي دولة لا تعلن بشكل كامل وتظهر توافقها مع إسرائيل.

لدى الولايات المتحدة القدرة على إدارة دعمها لكل من إسرائيل وأوكرانيا، بخاصة إذا كان بإمكانها احتواء الحروب من التصعيد إلى صراعات تتطلب أحذية أميركية على الأرض على سبيل المثال، وتجنب سيناريو المادة 5 من حلف «الناتو» على الجبهة الشرقية.

على الرغم من أن المشاركة في حرب على جبهتين من شأنها بالتأكيد أن تضع ضغطاً على الموارد، فإن نوع المعدات العسكرية المطلوبة للنزاعين المعنيين مختلف بما فيه الكفاية لتجنب الكثير من التداخل.

على جبهة الاستعداد السياسي، فإن إسرائيل وأوكرانيا حليفتان مقربتان جداً من الولايات المتحدة، وقد أوضحت إدارة بايدن حتى الآن نيتها البقاء ملتزمة بدعم كلتيهما، على الرغم من الاقتتال الداخلي في مجلس النواب ومجلس الشيوخ. ومع ذلك، فإن الوضع عرضة للتغيير وعدم اليقين.

في نظر بعض الدول، فإن من أحد «عيوب» أميركا وتغييرها الديمقراطي لسلطتها كل أربع سنوات هو أن تحالفاتها ونواياها واستراتيجياتها المعلنة تخضع لتغيير هائل مع «نزوة» أي إدارة مقبلة. كم من الوقت سيستمر هذا الاستعداد، الذي سيتم إملاؤه بطريقة ليست بسيطة من خلال الانتخابات المقبلة، ومن سيصبح الرئيس التالي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوراق روسيا الثلاث في حرب غزة أوراق روسيا الثلاث في حرب غزة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon