توقيت القاهرة المحلي 13:00:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهجمة الإيرانية مهّدت لهجوم إسرائيلي على رفح!

  مصر اليوم -

الهجمة الإيرانية مهّدت لهجوم إسرائيلي على رفح

بقلم - هدي الحسيني

يروي أحد خبراء السياسة الخارجية الإيرانية أن قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل خمسة من القادة الكبار في «الحرس الثوري» لحظة انعقاد اجتماعهم هو أمر يفوق أهمية مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني. والأمر ليس لأهمية الأشخاص المستهدفين إنما لأن العملية حشرت إيران في زاوية في ظرف دقيق جداً لا مكان فيه للخطأ.

ويكمل محدّثي بأن إيران نجحت في تفادي الانحشار في الزوايا منذ انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية عام 1988 وذلك بعدم المواجهة المباشرة وحصرها بأذرع مموَّلة ومدرَّبة ومسلَّحة من النظام. ورغم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على إيران ومقتل علماء وقادة عسكريين وتدمير منشآت، فإن أمر المرشد علي خامنئي كان يدعو إلى ضبط النفس فيما تمت تسميته بالصبر الاستراتيجي. عند اغتيال سليماني، وهو القائد العسكري الأهم في إيران ومنسق أنشطة أذرعها، حبس العالم أنفاسه لانتقام إيراني مزلزل وانتظر الحلفاء والأذرع الثأر واستعادة الكرامة، فجاءت مقتصرة على عملية قصف معسكرين أميركيين في عين الأسد وأربيل.

يعود الخبير إلى موضوع قصف القنصلية وسبب أهميته. فالمنطقة اليوم هي غير ما كانت عليه وقت اغتيال سليماني عام 2020، وكذلك قتل العالم النووي محسن فخري زاده في العام نفسه، وتفجير منشأة نطنز الذرية في ربيع 2021... المنطقة اليوم وبعد «طوفان الأقصى»، تدور فيها حرب تعد وجودية لشعوب المنطقة ولا مكان فيها للتستر وراء أذرع وتحالفات واتفاقات تحت الطاولة، وجميعها ولَّى زمانها. وعليه فإن الاعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق أدخل إيران في مواجهة مباشرة لم تكن ترغب في حصولها، ومن هنا أهمية الحدث.

في عملية الثأر لقتل قاسم سليماني قال المتحدث باسم «الحرس الثوري» إن العملية كانت مؤلمة وراح ضحيتها ثمانون جندياً أميركياً إلى جانب تدمير كامل للقاعدتين الأميركيتين. وقد نفى الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية ذلك قائلاً إن الصواريخ الإيرانية أصابت سيارتين وأحد المباني السكنية التي كانت خالية من سكانها. وفي 23 من الشهر الماضي شهد شاهد من أهلها بتصريح وزير خارجية إيران السابق محمد جواد ظريف بأن الولايات المتحدة أُبلغت بمكان وزمان الضربتين وانتهاء عملية الانتقام لقاسم سليماني عندها. ويقول محدّثي إن الأمر ذاته حدث في العمل الثأري لاعتداء القنصلية في دمشق، فطهران أخبرت الولايات المتحدة وإسرائيل عن عملية الانتقام وحددت ساعة انطلاق المسيّرات والصواريخ وتوقيت وصولها، وانتظر العالم لساعات دخولها في الأجواء الإسرائيلية على شاشات التلفزيون وتصدي القبة الحديدية لها في مشهد هوليوودي سوريالي غير ناجح. وأدّت عملية الثأر الإيرانية إلى جرح طفلة عربية وتدمير الحائط الخارجي لقاعدة «نيفاتيم»، وهي قاعدة جوية حساسة في جنوب إسرائيل مربض الطائرة المقاتلة الشبحية «إف - 35»، الطائرة الأكثر تقدماً في السلاح الجوي الأميركي. لكنَّ القاعدة كانت تعمل كالمعتاد صباح الأحد، ثم أعلن ممثل إيران في الأمم المتحدة أن العملية قد انتهت.

من نتائج الانتقام الإيراني الهوليوودي أن الأنظار تحولت عن العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني الأعزل والمجازر التي تم ارتكابها، وأصبحت إسرائيل مجدداً الضحية التي يتربص بها الإيراني وأذرعه. إنه سحر ساحر اسمه المرشد علي خامنئي استطاع إنقاذ إسرائيل وبيبي (نتنياهو) من ورطة كبيرة وأزمة وجودية حقيقية، وأصبحت إسرائيل بمنأى عن أي نقد أو اعتراض أو عقوبة لأي عمل يمكن أن تقْدم عليه في رفح أو سوريا أو لبنان.

أما لمن يدّعي الإنجاز العسكري في العملية الإيرانية «الإلهية» ولمن يزهو فرحاً باختراق المسيّرات الإيرانية أجواء إسرائيل التي كادت تصيب المسجد الأقصى، فهل بينهم مَن يتذكر عشرات صواريخ الاسكود التي سقطت في إسرائيل عام 1991 بأمر من الرئيس الراحل صدام حسين وأودت بحياة 16 إسرائيلياً، ورقص يومها الكثيرون فرحاً وزهواً بانتصار، كما يفعلون اليوم. ويُنهي محدّثي بأن الأفعال بخواتيمها وهو لا يرى أياً منها لصالح القضية المحورية ومتفرعاتها بل العكس تماماً.

على كلٍّ نجح نتنياهو في إيقاع إيران في الفخ للوصول إلى رفح. يقول مراقب سياسي: كان معروفاً الخلاف بين الإدارة الأميركية ورئيس الوزراء الإسرائيلي لمنعه من مهاجمة رفح بشكل مفتوح ومن دون حدود أو الأخذ في الاعتبار الضحايا المدنيين. لذلك كان لا بد لنتنياهو من صرف نظر الأميركيين باتجاه هدف أخطر، فاختار قصف القنصلية الإيرانية في دمشق لأن العميد محمد رضا زاده -أبرز الضحايا- شارك في التخطيط لعملية «طوفان الأقصى»، لكن «حماس» ردت بأنها ستواصل المفاوضات للتوصل إلى وقف ولو كان مؤقتاً للنار، عندها جاءت عملية اغتيال أولاد وأحفاد إسماعيل هنية وظلت أميركا على موقفها الضاغط عليه، فكان ليل السبت - الأحد، وأطلقت إيران ما هددت به رداً على قصف قنصليتها في دمشق.

الآن عادت الضغوط على نتنياهو لعدم الرد على إيران تخوفاً من حرب إقليمية حارقة، ولأنه يتعرض لضغط داخلي للرد فقد يكون الرد باختيار هدف إيراني بسيط، ولكن هدفه الحقيقي سيكون بتطبيق خطة الهجوم على رفح. ومن خلال ضرب القنصلية الإيرانية في سوريا، عرف نتنياهو أنه سيتعين على إيران الرد. لذلك بينما شاهد العالم المُسيّرات الانتحارية الصغيرة المصمَّمة للذهاب من دون عودة، تحلّق نحو إسرائيل، مع تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (يعني أنها لن تصيب أهدافها)، سيتمكن نتنياهو من تبديل السرد، وإظهار إسرائيل ضحية وإسكات الانتقادات الأميركية للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة من خلال السخرية من إيران لهجومها «المباشر»، وسيطول رفح.

عند الساعة الثانية فجر الأحد الماضي بتوقيت لندن، قالت بعثة طهران في الأمم المتحدة: «يمكن اعتبار المسألة منتهية».

لكنَّ مسؤولي الحكومة الإسرائيلية قالوا إن طهران عبرت خطاً أحمر واضحاً من خلال مهاجمة إسرائيل مباشرةً من الأراضي الإيرانية للمرة الأولى في التاريخ. كما قالوا إن طبيعة الأهداف -التي يُعتقد أنها كانت مناطق مدنية رئيسية وبنية تحتية عسكرية- تتطلب رداً إذا أرادت بلادهم استعادة الردع ضد إيران وحلفائها الإقليميين.

وقال مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون، إن احتمال هجوم إيراني في المستقبل باستخدام صواريخ ومسيّرات تحمل أسلحة نووية أو كيميائية يُظهر مدى تهديد طهران مستقبل بلادهم على المدى الطويل. لذلك في حين أن الضربة المضادة قد لا تحدث هذا الشهر، إلا أنها ستأتي في مرحلة ما.

«من المؤكد أنه تم تصميم الهجوم للنجاح، وليس الفشل. وجاءت الهجمات على غرار تلك التي استخدمها الروس مراراً وتكراراً ضد أوكرانيا بشكل كبير»، يقول لي عسكري متقاعد. ويضيف: «تم إطلاق المُسيرات قبل وقت طويل من إطلاق الصواريخ الباليستية، على أمل وصولها إلى نافذة الدفاع الجوي الإسرائيلية في نفس الوقت تقريباً مع صواريخ كروز».

لكن المفارقة أن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي يتمتع بعديد من المزايا، وهي أعلى من الدفاع الجوي الأوكراني، ولكنَّ الآثار الكاملة لبعض هذه المزايا ربما كانت غير واضحة لمخططي الضربات الإيرانيين على إسرائيل.

إيران، ببساطة حاولت إنقاذ ماء الوجه محلياً ففشلت على الساحة العسكرية الدولية، وحصل نتنياهو بالضبط على ما أراده من خلال ضربته في 1 أبريل (نيسان) على القنصلية الإيرانية في دمشق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجمة الإيرانية مهّدت لهجوم إسرائيلي على رفح الهجمة الإيرانية مهّدت لهجوم إسرائيلي على رفح



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon