توقيت القاهرة المحلي 18:39:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانفتاح على الصين لن يرفع العقوبات عن إيران!

  مصر اليوم -

الانفتاح على الصين لن يرفع العقوبات عن إيران

بقلم : هدى الحسيني

وافقت الصين على استثمار 400 مليار دولار في إيران على مدى 25 عاماً مقابل إمدادات ثابتة من النفط لتغذية اقتصادها المتنامي بموجب اتفاق اقتصادي وأمني شامل تم توقيعه يوم السبت الماضي. الإيرانيون هتفوا مساء الاثنين «إيران ليست للبيع».

تم التوقيع على هذه الاتفاقية في الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وإيران وكان المسؤولون الايرانيون روجوا للاتفاق الأول الذي اقترحه الرئيس الصيني شي جينبينغ، عام 2016 - باعتباره اختراقاً، لكنه قوبل بالانتقادات. يومها تحركت المفاوضات ببطء في البداية، ثم تبخرت الفرص بعد أن انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد من الصفقة وفرض عقوبات جديدة فهرع خروجاً الأوروبيون والصينيون. مؤخراً أمر المرشد الإيراني علي خامنئي، بإحياء المحادثات مع الصين، وعين سياسياً محافظاً موثوقاً به رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، مبعوثاً خاصاً. يبقى أن نرى كم من المشاريع الطموحة المفصلة في الاتفاقية سوف تتحقق، لأنه إذا انهار الاتفاق النووي بالكامل، فقد تواجه الشركات الصينية أيضاً عقوبات ثانوية من واشنطن، وهي قضية أثارت غضب الصين في الماضي.
تعتمد الصين إلى حد كبير على الصادرات إلى الولايات المتحدة وأوروبا. الاستهلاك المحلي، والموارد الطبيعية غير كافية، وهي ببساطة ليست مكتفية ذاتياً بأي شكل من الأشكال. فإذا قررت الولايات المتحدة الانزلاق إلى القومية غير المنطقية يكون السؤال كيف ستحافظ الصين على طاقتها التصنيعية الزائدة ومعدلات التوظيف إذا قرر أصحاب العلامات التجارية أن «صنع في الصين» لم يعد مستساغاً للسوق الأميركية؟
بالنسبة إلى الاتفاق الذي وقعته الصين وإيران مؤخراً، إذا قارننا البيانات الاقتصادية والأمنية بين الصين وإيران وخمس دول أخرى في الشرق الأوسط، نجد إيران متخلفة في كلتا الساحتين. ويدل هذا على أن الصين تتخذ نهجاً إقليمياً كاملاً تجاه الشرق الأوسط، مما يعني عدم الشعور بالراحة مع إيران. الصين لديها إطار الصفقة نفسه مع كل من السعودية والإمارات اللتين تعتبرهما إيران من ألد أعدائها؛ إذن إن الصفقة الإيرانية الصينية ليست محوراً من أي نوع.
الأمر التالي عندما انتهت صلاحية حظر الأسلحة التقليدية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تكهن البعض بأن الصين سوف تندفع لبيع الأسلحة لإيران، لكن واقع أسواق الأسلحة الصينية والإيرانية يجعل هذا الأمر غامضاً. تبيع الصين المزيد من الأسلحة لجيران - خصوم إيران. بالإضافة إلى ذلك، كانت الصين صوتت لصالح فرض عقوبات الأسلحة في مجلس الأمن الدولي. أيضاً أن إيران فقيرة في المال وتسعى لأنظمة دفاع جوي، إلا أن الطائرات من دون طيار الصينية ثبت فشلها. ثم إن الدبابات الصينية لا تناسب أسلوب إيران العسكري غير المتكافئ. كذلك، علينا ألا ننسى في خلفية كل هذا، أن الصين تُثمن علاقتها مع الولايات المتحدة أكثر بكثير من علاقتها مع إيران. وحتى الآن كان الضغط الأميركي هو المثبط النهائي للعلاقات الصينية الإيرانية. لكن لا يجب عدم التقليل من أن هذه الاتفاقية لافتة وخطيرة، إنما هناك بعض الأمور التي يجب ألا تغيب عن بالنا:
إن الاتفاقية ليست الأولى مع الصين وكان آخرها في نهاية العام الماضي، التي كانت لمصلحة الصين بشكل كبير جداً، تجارياً وجيوسياسياً، لكن الوجود الصيني في إيران على الأرجح سيلجمها من امتلاك السلاح النووي والتوسع الهمجي وذلك ببساطة كي لا ينزلق الصينيون في مواجهة كبرى مثلاً مع إسرائيل وروسيا.
أيضا ان كل اتفاقيات العالم لن تُنقذ إيران إذا لم تُرفع العقوبات الأميركية عنها وإذا بقيت خارج النظام المالي العالمي الذي تقوده أميركا.
من المؤكد أن إيران تسعى من وراء الاتفاقية مع الصين إلى رفع بعض الضغط الاقتصادي القاسي جداً، والأهم تحسين موقعها التفاوضي، وهي تلعب الآن على وقت ضائع، من أسبابه عدم وضوح رؤية الإدارة الأميركية الجديدة، وتأرجح نتائج انتخابات إسرائيل وعدم الاستقرار السياسي الناتج عن ذلك، وقلق المنطقة الناتج عن تغيير سياسة الإدارة الأميركية.
لكن من المرجح أن الولايات المتحدة ستتجاهل كل هذا وستتجه نحو المفاوضات مع الصين، وقد أكدت إدارة بايدن أن ذلك أولوية وكل القضايا الأخرى تأتي بعد التفاهم مع الصين. على كل يبقى جوهر الأمر مسألة العقوبات. من دون رفعها لا يمكن لإيران الوصول إلى النظام المالي العالمي. يمكن للصين توقيع عقود بقيمة تريليونات الدولارات ولكن في النهاية أفضل ما يمكنها فعله هو السداد بالبضائع وليس المال بسبب العقوبات، والحرمان من الوصول إلى النظام المصرفي الدولي. لهذا السبب تسعى إيران لرفع .العقوبات
الولايات المتحدة لن تعاقب دولاً مثل إيران فقط بالمقاطعة، ولكن أي دولة أو مؤسسة أخرى تنتهك العقوبات. وعندما انتهك بنك HSBCفي جنيف (وليس الولايات المتحدة) العقوبات الأميركية بفتح خطابات اعتماد لإيران، عاقبت وزارة الخزانة الأميركية البنك بمبلغ 17 مليار دولار. وقد دفعه البنك لتجنب التعرض للعقوبات والحرمان من المتاجرة بالدولار الأميركي، مما كان سيؤدي فعلياً إلى إفلاسه.
لهذا في المفاوضات الأميركية - الصينية، يُعد سلاح العقوبات بطاقة قوية للغاية تمتلكها الولايات المتحدة، وبالطبع تمتلك الصين أوراقاً أخرى يمكن استخدامها ضد المصالح الأميركية. في مثل هذه الألعاب بين الأقوياء سيتم التضحية ببيدق من أجل حماية المصلحة العليا. وفي حين تعتقد إيران أن الاتفاقية مع الصين ستحّسن موقفها التفاوضي مع الولايات المتحدة، ليس من المستبعد أن تزود الاتفاقية الصين بهذا البيدق الذي قد يتم التضحية به من أجل المصالح العليا.
من ناحية أخرى نشرت ايران خبر الاتفاقية هذه يوم السبت من باب البروباغاندا وكي توحي بأنها كاسر لعزلتها وتعويض عن عقوبات أميركا. بأحسن الأحوال تستطيع الصين أن تدفع ما تستورده من إيران ببضائع أو خدمات وليس بالعملة الصعبة لأنه سيتم تجميدها، إذ لا يمكن دفع الدولار إلا في أميركا، واليورو إلا في أوروبا والجنيه الإسترليني إلا في بريطانيا والين إلا في اليابان... إلخ) وكل هؤلاء ملتزمون بإجراءات العقوبات الأميركية. لهذا ورغم اتفاقيات الصين اصرار إيران على رفع العقوبات.
لقد بلغت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة العام الماضي نحو 500 مليار دولار وإلى الاتحاد الأوروبي ما يفوق 700 مليار دولار، مقارنه بحجم لا يتعدى 10 مليارات إلى إيران.
لا يحتاج أي إنسان إلى تفكير عميق لمعرفة أين مصلحة الصين إذا ما خُيرت بين إيران والغرب. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الصين لم تدخل في أي صراع عسكري مباشر في تاريخها الحديث، ومن ا لمؤكد أنها لن تنجر إلى مستنقعات وحروب إيران التي ستستنفد الكثير مما جنته في تاريخها الحديث.
أيضاً تسعى الصين إلى التوسع في المنطقة تجارياً.،ما تريده هو ما يوصف بطريق الحرير التجارية التي تمر من إيران، وهي ترى أن الوضع الإيراني المهترئ يعطيها فرصة سانحة للدخول بأقل الأثمان. ولكن تدخلات إيران في المنطقة والعدوانية في تصرفاتها لن تسمح للصين بأن تحصل على ما تريد، لهذا ستكون عنصراً لاجماً لإيران، ومن الممكن أن تبيع هذا للأميركيين في المفاوضات المستقبلية.
وإذا لم تنجح فبكل سهولة تنسحب وتترك إيران تتخبط في مصائبها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانفتاح على الصين لن يرفع العقوبات عن إيران الانفتاح على الصين لن يرفع العقوبات عن إيران



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon