توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باكستان تراجع حساباتها الأفغانية لإعادة المساعدات الأميركية!

  مصر اليوم -

باكستان تراجع حساباتها الأفغانية لإعادة المساعدات الأميركية

بقلم - هدي الحسيني

هل ستصبح أفغانستان مثل سوريا تتقاتل فيها دول كبرى وإقليمية وتنظيمات ومجموعات متطرفة؟ هناك الآن الولايات المتحدة، وباكستان، وإيران، والهند، والصين، وحكومة ضعيفة في كابل، ورسالة من «طالبان» أرسلت في 14 من الحالي إلى الشعب الأميركي تطالب بانسحاب أميركا والغرب من أفغانستان شرطاً للسلام؛ لأنها تعتبر نفسها، وليس حكومة كابل، الممثل الشرعي للشعب الأفغاني. ويوم السبت الماضي اتفقت إيران والهند على التعاون معاً في محاربة المتطرفين والإرهاب، وتجارة المخدرات في أفغانستان، ووعدت الهند بتطوير مرفأ شاباهار الإيراني على خليج عُمان لتأمين الوصول إلى أفغانستان بتجاوز باكستان التي كانت رفضت إعطاء الهند ممراً برياً عبرها. تبقى باكستان هي العنصر الأهم.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن الأسبوع الماضي أن إدارته سترفض الحوار مع «طالبان» الأفغانية؛ ما يعني أن أميركا ستضغط عسكرياً على هذه الحركة. جاءت تصريحاته عقب موجة من الهجمات الإرهابية التي شنتها «طالبان» على الأجانب والمدنيين في كابل.

واشنطن اتهمت «شبكة حقاني» المدعومة من باكستان (وهي تتبع «طالبان» ومعروفة بإجرامها) بأنها وراء هذه العمليات. منذ زمن تتهم واشنطن وكابل إسلام آباد بأنها تقدم لحركة «طالبان» والتابعين لها الملاذ الآمن لتخطيط مثل هذه الهجمات. وتدهورت العلاقات الأميركية - الباكستانية في ظل إدارة ترمب، حيث قطع الرئيس الأميركي كل المساعدات العسكرية، وباكستان بدورها تتهم واشنطن وكابل بعدم القيام بما فيه الكفاية للقضاء على ملاذات آمنة لـ«طالبان» الباكستانية في شرق أفغانستان.

منذ انسحاب معظم القوات الدولية في نهاية عام 2014، لم تتمكن حكومة كابل وقوات الأمن الأفغانية من منع عمليات «طالبان» ومن منع توسيع وجودها في جميع أنحاء البلاد تقريباً، وما فتئت الحركة تحقق مكاسب بطيئة وثابتة، كما أن عدداً كبيراً من الجماعات المسلحة الأخرى عطلت الخدمات الحكومية ونشرت البؤس بين المدنيين. وذكرت دراسة مؤخراً أن «طالبان» تحتفظ بنحو 4 في المائة من الأراضي الأفغانية، وتحافظ على وجود مادي نشط ومفتوح في جميع مقاطعات البلاد. ثم إنها تتقدم أحياناً وتتراجع في حملتها الواسعة لنزع الشرعية عن الحكومة، ولكسب أتباع جدد. وتظهر أحدث أرقام الأمم المتحدة أن أكثر من 8500 مدني أفغاني قتلوا، أو جرحوا، خلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2017، ورداً على أمر الرئيس ترمب بزيادة القوات الأميركية، والضربات الجوية وغيرها من المساعدات للقوات الأفغانية في العام الماضي، نفذت حركة «طالبان» سلسلة من الهجمات الإرهابية، ضد «سياسة العدوان الأميركية»، إلا أن واشنطن تؤكد أن سياستها ستبقى عسكرية حازمة حتى تقنع «طالبان» أو عناصر مهمة فيها، بعدم وجود حل عسكري للحرب الأهلية في أفغانستان.

وكان رئيس جهاز الاستخبارات الأفغانية زار باكستان لتبادل المعلومات حول ما تزعم كابل أنه دليل وثائقي وتسجيلات هاتفية تربط ما بين الأفراد والجماعات في باكستان بالهجمات الأخيرة على العاصمة الأفغانية، لكن من غير المرجح أن يغير ذلك ما يدور في عقول أفراد المؤسسة الباكستانية، لكنه سوف يساعد على بناء حالة أفغانية دولياً، ويزيد من فكرة أن باكستان تدعم الجماعات الإرهابية. ومع تدهور الوضع الدبلوماسي لا يمكن استبعاد شن ضربات جوية أميركية على الجانب الباكستاني من الحدود الأفغانية.

من بين أوائل تغريدات ترمب هذه السنة، قال: «إن أميركا قدمت وبحماسة إلى باكستان أكثر من 33 مليار دولار مساعدات على مدى 15 سنة ماضية، ولم تقدم لنا شيئاً سوى الكذب والخداع». وكانت واشنطن اشتكت سابقاً من إسلام آباد، لكن ترمب أقدم على تجميد كامل للمعونات الأميركية، وهذه الخطوة فاجأت باكستان التي احتجت، وذكّرت بالتضحيات التي قدمتها بصفتها واجهةً في الحرب ضد الإرهاب.

إن تخفيض المساعدات الأميركية له تأثير كبير على باكستان؛ فالجيش الباكستاني يتطلب التدريب الأميركي والمعدات والشراكة، وتتطلب القيادة السياسية المدنية من واشنطن ضمان بقائها في السلطة ضد جيش قوي؛ لهذا هناك حديث بأن باكستان سوف تبحث عن طرق لإعادة العلاقات إلى طبيعتها في أقرب وقت. وعلى الرغم من التصريحات النارية للقادة السياسيين في البلدين، فإن العداء المتنامي بين واشنطن وإسلام آباد لم ينعكس حتى الآن على أي تجميد في العلاقات؛ إذ يواصل المسؤولون الأميركيون والباكستانيون الاجتماع والتعاون على جميع المستويات الحكومية على الرغم من تعليق الرئيس ترمب مبلغ 1.1 مليار دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي.

بعض المحللين السياسيين في جنوب آسيا لا يعتقدون بأنه سيكون هناك أي تغيير في سياسة باكستان المتمثلة في دعم الجماعات المسلحة سراً، مثل «شبكة حقاني» أو حركة «طالبان» الأفغانية بسبب توقف المساعدات، فلا تزال القوات العسكرية القوية تسيطر على السياسة الخارجية الباكستانية، ولا يزال الجيش الباكستاني، أو عناصر منه، يرى فائدة ضرورية من الحفاظ على علاقات وثيقة بينه وبين حركة «طالبان» الأفغانية وحلفائها المسلحين لأن هذه الجماعات معادية للهند.

لكن من جهة أخرى، ونقلاً عن مسؤول سابق كبير في وكالة الاستخبارات الباكستانية، قال إن باكستان لا تملك السيطرة على «شبكة حقاني» منذ البداية، بل إنها خلقت تصوراً بأنها هي التي تسيطر على الوضع الأمني في أفغانستان، وهذا خلق رهبة وهاجساً لدى الأميركيين، في حين الحقيقة أن الاستخبارات الباكستانية ضعيفة وتعاني من قلة الموارد مثل أي إدارة حكومية باكستانية أخرى. ونقل عن المسؤول الأمني السابق أن بلاده أصبحت ضحية لشبكة من الأكاذيب التي لا تستطيع أن تعترف بها ولا أن تنكرها: «ملعونة إذا فعلت وملعونة إذا لم تفعل». ويضيف: إن النخبة السياسية والعسكرية الباكستانية ترى أن العلاقات مع واشنطن أفضل من كل شيء آخر؛ لذلك وعلى الرغم من التوتر فلا بد للأمور من أن تستقر إلى وضعها الطبيعي، كما يحدث دائماً.

من جهة أخرى، هناك إيران؛ ففي 8 سبتمبر (أيلول) الماضي قال رئيس الأركان الأفغاني الفريق محمد يافتالي إن إيران تقدم المعدات العسكرية وغيرها من أشكال الدعم إلى «طالبان» أفغانستان، لكن سارع رؤساؤه في وزارة الدفاع إلى القول: إنه تم تحريف تصريحاته. بيد أن المسؤولين الأميركيين والأفغان يعتقدون أن إيران تعمل بهدوء على تكثيف جهودها السرية في أفغانستان من أجل زعزعة الاستقرار وإبقاء أميركا متعثرة في أطول حروبها.

تتقاسم إيران حدوداً برية كبيرة مع أفغانستان وتتمتع بعلاقات تجارية مع الكثير من أقاليمها الغربية التي تقع على بعد مئات الأميال من العاصمة كابل، حيث تتمتع الحكومة المركزية بأكبر قدر من السلطة. ويقول أحد المراقبين الآسيويين إن إيران من خلال تقديم دعم محدود لـ«طالبان» تضرب عصفورين بحجر واحد: خلق حاجز ضد «داعش»، ومنع أميركا من استخدام أفغانستان قاعدةً ضد إيران.

وكان مقاتل من «طالبان» قال لصحيفة «وول ستريت جورنال» عام 2015: إن إيران تزودنا بكل ما نحتاج إليه.

في النهاية: ستواصل «طالبان» عملياتها باستهداف كابل والمناطق الحضرية في عام 2018، ويقول لي سياسي بريطاني إنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن معظم الحروب الأهلية العالمية مثل أفغانستان كانت تنتهي بعد 7 أو 12 سنة، لكن التدخل الأجنبي يميل إلى إطالة أمد القتال. لقد تعرضت أفغانستان لتدخل أميركي وسوفياتي، وهندي وباكستاني، وصيني منذ اندلاع القتال فيها عام 1978، لكن العنصر العسكري فقط أو السلام المتفاوض عليه يمكن أن ينهي العنف هناك. المشكلة أن كلا الجانبين يعتقد أن النصر العسكري ممكن، خصوصاً بعدما غيّر الرئيس ترمب رأيه حول أفغانستان، وقد عبّرت «طالبان» في رسالتها إلى الشعب الأميركي أنها الحكومة الشرعية لأفغانستان؛ لذلك لا مفر من أن يزداد الصراع والعمليات الإرهابية خلال ما تبقى من فترة ترمب الأولى، وهي تأمل أن الرئيس الأميركي المقبل، لا بد أن يسحب عندها القوات الأميركية المقاتلة، فتتمكن «طالبان» من تكرار مسيرتها المميتة التي أقدمت عليها عام 1996، إلى كابل.

لكن، ماذا إذا حكم الرئيس ترمب فترة رئاسية ثانية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باكستان تراجع حساباتها الأفغانية لإعادة المساعدات الأميركية باكستان تراجع حساباتها الأفغانية لإعادة المساعدات الأميركية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon