توقيت القاهرة المحلي 07:54:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات المبكرة... هل تنقذ تركيا من أزمتها الاقتصادية؟

  مصر اليوم -

الانتخابات المبكرة هل تنقذ تركيا من أزمتها الاقتصادية

بقلم ـ هدي الحسيني

تم تحديد الانتخابات الرئاسية في تركيا في 24 يونيو (حزيران) المقبل، وسيتم إجراؤها في ظل قانون الطوارئ تماماً مثل الاستفتاء على زيادة صلاحيات الرئيس الذي جرى في أبريل (نيسان) الماضي، وأثار ذاك التصويت الكثير من الجدل حول صحة العملية الانتخابية في تركيا.
على الرغم من رفضه الشديد للتكهنات «الخاطئة» - كما كان يكرر الرئيس رجب طيب إردوغان - فإنه ومنذ عدة أشهر كانت الانتخابات المبكرة حديث المدينة كما يقال، نظراً للحالة الاقتصادية السيئة في تركيا. ومع ذلك فإن اندفاع الحكومة إلى إجراء التصويت بعد 67 يوماً، أمر مذهل ومؤثر.
تعكس السرعة درجة عدم الارتياح بشأن التدهور في الاقتصاد، وكان مراقبون تكهنوا بأنه على الرغم من تشديد إردوغان على أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد عام 2019، فإنه سيغير التوقيت للاستفادة من المشاعر القومية التي تغذيها حملة عفرين للجيش التركي ضد القوات الكردية السورية في شمال غربي سوريا، ولمنع التداعيات الانتخابية من الأزمة الاقتصادية التي تقترب أكثر فأكثر.
خَطط إردوغان جيداً لنقل معاركه إلى الخارج بحيث يسهل عليه شد الموالين له إلى انتخابات مبكرة. وتؤكد الانتخابات المبكرة ضعف «حزب العدالة والتنمية» في مواجهة المشاكل الاقتصادية المتصاعدة. وكان الهبوط السريع لليرة التركية (فقدت نصف قيمتها تجاه الدولار) والتحركات التي قامت بها شركات تركية كبرى لإعادة هيكلة الديون، من العلامات التحذيرية التي أشار إليها المراقبون بأن أزمة اقتصادية تخيم على تركيا إردوغان.
يقول لي خبير تركي: لقد حصل «حزب العدالة والتنمية» على دعم طويل الأمد حتى من الناخبين الذين لا يتقاسمون خلفية إردوغان الدينية، بسبب المكاسب التي أمكن تحقيقها من خلال النمو الاقتصادي الذي كان ممكناً فقط بسبب تدفقات رؤوس الأموال القصيرة الأجل، وتوسع الائتمان الذي لا يمكن تحمله والإبقاء عليه. ويضيف أن الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق ربما حفزت على الانتخابات المبكرة. ومع ذلك من المستبعد أن يكون لأي من علامات الضعف تأثير حاسم على نتائج الانتخابات. يقول محدثي: «كل الاحتمالات مكدسة لصالح إردوغان».
من ناحية أخرى ستجري الانتخابات في ظل حالة الطوارئ السارية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو (تموز) 2016، ومن الممكن أن يتم تمديدها للمرة السابعة هذا الأسبوع. هناك أمر آخر، إذ يسيطر «حزب العدالة والتنمية» سيطرة شبه تامة على وسائل الإعلام التركية التي يملك 90 في المائة منها رجال أعمال موالون للحكومة بعد بيع مجموعة «دوغان ميديا» في مارس (آذار) الماضي، وكانت آخر المجموعات الإعلامية شبه المستقلة. إضافة إلى ذلك، أعطت الإصلاحات القانونية الأخيرة الحكومة سلطة حجب الأخبار والمحتوى عبر الإنترنت، كما أن البعض قلق من التزوير في صناديق الاقتراع، إذ وفقاً للتغييرات الأخيرة في قانون الانتخاب، يرأس موظفو الحكومة الآن هيئات مراقبة الانتخابات بدلاً من مراقبين من جميع الأطراف.
خلال فترة حكم «العدالة والتنمية» القائم منذ 15 عاماً، تم من العام 2002 إلى العام 2008 الاعتماد على برنامج صندوق النقد الدولي، وعلى بدء محادثات العضوية الكاملة مع الاتحاد الأوروبي. ومع تطبيق تركيا لقواعد اللعبة الليبرالية الجديدة لتصبح عضواً في «الدوري الليبرالي الجديد»، توجت أسواقها المالية بتدفقات استثمارية عالية الجودة مما أدى إلى زيادة سلطة حكومة «حزب العدالة والتنمية». وعندما انتهى برنامج صندوق النقد الدولي وترك الحزب وحده برؤيته لإدارة السياسة الاقتصادية من عام 2008 حتى عام 2013، كان معظمها سيولة عالمية اكتنفتها مشاكل زحفت على الاقتصاد التركي، وكان الخطأ الأكبر الذي ارتكبته حكومة «حزب العدالة والتنمية» في تلك الفترة هو افتقارها إلى الرغبة في مواصلة الإصلاحات الهيكلية لتحسين كفاءة الاقتصاد وقدرته التنافسية.
منذ انقلاب السياسة النقدية في «البنك الاحتياطي الفيدرالي» في الولايات المتحدة في شهر مايو (أيار) 2013 وحتى الآن، وارتفاع تكلفة الاقتراض في الخارج، والاضطرابات الاقتصادية الصاخبة في تركيا، وارتفاع شعبية «حزب العدالة والتنمية» وتوق إردوغان إلى المزيد والمزيد من النفوذ، أصيب الاقتصاد التركي بشكل مباشر، يقول محدثي، ويضيف: في هذه المرة فإن المد الاقتصادي يتعارض تماماً مع «حزب العدالة والتنمية» الذي تحول في السنوات الـ16 الماضية إلى حزب إردوغان الشخصي، ولهذا وبسبب دافع وجودي يهرع إردوغان الآن إلى الانتخابات قبل أن يتحول سوء الإدارة الاقتصادية في تركيا ضده من خلال تراجع دعم الناخبين. إن استقرار الليرة حتى انتخابات 24 يونيو لن يمنع التضخم من أن ينتهي بأرقام مزدوجة في نهاية العام 2018. إن انخفاض قيمة العملة منذ بداية العام، والارتفاع في استبدال العملات سيضيفان إلى تضخم أقوى بالفعل في تركيا. ويوضح محدثي: من الممكن أن نصل إلى نهاية العام والتضخم ما بين 12 و15 في المائة.
في ظل هذه الأزمة الخطيرة، صرح إردوغان يوم السبت الماضي بأنه لا يفكر مثل الغرب في العلاقة بين سعر الصرف والتضخم، ودعا إلى استخدام الليرة التركية في التجارة من خلال الاتفاقيات الثنائية لتخفيف الضغط على أسعار الصرف. قال: «إن المثل الأعلى هو استخدام العملة الوطنية والمحلية، فاثنان ضَرْب اثنين هو أربعة، وهذا سيقلل من الضغط على أسعار الصرف. ومع انخفاض أسعار الفائدة سينخفض سعر الصرف بشكل ملحوظ». وقال إردوغان إن السياح الإيرانيين يجب أن يكونوا قادرين على استعمال عملتهم المحلية في تركيا، وأضاف أنه كانت هناك خطط مع روسيا لاستخدام الروبل والليرة في التجارة الثنائية، ورأى أن استخدام الذهب في التجارة هو أفضل خيار. وكان قال إن قروض صندوق النقد الدولي يجب أن تدفع بالذهب. وقال إن هناك علاقة إيجابية بين أسعار الفائدة والتضخم: «إذا رفعت أسعار الفائدة سيزداد التضخم، وكلما قللنا أسعار الفائدة انخفض التضخم أكثر»!
يقول محدثي إنه قد يكون من الممكن ترك البنك المركزي حراً في «التصرف» عندما تنتهي الانتخابات، «إلا أن الضرر قد وقع بالفعل على جبهة التضخم. إن ارتفاع معدل الفائدة لاحتواء التضخم والانخفاض في الليرة، والبطء في النمو الاقتصادي ستكون القضايا الرئيسية لعام 2019، بمجرد عبور الانتخابات المبكرة». إن أغلب استطلاعات الرأي تتنبأ بفوز إردوغان في الجولة الأولى، لكن فترة رئاسته المقبلة لن تكون خالية من الاضطرابات الاقتصادية بدءاً من النصف الثاني من هذا العام حتى عام 2021. إن رفع سعر الفائدة سيؤدي إلى خفض النمو، لكنه سيبقي على التضخم وعجز الحساب الجاري، أما خفض الفائدة كما يقترح إردوغان، فإنه سيقود تركيا إلى أزمة اقتصادية حادة. يقول محدثي الخبير التركي: «مع استمرار انخفاض السيولة العالمية وتزايد تكلفة الاقتراض الخارجي، فحتى لو ضمن إردوغان فترة حكم ثانية، فإنه سيواجه تحديات اقتصادية حادة، لأن التغيير في الخلفية العالمية سيبقى ولعدة سنوات مقبلة.
فاتح بورتاكال، أحد الأصوات الناقدة القليلة الباقية في التلفزيون التركي من «فوكس نيوز»، قال في برنامجه ليلة الجمعة الماضية: «ربما هذا سيفاجئكم. لكن هذه الحكومة يجب أن تبقى. لقد كسروا كل شيء؛ من الاقتصاد إلى الحياة الاجتماعية، يجب أن تبقى هذه الحكومة، ويجب عليهم حل كل هذه المشاكل تحت قيادة إردوغان». وأضاف: «إذا تغيرت الحكومة، فإن على الحكومة الجديدة أن تتعامل فوراً مع انهيار مالي وحطام مجتمع على خلاف مع ذاته. إذا تسببت بحادث سيارة، فيجب عليك تحمل مسؤولية حله. أيها السادة إن أياماً صعبة تنتظرنا بعد هذه الانتخابات».
نجح إردوغان في تحويل الكثيرين إلى أعداء. مخيلته دفعته إلى اعتبار التركي الليبرالي والكردي والمعارض إرهابيين. هؤلاء ليسوا بإرهابيين. لكن الإرهابيين الحقيقيين قد يكونون قادمين، إذا ما قرر الجيش السوري «تحرير» إدلب، كما «حرر» الغوطة. إلى أين سيذهب المقاتلون الذين تراكموا فيها، واتهمهم النظام السوري بالإرهاب؟
هل سيزج بهم في السجون التي تضم الآن 70 ألف طالب؟

نقلاُ عن الشرق الأوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات المبكرة هل تنقذ تركيا من أزمتها الاقتصادية الانتخابات المبكرة هل تنقذ تركيا من أزمتها الاقتصادية



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:02 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

سترة كيت ميدلتون الأكثر مبيعاً بعد إطلالتها الأخيرة
  مصر اليوم - سترة كيت ميدلتون الأكثر مبيعاً بعد إطلالتها الأخيرة

GMT 21:03 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية
  مصر اليوم - وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية

GMT 20:39 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طرق دمج لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ
  مصر اليوم - طرق دمج لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ

GMT 23:59 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يعلن إطلاق "مرحلة جديدة" في المواجهة مع إسرائيل
  مصر اليوم - حزب الله يعلن إطلاق مرحلة جديدة في المواجهة مع إسرائيل

GMT 14:40 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وسيلة لمنع الحمل قد تزيد من خطر تعرض النساء لسرطان الثدي
  مصر اليوم - وسيلة لمنع الحمل قد تزيد من خطر تعرض النساء لسرطان الثدي

GMT 22:35 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

إنجي المقدم تعود إلى الدراما بعد غياب 3 سنوات
  مصر اليوم - إنجي المقدم تعود إلى الدراما بعد غياب 3 سنوات

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

GMT 00:04 2024 الإثنين ,05 آب / أغسطس

الزمالك يتعاقد مع عمر عزب لاعب كرة السلة

GMT 20:17 2020 الإثنين ,17 شباط / فبراير

مؤشر البورصة العراقية يغلق على ارتفاع

GMT 05:06 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على المواصفات والعيوب الشخصية لمواليد "برج القوس"

GMT 13:50 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

كيفية اختيار ديكورات أسقف مطابخ منزلية عصرية

GMT 12:34 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق فعاليات مؤتمر الإفتاء الخامس بمشاركة علماء 85 دولة

GMT 06:19 2019 الأحد ,07 تموز / يوليو

رسمات أيلاينر مقوس بأسلوب عصري لصيف 2019

GMT 21:06 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

علاء مبارك ينشر مقطع فيديو مؤثر عن والده

GMT 22:43 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة لهيفاء وهبي تُثير الجدل على "إنستغرام"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon