توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب أوكرانيا تتحوَّل صراعاً دولياً... لمن الأولوية؟

  مصر اليوم -

حرب أوكرانيا تتحوَّل صراعاً دولياً لمن الأولوية

بقلم - هدي الحسيني

في السابع عشر من الشهر الماضي اجتمع ممثلو أربعين دولة في مدينة ميونيخ الألمانية في مؤتمر سنوي موضوعه: الأمن العالمي وتحدياته. وقد حضرت الولايات المتحدة ممثلة بنائبة الرئيس كامالا هاريس على رأس وفد ضم خمسين عضواً، وحضر أيضاً ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب المضيف الألماني المستشار أولاف شولتز، وغيرهم من رؤساء الدول ومندوبيهم. وترأس الوفد الصيني وانغ بي وزير الخارجية السابق، ويشغل حالياً منصب رئيس هيئة الشؤون الخارجية، وهو مقرب من الرئيس الصيني شي جينبينغ ومستشاره الأول في العلاقات الدولية.
كان لافتاً عدم توجيه دعوة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو من يمثله، واستعيض عنه بشخصيات معارضة مثل ليونيد لافالني وآخرين من المجتمع المدني. ولافتاً أيضاً كان عدم توجيه دعوة إلى الرئيس الإيراني والذي قال رئيس المؤتمر كريستوف هوبسيجن، إنَّه «لا مكان للنظام الإيراني بين المؤتمرين، بينما هو ينتهك حقوق شعبه ويقمع حريته ويتمادى بالإرهاب والتنكيل». وقد كان وجود نجل شاه إيران في المؤتمر بارزاً، وكذلك معارضون من المجتمع المدني ممن لجأوا إلى دول العالم الديمقراطي، هرباً من بطش النظام.
مقررات مؤتمر ميونيخ للأمن لم تأتِ بجديد غير متوقع، إلا أن أهم ما نتج من هذا التجمع الدولي كان مشهد الانقسام الدولي والتوتر الناجم عنه وظهور ملامح الاصطفافات الدولية في معسكرين، أحدهما غربي تقوده الولايات المتحدة، بمساعدة الحليف الأبدي السرمدي بريطانيا ومعهم الدول الأعضاء في حلف الناتو واليابان وأستراليا، ومعسكر آخر تقوده خلف الكواليس الصين، ويضم روسيا وإيران ودول منظمة الأمن الجماعي من بقايا الاتحاد السوفياتي، ورغم محاولة رئيس الوفد الصيني إظهار موقف بلاده كوسيط بين الأطراف المتحاربة عارضاً مبادرة لتسوية النزاع قيل إنها تقوم على توقف فوري للقتال وانسحاب الجيش الروسي من «عمق الأراضي الأوكرانية»، مع تعهد بعدم تجدد القتال، مقابل الاعتراف بانضمام المقاطعات الأربع دونيتسك، لوغانسك، خيرسون وزاباروجيا إلى روسيا.
الموقف الصيني هذا بمسك العصا من الوسط يعطي الصين موقعاً متقدماً على الولايات المتحدة في عرينها الأوروبي؛ فالصين حصلت على الكثير من عقود الطاقة مع روسيا وبأسعار مخفضة، وهي اليوم المورد الأساسي للعملة الصعبة إلى روسيا، كما أن تعثر بوتين بحسم الحرب زاد من اعتماده على العملاق الصيني تسليحاً ودعماً في المحافل الدولية، وأضحت قراراته وسياساته مرتبطة بموافقة ورضا الصين، ولا يخفى على أحد مدى تأثر أوروبا بما تقدم عليه روسيا؛ مما يعطي بكين موقعاً محورياً في قلب القارة العجوز. وقد أدركت الإدارة الأميركية ما تسعى الصين إليه فصرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبل انتهاء مؤتمر ميونيخ، أن الصين تقوم بتزويد أسلحة متطورة إلى روسيا، «ولهذا انعكاسات سلبية خطيرة، حيث إن حلف الناتو سيقوم بتزويد أوكرانيا بأسلحة تقلب قواعد الاشتباك»، وبهذا كشف الوزير الأميركي عن عدم حياد الصين في الحرب الدائرة.
بمناسبة عيد ميلاد الزعيم الصيني شي جينبينغ في عام 2019، قدم له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآيس كريم. وبمناسبة عيد ميلاد بوتين في عام 2022، أعطاه شي وعداً باستمرار شراكة الصين وسط الاجتياح الروسي لأوكرانيا. وفي عيد ميلاد بوتين هذا العام - أو قبل ذلك - قال المسؤولون الأميركيون، إن الصين تدرس تقديم مساعدات قاتلة لروسيا للمساعدة في الهجوم المستمر.
مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز «واثق» بأن الاستخبارات الأميركية تظهر أن الصين تدرس إرسال أسلحة روسية لدعم غزوها لأوكرانيا. جاء ذلك في برنامج «واجه الأمة» على شبكة «سي بي إس» يوم الأحد الماضي. واستشهد بيرنز بما قاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
أوضح بيرنز، أن هذا لا يعني أنهم توصلوا إلى استنتاج نهائي حول هذا الموضوع، أو أن الصينيين بدأوا بالفعل في توفير معدات فتاكة، «ولكن من الواضح أنه شيء نأخذه على محمل الجد ونراقبه بعناية فائقة».
قال بيرنز، إن بلينكن نشر المعلومات الاستخباراتية لردع الصين عن دعم روسيا ضد أوكرانيا؛ لأنه سيكون «رهاناً محفوفاً بالمخاطر وغير حكيم» بالنسبة للصين، و«آمل كثيراً ألا يفعلوا ذلك»؛ لأنه سيؤدي إلى تفاقم علاقة الصين المتوترة مع الولايات المتحدة.
في المقابل، هناك بعض الأوروبيين الذين يرون أن حرباً طويلة تناسب نوعاً ما مصالح روسيا، بدلاً من مصالح أوكرانيا.
إنها تسمح لبوتين بخنق الاحتجاجات في الشوارع، وعزل الروس عن المعلومات المخالفة، وتوفر قشرة من الشرعية الشعبية لحكمه المتجه إلى انتخابات عام 2024 وما بعدها.
ويقول مسؤولون أميركيون، إن الأوكرانيين لا يريدون حرباً «طويلة». إنهم يريدون حرباً قصيرة؛ لذلك يجب على القادة الغربيين التوقف عن القول إنهم مع حرب في أوكرانيا «طويلة» كما هو، والبدء في القول إنهم يدعمون النصر الآن.
ويرد الأوروبيون وبالذات الألمان: بالضبط هذا ما كنا نجادل فيه. يجب أن نكون بالطبع مستعدين لحرب طويلة - ولكن يجب أن تكون سياستنا هي السعي إلى نهاية سريعة من خلال تسليم المزيد من السلع العسكرية، ودعم أوكرانيا مالياً أكثر الآن بدلاً من المماطلة. وقد تصاعدت المواقف بعد مؤتمر ميونيخ فقام الرئيس الأميركي بزياره بولندا وعقد اجتماعاً مع ما يسمى (دول بوخارست التسع)، وهي بولندا، رومانيا، بلغاريا، استونيا، ليتوانيا، لاتفيا، تشيكيا، سلوفينيا والمجر، وأعلن أن التزام الولايات المتحدة دول الناتو هو أمر مقدس، وأن لا مكان للمواقف الرمادية في موضوع حرب أوكرانيا. وقد رد فلاديمير بوتين على هذا التصعيد الأميركي بخطاب ألقاه في 23 من الشهر الماضي، أعلن فيه تعليق العمل بمعاهدة ستارت مع الولايات المتحدة الموقعة في عام 2010 بين الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وديميتري مدفيديف الذي كان يومها رئيساً لروسيا، وتقضي بالحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية، بما في ذلك الصواريخ العابرة للقارات وصواريخ برؤوس نووية.
يقول مسؤول سابق كبير في وكالة الاستخبارات الأميركية، إن بوتين اليوم لا يطمح لاحتلال أوكرانيا المدمرة، التي تفوق تكلفة إعمارها أضعافاً مضاعفة حجم الاقتصاد الروسي، وحتى محاولة دخوله إلى كييف بداية لم تكن لغرض بقائه فيها، أو ضمها، بل لخلع الرئيس وإبداله بآخر موالٍ لموسكو يمنع التقارب والانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي، تماماً كما فعل الاتحاد السوفياتي عندما دخلت دباباته براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا عام 1968، وخلعت الرئيس المنتخب ألكسندر دوبتشيك القريب من الغرب، ومن ثم انسحبت إلى حيث أتت. ويكمل المسؤول السابق، أن بوتين تعثر بالوصول إلى أهدافه، وأصبح اليوم أسير صراع دولي بين قوى كبرى هو ليس من بينهم، بل يحارب نيابةً عن أحدهم وهو الصين في معركتها مع الولايات المتحدة، لتكون الدولة العظمى الأكبر في العالم. وينهي المسؤول الأميركي السابق بأن السلاح النووي الروسي حتى لو كان محدوداً، لا قدرة على استعماله؛ لأنه سيقابل بسلاح مماثل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب أوكرانيا تتحوَّل صراعاً دولياً لمن الأولوية حرب أوكرانيا تتحوَّل صراعاً دولياً لمن الأولوية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:55 1970 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية
  مصر اليوم - دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon