توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما لا تعرفونه عن حروب إيران الإلكترونية!

  مصر اليوم -

ما لا تعرفونه عن حروب إيران الإلكترونية

بقلم : هدى الحسيني

يرفض التوتر في منطقة الخليج العربي أن ينحسر، وسط تقارير متضاربة حول مبادرات سرية بين واشنطن وطهران، تتوسط بها الدول الأوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا. لكن الديناميكية العالمية السلبية تتزايد في جميع الحالات، وفي وسائل الاتصال مثل التغريدات، ووسط الدوائر الدبلوماسية على خشبة الأمم المتحدة، وفي مياه الخليج، وليس أقل قوة في المجال السيبراني.
إن التنافس بين القوى العظمى، والتهديدات السيبرانية التي إذا شعرت بها دولة واحدة، ستدفعها إلى تبني سياسة عدوانية، وتفرض على البقية أن تتبع الخط نفسه؛ روسيا، والولايات المتحدة، والحلف الأطلسي، وكوريا الشمالية، وإيران، كلها تنتقل تدريجياً من نهج دفاعي إلى موقف عدواني، الأمر الذي يؤثر على أنشطتها السيبرانية، ولا يقل هذا عن أي مجال آخر.
لبعض الوقت، تطورت العمليات الإلكترونية، مما بدا كنشاط هواة من قبل قراصنة صغار، إلى ما هو لجميع الأغراض والأهداف كسلاح يستخدم من خلال عناصر غير مسؤولة تسعى إلى ممارسة النفوذ ومتابعة الإرهاب. وفي حين أن استعمال الأسلحة التقليدية بجميع أنواعها مقيد بشكل أساسي بموجب الاتفاقيات والمعاهدات، فإن السلاح السيبراني يشكل ثغرة يمكّن الأنظمة العدوانية كالنظام الإيراني، من استعماله وإطلاقه، دون أي قيود أخلاقية أو الخوف من عواقب وخيمة، وبفضل السرية وعدم الكشف عن الهوية وعدم وجود قواعد للاستعمال، أصبح المجال السيبراني جذاباً جداً لإيران التي تحاول أن تموضع نفسها لاعباً رئيسياً على قدم المساواة مع القوى العظمى.
إذ بموجب توجيه من المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يرى أن الحرب الإلكترونية أداة مهمة لتضخيم قوة إيران ومكانتها وممارسة النفوذ على الصعيد الدولي، أصبح قطاع الإنترنت الإيراني راسخاً ويحقق اعترافاً متزايداً. ويشارك كبار صناع القرار في إيران في جميع القرارات المتعلقة بالحرب السيبرانية. وتقوم كثير من المنظمات التشغيلية، مثل وزارة الاستخبارات والأمن، و«الحرس الثوري» بتقديم عطاءاتها.
وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية هي وكالة الاستخبارات الرئيسية في إيران، وهي واحدة من منظمتين مسؤولتين عن القيام بأنشطة سرية خارج إيران، (المنظمة الثانية هي «قوات القدس» التابعة لـ«الحرس الثوري»). في عام 2012 فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على وزارة الاستخبارات والأمن لقيامها «بدعم الجماعات الإرهابية ودورها الرئيسي في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان». وفي عام 2019 أعلن الاتحاد الأوروبي أن مديرية الأمن الداخلي، التابعة لوزارة الداخلية الإيرانية، منظمة إرهابية، بسبب تورطها في نشاط عنيف وإرهابي في أوروبا. وتُعرف وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية باستخدام قدرات الاستخبارات السيبرانية، التي تشمل التدابير السيبرانية الهجومية، لتحقيق أهدافها.
تكشف التقارير المتنوعة عن أبعاد النشاط السيبراني المتنوع في إيران، والذي يتم تنفيذه لمجموعة من الأغراض، مثل التجميع، والهجمات، والتأثير على البنى التحتية المدنية والعسكرية للحكومات المستهدفة في الشرق الأوسط، وأوروبا، حتى الولايات المتحدة.
في الآونة الأخيرة فقط، كانت هناك تقارير عن هجوم سيبراني نفذته مجموعة «رانا»، المجموعة التي تعمل لصالح وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، هاجمت أكثر من 200 هدف في عشرات البلدان من أنحاء آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا، وفي قطاعات الطيران والاتصالات السلكية واللاسلكية والحكومية وتكنولوجيا المعلومات.
تعتبر مجموعة «رانا» واحدة من أهم وأكبر المجموعات الإلكترونية التي تديرها إيران في السنوات الأخيرة، ويؤكد فحص أهداف المجموعة، التي تغيرت وتضاعفت على مرّ السنين، التطلعات الإقليمية للنظام الإيراني، وقد تم تنفيذ كثير من الهجمات في أماكن تحاول إيران تعزيز نفوذها السياسي فيها، مثل العراق وسوريا ولبنان.
تضم المجموعة العشرات من المتسللين (Hackers) ويتركز نشاطها بشكل رئيسي على الأهداف الحكومية في دول الخليج كالبحرين، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، التي كانت ضحية للهجمات الإلكترونية الإيرانية في أكثر من مناسبة.
لم تكتفِ إيران بالهجمات على شركات الاتصالات، أو شركات تكنولوجيا المعلومات، بل ذهبت أبعد من ذلك بمهاجمة أهداف حكومية حساسة، حتى الدول التي تعتبر حليفة لها، مثل تركيا. فهذه لم تكن محصنة ضد العدوان الإلكتروني، وبهذه الطريقة تمكنت إيران من الوصول الفوري إلى معلومات في تركيا، استراتيجية ومحروسة جداً.
من المؤكد أن أنقرة لن تشعر بالسعادة الغامرة، لمعرفتها أن طهران هي داخل وزاراتها الحكومية، بما في ذلك وزارتا العلوم والدفاع. ومن المحتمل أن تكون إيران قادرة على استخدام هذه المعلومات في جهودها للتغلب على محاولات تركيا ترسيخ وجودها في سوريا، وأيضاً في معركة رجب طيب إردوغان، الرئيس التركي، المستمرة مع الرئيس السوري بشار الأسد، حليف إيران المخلص، على منطقة إدلب.
الهجوم الأخير هو الأحدث في سلسلة من الهجمات الإيرانية، التي معظمها يُرتكب تحت غطاء مدني، وأحياناً كثيرة ثقافي لإخفاء أصابع الاستخبارات الإيرانية أو منظمة الأمن المعنية. في عام 2017، ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أن إيران كانت وراء هجوم هائل على 9 آلاف حساب بريد إلكتروني، بما في ذلك حسابات تخص نواباً بريطانيين، ويومها طلبت الحكومة البريطانية من النواب والوزراء عدم استعمال بريدهم الرسمي، وكان من بينهم رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي. وفي عام 2018، كشفت ألمانيا عن تهديد اختراق الإنترنت المتزايد الذي تمثله إيران، مع تضاعف الهجمات الإيرانية، اعتباراً من العام 2014 فصاعداً، والتي تستهدف بشكل رئيسي الوزارات والشركات الحكومية من قطاعات الدفاع والفضاء والطاقة.
يسلط سلوك إيران في الأشهر الأخيرة الضوء على الحالة المزاجية للنظام، والتي من المرجح أن تزداد شراسة في الاستخدام غير المقيد للأدوات الإلكترونية. لن تتوقف إيران حتى تضطر إلى دفع الثمن الباهظ لنشاطها، كما تفعل لأي شكل آخر من أشكال الحروب، وإلا ستشعر جميع الدول الأخرى في المنطقة بآثار وصول إيران إلى أسرارها، عبر هجماتها السيبرانية. وعلى الحلفاء مثل العراق وتركيا فتح أعينهم أكثر من الآخرين، فالآخرون لا يستميتون في الدفاع عن كل التحركات الإيرانية كما تفعل هذه الدول تحت معادلة زائفة اسمها؛ حماية الوحدة الوطنية!
إن إيران لا تصدق حلفاءها أو أصدقاءها، إنها مخترِقة لكل أسرارهم، لأنها تشعر أنها من عرق يتفوق على أعراقهم. إنها موجودة في هذه الدول بالجسد عبر العملاء، وفي كل القطاعات عبر اختراقها السيبراني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لا تعرفونه عن حروب إيران الإلكترونية ما لا تعرفونه عن حروب إيران الإلكترونية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية
  مصر اليوم - دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon