توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب أوكرانيا غيّرت حسابات الأسلحة النووية!

  مصر اليوم -

حرب أوكرانيا غيّرت حسابات الأسلحة النووية

بقلم - هدي الحسيني

منذ وقت مبكر من حرب أوكرانيا، قال كل زعيم غربي عملياً إن هذه الحرب تمثل «نقطة انعطاف» في الشؤون العالمية، لكن ماذا يعني هذا؟ وهل هو صحيح حقاً؟ وإذا كان الأمر كذلك، فبماذا يخبرنا عن المستقبل؟ وماذا في أوكرانيا التي يتحدث فيها كثير من الناس عن «نقطة الانعطاف»؟

الآن، هناك مفاجأة وصدمة. في معظم العقول الغربية على الأقل لم يكن من المفترض أن يحدث هذا النوع من الأشياء مرة أخرى؛ أي غزو واسع النطاق لبلد رئيسي من قبل آخر في قلب أوروبا.

نذكر أنه لم يصدق أحد تقريباً، بمن في ذلك الأوكرانيون، عندما توقعت الاستخبارات الأميركية حدوث ذلك. لذلك، أعاد هجوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعريف مفهوم التهديد بين أولئك الذين كانوا حذرين من روسيا لكنهم افترضوا أن أسلوب بوتين كان أكثر حذراً وخفياً وتدريجاً. ثانياً، هناك جميع التغييرات التي نوقشت على نطاق واسع، والتي جاءت في أعقاب الغزو: انضمت فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، وتبنت ألمانيا واليابان سياسات أمنية وطنية أكثر قوة بعد 75 عاماً من الحذر وضبط النفس.

هناك أيضاً تقلب متزايد في أسعار النفط، ونقص الغذاء، والانقسام عالمياً بين أولئك الذين يدينون روسيا، وأولئك مثل الصين والهند والعديد من البلدان الأخرى التي لا تزال تركز على مشاكلها الخاصة، أو تلقي باللوم على كلا الجانبين، أو، مثل الصين، تسير على خط رفيع يشجب العنف وفي الوقت نفسه تقدم دعماً شفهياً على الأقل لروسيا. يكفي القول إن الحرب لها على الأقل تأثير كبير على الديناميات العالمية مثلما حدث مع هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وربما أكثر من ذلك.

هناك عامل كبير آخر يشكل الشعور بأن كل شيء يمكن أن يتغير بشكل أساسي. هناك خوف من أن يكون الزعيم الصيني شي جينبينغ جاداً في دمج تايوان بقوة في الصين على المدى القريب، مع كل المعضلات المصاحبة التي سيشكلها هذا للحلفاء الأميركيين والآسيويين الذين تعهدوا بمعارضة ذلك.

هذا المزيج من القلق المستمر في أوكرانيا، والرعب غير المؤكد بشأن تايوان، والسياسات المتطورة في أماكن أخرى يثير سلسلة كاملة من «ماذا لو» المقلقة، تغذي الشعور بأننا على وشك انتقال كبير. ماذا لو أن بعض تسلسل الأحداث والحوادث والحسابات الخاطئة ورّط حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع مع روسيا؟ ماذا لو تحرك جينبينغ إلى تايوان بينما لا تزال الولايات المتحدة منشغلة بالحرب الروسية؟ ماذا لو جذب ذلك الحلفاء الآسيويين في اللحظة التي تضغط فيها حرب أوكرانيا أكثر على الشركاء الأوروبيين؟

أمر آخر لافت يتعلق بالطريقة التي غيرت بها حرب أوكرانيا الحسابات المتعلقة بالأسلحة النووية. كانت الأسلحة النووية ثابتة في الشؤون الدولية لعقود، ولكن في السنوات الأخيرة، لم نشهد «الخوف» النووي الكبير الذي كان احتمالاً دائماً خلال الحرب الباردة. ومع ذلك، أجبرت تهديدات بوتين النووية خلال الحرب الجميع على التفكير من جديد في المخاطر التي تشكلها الأسلحة النووية. لا تزال الحرب مع الأسلحة النووية هي الكابوس النهائي. ويمكن أن يصبح الأمر أكثر احتمالاً، كلما زاد انتشار الأسلحة النووية.

في هذا الصدد، لا يمكن أن يضيع في العديد من البلدان ما يقوله بعض المراقبين؛ من أنه لو احتفظت أوكرانيا بالأسلحة النووية المتمركزة على أرضها عندما انهار الاتحاد السوفياتي (تخلت كييف عن 5000 سلاح نووي استراتيجي وتكتيكي في عام 1994، بموجب اتفاق بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة)، فربما فكر بوتين مرتين قبل شن حربه. حتى الآن، لا توجد علامات على أن أوكرانيا تتحرك لبناء ترسانة أسلحة نووية. وعلى الرغم من أن بعض الخبراء يطلقون على هذا النوع من الإشاعات «الهراء الخطير»، فإن نهاية الحرب قد تغير الحسابات. إذا لم ينتهِ الأمر بطريقة تعطي أوكرانيا الثقة الكاملة في أمنها المستقبلي، فمن الصعب تصديق أن أوكرانيا لن تفكر في استعادة ترسانة نووية.

في الوقت نفسه، يجب أن تسبب محنة أوكرانيا أيضاً مناقشات سياسية في بلدان أخرى مع مخاوف بشأن أمنها المستقبلي. يتعين على جيران إيران مثلاً التفكير في ذلك؛ إذ قال مؤخراً مسؤول كبير في البنتاغون إن إيران صارت على بعد 12 يوماً من الحصول على ما يكفي من المواد المخصبة للقنبلة.

في آسيا، هناك احتمال أن تقلق اليابان وكوريا الجنوبية كون الصين من المرجح بحلول عام 2030، أن تضاعف قوتها النووية ثلاث مرات (إلى نحو 1000 رأس نووي)، وذلك في لحظة من عدم اليقين السياسي الكبير في الولايات المتحدة، ومن ثم بشأن إخلاص واشنطن في «الردع الممتد»، أي توفير «مظلتها النووية» الواقية.

التطور الثاني هو تصلب التحالفات المعارضة:

على الجانب الأميركي، أصبح تشدد حلف شمال الأطلسي واضحاً الآن، حيث ظهر تشدد مماثل آخر للعلاقات الأميركية مع الشركاء الآسيويين الرئيسيين. وكان هذا واضحاً مؤخراً في اتفاق أمني ثلاثي جديد بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، حيث تعهدت البلدان الثلاثة بإنشاء «خط ساخن» للأزمة والتعاون بشكل أوثق في الدفاع الصاروخي، وفي التدريبات العسكرية المشتركة.

يعكس هذا، التعاون المتزايد الذي تحفزه حرب أوكرانيا بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران. تتجمع هذه البلدان الأربعة معاً في جميع المجالات، مدفوعة بمعارضة التفوق العالمي للولايات المتحدة والقوة الجزائية للدولار الأميركي.

التعاون الملموس هو الأكثر وضوحاً في تجارة الأسلحة التي بدأتها روسيا مع كوريا الشمالية وإيران. تزود كوريا الشمالية موسكو بالصواريخ وقذائف المدفعية التي تحتاج إليها في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، أصبحت إيران مصدراً رئيسياً للصواريخ والطائرات من دون طيار.

من جانبها، تستثمر الصين في البنية التحتية الإيرانية والكورية الشمالية مقابل النفط والأسلحة المصنعة. من المنطقي فقط أن نسأل عما قد تسعى إليه طهران وبيونغ يانغ مقابل مثل هذه المساعدة. أحد المتطلبات الواضحة هو مساعدة روسيا في البرامج النووية والصاروخية لكلا البلدين. وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز لاحظ بالفعل علامات المساعدة الروسية لبرنامج الصواريخ الإيراني. وقد تمكّن المساعدة الروسية البرنامج الإيراني من تحقيق النجاح أخيراً بالصواريخ طويلة المدى، بما في ذلك القدرة العابرة للقارات التي استعصت منذ فترة طويلة على العلماء الإيرانيين.

ومن النتائج أيضاً عودة «البريكس»، حيث يسعى نحو 40 دولة أخرى للانضمام، على الرغم من أنه تم قبول المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا فقط في اجتماع المجموعة الشهر الماضي، في جوهانسبورغ. ويسجل هذا فوزاً كبيراً لروسيا والصين وكلتاهما كانت تدفع لجعل المجموعة أكبر، باعتبارها ثقلاً موازناً لما يرونه نظاماً عالمياً تهيمن عليه الولايات المتحدة.

باختصار، سواء تبين أن الحرب الأوكرانية هي نقطة الانعطاف العالمية التي يتوقعها العديد من القادة أم لا، فقد كان لها بالفعل تأثير قوي على الجوانب الرئيسية لما هو مفهوم عادة على أنه يشمل النظام العالمي، وبخاصة التفكير في الأسلحة النووية وتكوين واتجاه التحالفات والتجمعات الدولية الأخرى. وذلك يعتمد على كيفية وفي أي ظروف تنتهي حرب أوكرانيا.

إن الأحداث في السياسة العالمية تتحرك، وهذه غير متعلقة بموسم شتائي أو صيفي. السؤال الوحيد هو: كيف ستستقر؟ أو بماذا ستصطدم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب أوكرانيا غيّرت حسابات الأسلحة النووية حرب أوكرانيا غيّرت حسابات الأسلحة النووية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon