توقيت القاهرة المحلي 06:50:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دول «بريكس» تستطيع إحراج أميركا لا إخراجها!

  مصر اليوم -

دول «بريكس» تستطيع إحراج أميركا لا إخراجها

بقلم - هدي الحسيني

انعقد مؤتمر «بريكس» من 22 إلى 24 من الشهر الماضي في مدينه جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، وكان أبرز الحضور الرئيس البرازيلي لويس دي سيلفا، وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند، وشي جينبينغ رئيس الصين والمضيف سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا.


وقد غاب الرئيس فلاديمير بوتين عن الحضور بسبب طلب الدولة المضيفة عدم ترؤسه الوفد الروسي؛ نظراً لحرب أوكرانيا فأناب عنه وزير الخارجية لافروف. وأرسلت السعودية وفداً برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، كما كان لافتاً حضور مصر التي ترأّس وفدها رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وكذلك حضرت وفود من إيران، والإمارات، والجزائر، وإثيوبيا، والأرجنتين وغيرها.

الذي أعاد إحياء «بريكس» كان سلسلة من الأحداث الداعمة. تشمل هذه الأحداث حملة الصين لبناء علاقات اقتصادية وسياسية مع الجنوب العالمي، وصعود ما يسمى القوى الوسطى، وغياب الاستراتيجيات الأميركية أو الأوروبية لإشراك الجنوب العالمي، والتعددية القطبية، وأخيراً - الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

ولكن بما أن التحالفات الغربية بما في ذلك حلف شمال الأطلسي، قد دعمت أوكرانيا لأنها تدافع عن نفسها من اجتياح روسي غير مبرر، فقد فشل عدد من البلدان في دعم كييف.

إضافة إلى التعقيد، هناك الفجوة العالمية بين جداول الأعمال الاقتصادية وجداول الأمن القومي. الولايات المتحدة تصف استراتيجية الاستخبارات الوطنية الجديدة لمجتمع الاستخبارات لعام 2023، في تقرير صدر في وقت سابق من هذا الشهر، بأنه «بيئة تهديد معقدة ومترابطة بشكل متزايد» مع تهديدات ليس فقط من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.

إِعلام الدول المعادية للولايات المتحدة استبشر خيراً من حجم الدول المشاركة تعداداً سكانياً وثروات وإنتاجاً، وذهب البعض منها إلى التنبؤ بأن ما سيتبع هو نظام مالي مرادف للنظام الحالي الذي يرتكز أساساً على الدولار الأميركي، فيتم الاستغناء عن نظام السويفت للمعاملات المالية ومركزه في نيويورك، كما يتم إنشاء بنك مستقل عن البنك الدولي، له الأهداف نفسها إنما من دون سطوة الولايات المتحدة التي لديها اليد الطولى في قرارات البنك الدولي بتملكها 15.6 في المائة من المؤسسة.

إنما واقع الأمر كان بعيداً جداً عن ما تمناه البعض في منابر التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع والمكتوب. وكانت أهم المقررات هي قبول عضوية ست دول جديدة، واتفاق تعاون من أجل اللقاحات المضادة لفيروس «كوفيد»، واتفاق لأجل الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم. ولم تكن ضمن نتائج المؤتمر المعلنة أي إشارة إلى الأمور المالية وإنشاء مؤسسات دولية لا ترتبط بالدولار الأميركي. يقول خبير مصرفي في لندن إن هناك مجموعة عوامل تقف في وجه «بريكس» كي تصبح قوة اقتصادية مالية منافسة للولايات المتحدة واحتكار عملتها عمليات التبادل التجاري. يقول إن أول هذه العوامل هو تفاوت الأهداف بين الدول الأعضاء. فمصر على سبيل المثال تهدف إلى الحصول على قروض طويلة بأسعار فائدة متدنية، وكذلك إثيوبيا، وعلى الرغم من استعداد الصين للإقراض، فإن الشروط الصينية يصعب على أي مسؤول مصري أن يقبلها. وهناك دول أعضاء تسعى لكسر الحصار المالي الأميركي؛ ما يشكل عبئاً ثقيلاً على دول أعضاء أخرى، وهناك دول صناعية كبرى في «بريكس» هدفها ليس سوى التوسع التجاري.

ويكمل الخبير بأن بعض الدول الكبرى المؤثرة في «بريكس» لديها تنافس بين بعضها أكبر بكثير من تنافسها مع الولايات المتحدة، لا، بل لدى بعض هذه الدول مثل الصين مصلحة بالمحافظة على استقرار السوق الأميركية التي هو السوق الأهم في تجارتها الدولية. والشيء نفسه ينطبق على الهند التي تسعى للتفوق على الصين في كثير من المجالات.

وبحسب المصرفي، فان اعتماد التجارة العالمية على الدولار مرتبط باستقرار هذه العملة، ولكي تحل عملة أخرى مكان الدولار، هناك حاجة إلى مجموعة أمور، أولها نشوء هذه العملة وبناء الثقة العالمية بها، وفي الوقت نفسه عدم استقرار مستمر للدولار الأميركي.

تمثل دول «بريكس» نحو 40 في المائة من سكان العالم وربع الناتج المحلي الإجمالي للعالم، ولكن القصة الاقتصادية لأعضائها لم تعد قصة نجاح موحد. في حين تمتعت الصين والهند بنمو اقتصادي إيجابي، كان ركود الناتج المحلي الإجمالي من نصيب البرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا. كما ازدادت حدة سياسة المجموعة، وينتقد أعضاؤها بشكل روتيني المؤسسات الغربية التي كانوا يغازلونها ذات مرة.

بالإضافة إلى الدفاع عن دخول جنوب أفريقيا، تدعو الصين منذ عام 2017 إلى إضافة أعضاء لإنشاء «بريكس بلس». كانت الهند وجنوب أفريقيا أقل حماسة؛ لأن التوسع من شأنه أن يخفف من نفوذهما، ولكنه يزيد من تأثير بكين على المداولات الجماعية. أعطى اجتماع جوهانسبرغ الأخير الصين نجاحاً دبلوماسياً، حيث صدرت دعوات إلى الأرجنتين، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للانضمام كأعضاء كاملين ابتداءً من 1 يناير (كانون الثاني) من العام المقبل.

تُعَدّ اجتماعات «بريكس» الآن تجمعات عالمية مرموقة على الرغم من غياب الولايات المتحدة وأوروبا. حضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قمة جوهانسبرغ.

استخدمت الصين وروسيا المنتدى للقول بأن رؤيتهما للحوكمة العالمية من شأنها أن تخلق نظاماً عالمياً أكثر استجابة لاحتياجات البلدان النامية والاقتصادات الناشئة.

جميع أعضاء «بريكس» هم حالياً شركاء اقتصاديون أقوياء مع التركيز على الجنوب العالمي، وبعضهم لديه مجموعات كبيرة من رأس المال المتاح. تقدم «بريكس» بنية مالية وسياسية يمكن للصين من خلالها تجاوز المؤسسات الغربية وإضعاف النفوذ الغربي.

تأثير الصين على «بريكس» هو سيف ذو حدين. والجدير بالذكر أن أياً من جيران جنوب شرق الصين غائب، وخاصة إندونيسيا. لا تريد الهند ولا البرازيل أن يُنظر إلى المجموعة على أنها قاعدة لنفوذ الصين أو سبب للاحتكاك مع واشنطن.

سيشعر الكثير من الأعضاء المقترحين بالشيء نفسه. لهذا السبب؛ ستكون قدرة الصين على استخدام «بريكس» محدودة.

من جهة أخرى، ليس لدى روسيا سوى القليل من رأس المال الحر للمساعدة الإنمائية، وهي تمنع تدفق الحبوب التي تعتمد عليها الكثير من البلدان النامية من أجل الغذاء والاستقرار. وشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإلقاء خطاب عن طريق الفيديو، ولكن روسيا لم تجد دعماً يذكر لحربها ضد أوكرانيا. مثل إيران، أفضل ما يمكن أن تقوله روسيا هو أن القمة سمحت لها بإظهار أنها ليست معزولة.

ستتحكم «بريكس» الموسعة في كمية غير عادية من المعادن الثمينة، بما في ذلك الأتربة النادرة (~ 70 في المائة)، والمنغنيز (~ 75 في المائة)، والغرافيت (~ 50 في المائة)، والنيكل (~ 28 في المائة)، والنحاس (~ 10 في المائة). ويعتقد الأميركيون أنه سيكون من الحماقة ترك الصين للسيطرة على هذا النظام البيئي.

الأول من يناير المقبل، موعد انضمام الدول الغنية إلى «بريكس»، سيكون أيضاً موعد صحوة عملاقين، إذا أمكنت هذه التسمية: أميركا والغرب مقابل «بريكس»، فإما يحصل التطاحن، وإما يبقى الأمر على ما هي الحال اليوم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دول «بريكس» تستطيع إحراج أميركا لا إخراجها دول «بريكس» تستطيع إحراج أميركا لا إخراجها



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon