توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل

  مصر اليوم -

إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل

بقلم : هدى الحسيني

تعهد قائد «الحرس الثوري» الإيراني محمد علي جعفري بالانتقام للذين سقطوا في الأحواز، وحذر «الأعداء» من «تدمير صاعق». ويوم الاثنين الماضي أطلقت إيران 6 صواريخ «أرض - أرض» باتجاه «مواقع التكفيريين» شرق الفرات في سوريا، سقط أغلبها في كرمانشاه بإيران.

تحاول إيران باستمرار قصف من يقف في طريق طموحاتها، وبعد عملية الأحواز ساد اعتقاد بأنها ستحاول أكثر. لكن منذ بدء الثورة الإيرانية والنظام يدعم كل منظمة إرهابية في المنطقة تزعزع الأنظمة التي تريد إيران إسقاطها. اللافت أن عملية الأحواز نجحت، ومجرد خروج الإيرانيين باتهامات سخيفة يعني أن العملية أضرت بشيء هم حساسون تجاهه.

وقعت عملية الأحواز والإيرانيون «يحتفلون» بذكرى بدء الحرب العراقية - الإيرانية. كان الاستعراض كأنهم انتصروا في الحرب ضد العراق؟ هم في الواقع لم ينتصروا في تلك الحرب، باستثناء أمر واحد؛ أن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لم يستطع إسقاط تلك الثورة. هم يعتقدون أنهم نجحوا في منعه من تحقيق إسقاط النظام الثوري آنذاك.

أقول لمحدثي المؤرخ الغربي، إن صدام حسين نجح في وقف تصدير الثورة كما كان يطمح آية الله الخميني؟ فيجيب: ربما أخّر الأمر، لكن انظري ماذا يحدث الآن. لم يتوقفوا عن التمدد، بل سيطروا إلى حد ما على لبنان، وجزئياً على اليمن، ويسببون مشكلات جمّة لدول الخليج. حاول صدام إيقاف تصدير الثورة، لكنه عاد. لقد أخّره.

إن عملية الأحواز أدت إلى إرباك كبير داخل القيادة الإيرانية، وكان أحد أعضاء مجلس الشورى اتهم الأجهزة الأمنية بالتقصير، حيث رفض القنّاصون إطلاق النار على المهاجمين لأنه لم تصدر إليهم الأوامر بذلك. لكن إيران في السابق تجاوزت إرباكات أكثر خطورة، لأن «الثورة الخضراء» عام 2009 كانت أكثر إحراجاً للقيادة الإيرانية. إذا تكرر ما وقع في الأحواز مضافاً إليه الوضع الاقتصادي، عندها سيكمن الخطر. وحسب محدثي: إذا أراد العالم إضعاف النظام الإيراني فيجب أن يلم بكل المشكلات التي يعاني منها، وحالياً توجد 3 عناصر: الموقف الأميركي، والعجز الأوروبي عن التعويض، وما تقوم به إسرائيل في سوريا. وإذا ما أضفنا إلى ذلك انتفاضة وطنية في عربستان، فسيكون كل هذا أخطر مما رأته إيران سابقاً.

إن الاتفاق النووي وعد إيران بتقوية ضخمة لاقتصادها، وهذا الوعد في حد ذاته كان له تأثير كبير، حيث إن كل طرف افترض أن إيران ستزدهر اقتصادياً، وهذا الافتراض جلب استثمارات إلى إيران، إضافة إلى التفاؤل داخل إيران وباتجاه إيران. وما يحدث أخيراً أن كل شيء يسير في الاتجاه المعاكس، والإشارة «الإيجابية» لذلك هي انهيار الريال الإيراني تجاه الدولار. إذا تقلصت قدرة الناس على شراء ما يحتاجونه وخسرت مقدار الثلث، رغم أن الريال خسر أكثر، فعلينا أن نتذكر أن داخل إيران مشكلات تسبب بها سوء الاقتصاد منذ زمن. ونأخذ على سبيل المثال اثنتين: النسبة المرتفعة من مدمني المخدرات، والنسبة العالية من انتشار الدعارة. نضيف إلى هذه الأمور، ردود فعل بعض الشابات اللاتي صرن يتمردن على أوامر المؤسسة الدينية. ويبقى أن السبب الأساسي لهذه المشكلات اقتصادي.

يجب ألا ننسى ما حدث ويحدث في البصرة بالعراق؛ من إحراق للقنصلية الإيرانية، ثم إن التحدي الإيراني بافتتاح قنصلية جديدة لا يلغي الفعل الحقيقي، ودعوات أهل البصرة: «إيران بَرّة بَرّة»... وتلا كل ذلك ما وقع في الأحواز. إنهم من الإثنية نفسها الشيعة العرب. وكما يقول محدثي: لم نصل بعد إلى النقطة التي نقول فيها إن النظام يواجه واقعاً خطيراً، قد يواجه ذلك قريباً، لكنه حتى الآن قادر على تجنبه. يتذكر نقاشاً شارك فيه عام 2011 - 2012 حول مصير بشار الأسد، حيث قال الجميع إنه انتهى، لكنه يعترف بأن المشاركين لم يأخذوا بعين الاعتبار الوحشية التي سيلجأ إليها النظام، وكذلك التدخل الروسي.

الآن، إذا تدخل الصينيون بتغييرات اقتصادية ضخمة في إيران، فهذا لن يحل المشكلة؛ لكنه سيخفف من وقعها ولو لفترة. لذلك فإن الوضع في إيران جدّي جداً، ولكن ليس ميؤوساً منه.

أما بالنسبة إلى روسيا، فإنها لا تلعب دوراً كبيراً؛ الشيء الوحيد الذي يستطيع الروس فعله الآن هو تزويد الإيرانيين بأسلحة متقدمة، والمشكلة في إيران الآن ليست عسكرية، ثم إنه لا يستطيع الروس منع إسرائيل من قصف المواقع الإيرانية في سوريا. روسيا لا تستطيع أن تعوض إيران اقتصادياً، لأنها هي ذاتها ليست في وضع جيد.

وأسأل محدثي عما إذا كانت الولايات المتحدة تعطي الصين حرية التحرك في إيران في حين يشن الرئيس دونالد ترمب حرباً تجارية عليها، ويجيب بأنه لا يعتقد أن واشنطن تستطيع منع بكين من جعل الأمور صعبة بالنسبة لها في إيران. وإذا نجح الأميركيون في إضعاف الصين اقتصادياً، فعندها لن يرغب الصينيون في تحويل كثير من الموارد إلى إيران.
ومن ناحية أخرى، وفي رد فعل، هل يمكن لإيران أن تجعل «الحياة جحيماً» للأميركيين في العراق؟
يجيب: قد تحاول، لكنها لن تنجح، لأن في العراق قوى؛ بينها شيعية، لديها أسبابها والرغبة في عدم سيطرة إيران على العراق. لذلك، إذا حاولت إيران، وانطلاقاً مما رأينا في مواقف الرئيس ترمب، فإن محاولاتها في العراق لن تثنيه، بل على العكس ستقوي من عزيمته ضدها.
من ناحية أخرى؛ يستبعد محدثي أن يكون للوضع الإيراني الآن تأثير مباشر على «حزب الله» في لبنان. لكنه يعترف بأن هناك فرقاً كبيراً بين ما إذا كان «حزب الله» وحده، وأنه يقف مع سوريا ضد إسرائيل، لأن إسرائيل تستطيع أن تردع «حزب الله»، وإذا لم يجدِ الردع، فيمكن لإسرائيل أن تعيث خراباً في لبنان، وإذا ثبتت إيران نفسها في سوريا، فعندها القوّتان؛ «حزب الله» وإيران، يمكن أن تجعلا إسرائيل تدفع ثمناً مرتفعاً جداً. ولهذا، فإن الإسرائيليين مصممون على منع إيران من إقامة بنى تحتية عسكرية لها في سوريا. أما بالنسبة للوضع الاقتصادي، فإن «حزب الله» يحصل على الأموال عبر أنشطة كثيرة؛ منها تجارة المخدرات، واستعمال أموال تتحرك من الغرب من قبل الشيعة إلى الحزب. لذلك من يقول إنه إذا أوقفت إيران تمويل «حزب الله» غداً، فإنه سينتهي، هو على خطأ، لأنه على المدى القصير لا يعتمد الحزب كلياً على إيران، ولأن «حزب الله» يمتلك ترسانة كبيرة. التأثير الكبير هو إذا لم يكن لإيران تأثير ووجود ونفوذ على مستوى كبير في سوريا، أو إذا انتهت قدرتها على نقل الأسلحة والصواريخ من سوريا إلى «حزب الله» في لبنان.

بعد نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل؛ أي مع بداية عام 2019 ستكتشف أوروبا محدوديتها تجاه الأضرار التي ستسببها المقاطعة الأميركية. وإذا زادت المشكلات الاقتصادية داخل إيران، فسنلاحظ أن مشكلة واحدة تلد مشكلات أخرى.

العالم لا ينتظر حرباً ضد إيران، بل سيراقب كيف ستتفجر إيران من الداخل، أو أنها ستضعف إلى درجة أن تدخلها في الدول الأخرى من أجل السيطرة سيكون أكثر صعوبة. وسوف نرى كثافة في النقاشات، وربما الصراعات الإيرانية الداخلية. لكن علينا أن نتذكر أن إحدى وسائل الراديكاليين في إيران لتجنب هذا الضعف، ستكون الدفع نحو حرب أو مواجهة. ربما قد نواجه إجراء راديكالياً من إيران لمنع التراجع. قد يحاول الراديكاليون القيام بعملية كبرى في سوريا، أو الرد عسكرياً على ما تقوم به إسرائيل في سوريا، أو تكثيف إطلاق الصواريخ من الحوثيين في اليمن باتجاه منطقة الخليج، أو إطلاق صاروخ «أرض - بحر» لإصابة ناقلة نفط في شمال باب المندب... قد نرى تصعيداً محدوداً من أجل منع الإضعاف التدريجي. لكن إذا نجحت المقاطعة الأميركية، فسينجح إضعاف النظام الإيراني، حتى يجلس على طاولة مفاوضات جديدة وموسعة.

 

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon