توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استقالة الحريري المؤجلة

  مصر اليوم -

استقالة الحريري المؤجلة

بقلم : منى بوسمرة

عاد سعد الحريري أخيراً إلى بيروت بعد فترة مشحونة بالتأويلات والشائعات الكاذبة، رغم أن رئيس الحكومة اللبنانية ذاته أعلن منذ اليوم الأول لاستقالته أنها جاءت اعتراضاً على ما يجري في لبنان من تجاوزات، وتحديداً ما يفعله حزب الله على مستويات كثيرة.

الحريري الذي عاد إلى بيروت وطلب منه الرئيس اللبناني «التريث» في استقالته، لم يتراجع عنها كلياً، إذ إن مصطلح التريث يعني أنها لا تزال معلقة فعلياً، حتى يستكشف آفاق تجاوب الفرقاء السياسيين لما طلبه، من نأي بالنفس عن التدخل في شؤون الدول، وهذه مفردات تعني الكثير على مستوى لبنان والمنطقة.

لا يمكن أن يواصل حزب الله سياساته ذاتها عبر التدخل في سوريا والتدخل في اليمن، والسعي لصناعة نسخ إرهابية منه في دول عربية تنفيذاً لأطماع ومخططات إيران.

الكرة الآن في ملعب حزب الله، الذي عليه أن يفهم أن استقالة الحريري لم تكن تحت ضغط أحد كما كان يروِّج ويتمنى، بل استقالة حقيقية يريد منها الرئيس الحريري وقف التجاوزات التي تجري باسم لبنان ضد الآخرين.

ليس أدل على هذا الكلام من أن الحريري لا يزال مصراً على موقفه، وآخر تغريداته تتحدث عن أهمية الشراكة الحقيقية بين كل القوى السياسية لتحصين لبنان وحمايته والالتزام بسياسة النأي بالنفس حرصاً على الأشقاء العرب، وفقاً لتعبيره.

لا يمكن السماح باختطاف لبنان نحو مدارات تتجاوز الدولة وتتعامى عن مصالحه العليا، وعن العلاقات الداخلية في هذا البلد، وما يمثله العرب من عمق تاريخي داعم، خاصة في ظل مناخات الاستعداء التي يتم توليدها ضد دول عربية مهمة وقفت تاريخياً إلى جانب لبنان، ولعبت دوراً أساسياً في مصالحاته التي أوقفت الحرب الأهلية.

تريث الحريري في تقديم استقالته لا يعني بكل الأحوال عودته عنها، بل هو يمنح الفرصة لأطراف كثيرة في الداخل، وتحديداً من يمثلون مصالح إيران، بتغيير سياساتهم، والتنبه إلى مصلحة اللبنانيين، وإشهار موقف جديد بخصوص كل القضايا التي كان قد أثارها الحريري في استقالته في الرابع من نوفمبر.

إن عيون العالم والمنطقة ستركز على ما سيجري، وكثير من المراقبين يعتقدون أن تجاوبات الأطراف الأخرى ستكون منخفضة؛ لأن لها مصالح محددة تلتقي مع عواصم إقليمية، وتحديداً ما تريده طهران، لكن الحريري تصرف بشكل عاقل ومنح هذه الأطراف الفرصة للتراجع عن سياساتها، حتى لا يكون سبباً في انهيار التركيبة السياسية الداخلية، دون أن ننكر هنا أن استقالته حققت أهدافاً كثيرة، أبرزها إثارة العاصفة في وجه إيران وأدواتها في المنطقة، التي تسعى إلى التمدد من دولة إلى أخرى، وليس أدل على ذلك من أن الاستقالة تفاعلت على كل المستويات الدولية والإقليمية والعربية.

كل ما يريده العرب للبنان أن يبقى عربياً مستقراً آمناً، لا تتغول فيه أي جماعة على الدولة، ولا تقوم أيضاً بتوظيف واقعها من أجل التدخل في شؤون دول عربية، بل ومنح التسهيلات من أجل تهديدها، ومس أمنها.

وعلينا أن نراقب بشكل دقيق الذي سيجري في لبنان خلال الأيام المقبلة، لنعرف إذا ما كان تريث الحريري عن تقديم استقالته رسمياً سيبقى قائماً، أم أنه سيعلن ذات لحظة أن لا تجاوب من الفرقاء السياسيين، وتصير استقالته لحظتها مؤكدة، وهو ما سيجعلنا لحظتها نلوم الأطراف التي كانت السبب في كل هذه الأزمات، وليس سعد الحريري.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقالة الحريري المؤجلة استقالة الحريري المؤجلة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon