بقلم - منى بوسمرة
بالفعل «تغيير صغير.. له تأثير كبير»، كما أكد حمدان بن محمد لدى إطلاقه مبادرة «دبي تبادر» للاستدامة، وهذا ما تبرهن عليه الحقائق، فتبني تغييرات بسيطة على سلوكياتنا اليومية، وليكن هذه المرة تجاه قوارير عبوات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وهو ما تشجع عليه المبادرة، قادر على إحداث فارق مذهل في حماية البيئة والحفاظ على مواردنا الطبيعية ومواجهة التحدي المناخي، خصوصاً أن الأرقام تظهر أن استهلاك القوارير البلاستيكية يصل إلى نحو 4 مليارات قارورة على مستوى الدولة سنوياً، بينما تحتاج القارورة الواحدة إلى نحو 400 عام كي تتحلل، وهو ما يشكل أحد أكبر التحديات البيئية على مستوى العالم.
المبادرة المبتكرة والنوعية، بأهدافها المهمة، تضاف إلى مبادرات دبي الكبرى والمستمرة في الملف البيئي الذي تضعه الإمارة والدولة عموماً على رأس الأولويات، كونه من التحديات العالمية الملحة، وباتت بما أنجزته فيه وما تتخذه من خطوات واسعة في معالجته، نموذجاً رائداً وملهماً، فهذه المبادرة تنطلق من قلب استراتيجية دبي للاستدامة التي تستهدف التحول إلى تنمية صديقة للبيئة، وتحقيق الحياد المناخي، كما تأتي بعد اعتماد المجلس التنفيذي لسياسة الحد من الأكياس أحادية الاستخدام، لتؤكد جدية المساعي وشموليتها وإصرارها على إحداث تغييرات واسعة في أسلوب الحياة اليومي للسكان، بما يصنع أثراً كبيراً في الارتقاء بجودة الحياة وجعل دبي مدينة صحية ومستدامة والأفضل عالمياً للعيش.
رهان دبي في هذه المبادرة على الوعي المجتمعي، وهو رهان كان دائماً في محله، فالالتزام والمبادرة المجتمعية في الإمارة أصبحت مثالاً عالمياً يشار إليه بالبنان في إنجاح التوجهات النبيلة، وكان مجتمع دبي على الدوام، بكل أفراده ومؤسساته، شريكاً فاعلاً في إنجاح مثل هذه المبادرات المهمة، وبناء المستقبل الأفضل للجميع بتكاتف وتعاون الجميع، والإلهام الذي تهدف إليه المبادرة في سلوكيات المواطنين والمقيمين وكذلك الزوار تجاه قوارير المياه البلاستيكية، يأتي مدعوماً بالكثير من المحفزات، حيث تتضمن المبادرة نشر أكثر من 30 جهازاً لتوفير مياه الشرب لإعادة ملء القوارير بالمجان في مواقع رئيسية في الإمارة، كما أن مياه الصنبور في دبي صالحة تماماً للشرب، ومستوفية لجميع الاشتراطات الصحية والمعايير العالمية لنقاء المياه الصالحة للشرب، ولا تحتاج إلا فلاتر للتخلص من شوائب الخزانات.
إذا عرفنا أن المخلفات البلاستيكية تقتل نحو 1.1 مليون من المخلوقات والكائنات البحرية حول العالم سنوياً، عدا عما تسببه من مشكلات بيئية أخرى كبيرة، فإننا ندرك أن التفاعل الجاد من كل فرد منا مع «دبي تبادر»، بتغيير بسيط في أسلوب حياتنا الاستهلاكية، قادر على صناعة فرق هائل منقذ لحياة ملايين الكائنات، ويرتقي بجودة حياتنا نفسها