بقلم : منى بوسمرة
الولايات المتحدة الأميركية عادت إلى تفعيل دورها في الشرق الأوسط وفي المنطقة، بعد سنوات طويلة من الغياب، والإخلاء الذي استفادت منه قوى إقليمية ودولية، محاولةً التمدد في مساحات الفراغ الأميركي، وعلى حساب أمن المنطقة والعالم.
لم تكن هذه القوى وحيدة، إذ إن قوى الإرهاب وجماعاته والدول الراعية والحاضنة لها تحركت بقوة من أجل تدمير بنية المنطقة وإعادة رسم خريطتها السياسية، مختطفةً الإسلام، ومشوهةً سمعته وسمعة العرب، ومنكلةً بالأبرياء وحياتهم ومستقبلهم ومواردهم.
زيارة الرئيس الأميركي البارحة السبت إلى الرياض، وعقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قمة مع خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، ثم عقد قمتين اليوم، خليجية – أميركية، وعربية إسلامية – أميركية، دليل على إعادة صياغة الولايات المتحدة سياساتها في وجه التطرف والإرهاب، ووجه إيران ومشروعها التوسعي.
الاتفاقيات التي تم توقيعها في الرياض يوم أمس تؤشر إلى تعاظم العلاقات السعودية - الأميركية، وإلى التحالف الوثيق في وجه كل من يحاول الاقتراب من المنطقة بسوء، وهي اتفاقيات تعزز أمن السعودية والمنطقة وقوتها العسكرية، بما ينعكس إيجاباً على دول الخليج العربي وكل المنطقة العربية.
في هذا المشهد العالمي، يبرز الدور المهم لسمو الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي عهد السعودية، الذي كان قد زار الولايات المتحدة والتقى الرئيس الأميركي، وكانت التفاهمات والاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال زيارته توطئة لما رأيناه في الرياض أمس، إضافة إلى دوره على مستوى العلاقات بين البلدين.
الواضح أن دور الأمير ومكانته العالمية بارزان بشكل يقر به الجميع، وهذا مؤشر إلى الجيل الشاب القادر على التغيير وفهم لغة العالم ومصالح بلاده، مشكّلاً نموذجاً قيادياً يحتذى ويستحق التقدير في عيون السعوديين والعرب والعالم.
إن عقد القمة الخليجية - الأميركية، والقمة العربية الإسلامية - الأميركية، في يوم واحد، يحمل رسائل كثيرة إلى كل أولئك الذين تطاولوا على أمن المنطقة، وهي رسالة قوية جداً لإيران حصراً، التي تعتقد أن بإمكانها تصدير الفوضى، والعبث بأمن دول المنطقة بعناوين كاذبة لا تنطلي على أحد، مثلما تحمل القمتان رسائل إلى الإرهابيين، الذين يتوحد العالم اليوم في وجههم سياسياً وعسكرياً وأمنياً وفكرياً، في سياق المساعي لتطهير المنطقة والعالم من هذه الجماعات التي لا تعرف سوى القتل وإهانة الإنسانية.
هذه حقبة حافلة بالتحولات، ونحن أمام حقبة جديدة بما تعنيه الكلمة، ولا بد أن نشير هنا إلى دور دولة الإمارات التي تشارك في القمة الخليجية - الأميركية، والقمة العربية الإسلامية - الخليجية، والتي دعت دوماً لأن يسود الاستقرار والسلام وحسن الجوار، وأكدت دوماً ضرورة محاربة الإرهاب فكرياً وعسكرياً، وكانت الرؤية الإماراتية عميقة وثابتة، وصحيحة نابعة من أسس غير قابلة للتغير، وما شهدناه في زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للولايات المتحدة، وقمته مع الرئيس الأميركي، يُظهر مكانة الإمارات وتأكيدها الثوابت العالمية بخصوص الأمن والاستقرار، وردع أي قوة تحاول المساس بأمن المنطقة، وإنهاء الإرهاب بكل أشكاله.
نحن أمام ما يمكن تسميته إعادة صياغة لكل السياسات الأميركية، بوجود شراكات عربية وإسلامية، وأمام ما يمكن وصفه بخطة عمل جديدة للمنطقة والعالم، تحوّل كل المواقف إلى آليات عمل وبرامج في وجه كل القوى الشريرة التي تنظر إلى مشهد الرياض اليوم بذعر شديد لما يعنيه على كل المستويات.
المصدر : صحيفة البيان