بقلم - منى بوسمرة
لنعد بذاكرتنا إلى ما بثه تلفزيون النظام القطري قبل عام من الآن تقريباً، متهماً دول المقاطعة لاحقاً بقرصنة شاشته ووكالة أنبائه، حين بث أكثر من عنوان يلخص تصريحات الأمير تميم المنحازة لإيران وسياساتها.
ذلك اليوم كان مشهوداً، وبعدها عادت الدوحة ونفت التصريحات، وادعت زوراً وبهتاناً أن أمير قطر لم يقلها، وأقامت الدنيا ولم تقعدها باعتبارها الضحية، بل واصلت مهزلتها بتوجيه اتهامات لاحقة بحدوث قرصنة.
اليوم ما الذي يمكن أن يقال حين نقرأ تصريحات حاكم الدوحة خلال مكالمته مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، وهو كلام يتطابق تماماً مع ما نشره التلفزيون القطري سابقاً، وتم التراجع عنه لاعتبارات ردود الفعل، التي تعاملت مع تلك التصريحات بكل ما تحمله من تآمر وحقد على دول المنطقة.
من جديد يخرج أمير قطر ليعلن عداءه لكل الدول العربية، التي تعاني من سياسات إيران وتدخلاتها التخريبية، التي أدت إلى كل ما نراه من دمار في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ويتحدث عن تعزيز العلاقات مع طهران، متعهداً بأنه لن ينسى موقف إيران إلى جانبه بعد قرار المقاطعة من الدول الأربع.
مع يقيننا بطبيعة العلاقة والانسجام بين تنظيم الحمدين ونظام الملالي في إيران، لكن الخطورة في ما ذهب إليه تميم أنه يكشف علانية عن تورّط نظام حكمه في تنفيذ مخططات طهران، إذ إن الدوحة التي دعمت الجماعات الإرهابية التي ادعت تمثيل السُّنة في المنطقة، وادعت محاربة الوجود الإيراني لم تكن إلا حلقة في نفس المخطط وبرعاية قطرية، والهدف هدم استقرار الدول من أجل تسهيل التمدد الإقليمي الطامع، وهذا غير ممكن دون نشر الفوضى، وإشعال الصراعات السياسية والدينية والطائفية.
ما الذي يمكن أن يقوله الشعب القطري؟ وما ردّة فعله وهو يرى نظام حكمه يتحالف مع إيران وقبلها إسرائيل، وبينهما جماعة الحوثي الإرهابية، التي تهدد بالصواريخ سلامة المدنيين في الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية؟ وهذا ما ذهب إليه الدكتور أنور قرقاش في تغريدة له، إذ يقول: «لا أتصور أن المواطن القطري راضٍ عن دعم حكومته للحوثي أو تقارب بلاده من طهران، كما أنه لم يرضَ قبلاً بتطبيع بلاده مع إسرائيل أو علاقاتها مع حزب الله، عزل القطري عن محيطه مسؤول عنه التوجهات السياسية الباطنية لقيادته».
القطريون يعرفون جيداً كلفة المعلومات المنشورة عن مكالمة أمير قطر مع الرئيس الإيراني وهي معلنة في وسائل إعلام تتبع النظامين الإرهابيين، وقد كشفت وجه الدوحة المستور وحقيقة دورها الذي يعادي المنطقة العربية برمتها لصالح النظام في طهران، والذي لا يتورع عن ارتكاب كل الجرائم ليصل إلى أهدافه، وستصل إلى شعب قطر ذات يوم وهو أمر لا نتمناه لهم أبداً.
الدوحة مستمرة في اللعب على كل الحبال، تارة مع تركيا ومرة مع إيران، وأخرى تدعي أنها مع المقاومة الفلسطينية، وتارة تبيعهم للإسرائيليين، ومن الطبيعي أن إدارة الدول على طريقة ألعاب السيرك ستؤدي إلى خسائر وكلفة كبيرة؛ لأن المجازفة دون حسابات لا يمكن أن تضمن النجاح في إدارة الدول ومصالح الشعوب.
يبقى السؤال: أين الجماعات الإرهابية والحزبية، مثل جماعة الإخوان وغيرها، التي كانت تبايع نظام الدوحة باعتباره الأب الروحي لها، وهي ترى جهاراً أنه نظام تابع وموالٍ لإيران وإن كان بوجه عربي شقيق؟
نقلا عن البيان الاماراتية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع