بقلم - منى بوسمرة
رغم حالة الحزن على فقيد الوطن، الشيخ خليفة، رحمه الله، إلا أن قراءة المشهد الوطني، مع انتخاب الشيخ محمد بن زايد، ليكون الرئيس الثالث للدولة، توحي بالكثير من الدلالات الإيجابية، والحقائق الراسخة والطموحات الكبيرة.أولى هذه الدلالات، الانتقال السلس للسلطة، سواء في تولي الشيخ محمد بن زايد منصب حاكم أبوظبي، أو منصب رئاسة الدولة، مثل كل عمليات الانتقال السابقة للسلطة، سواء على المستوى المحلي أو الاتحادي، وجاء الانتقال الجديد، لتتجلى فيه دولة القانون واحترام الدستور بأبهى صورة، ما يثبّت دعائم الاتحاد، ويزيد الالتفاف الشعبي حول قيادته، ويعزز صورة الإمارات في الخارج، دولة للقانون، وهو رصيد كبير، يكسبها احترام وثقة العالم، ويعزز شبكة علاقاتها السياسية والاقتصادية.
الدلالة الثانية، هي الفخر الوطني، والترحيب العالمي بالرئيس الجديد، فعلى المستوى الوطني، يعكس حالة الاطمئنان واليقين، أن نهج الوالد المؤسس، زايد، في التنمية والنهضة، يكتسب طاقة جديدة نحو مزيد من التقدم والازدهار، فكما خليفة، هو محمد بن زايد، امتداد لفكر ورؤية زايد في الوحدة والاتحاد، وخدمة شعب الإمارات، فأمانة الوطن ومسؤوليته وحمايته واستقراراه بأمان تام.
وعلى المستوى الدولي، فإن الترحيب العالمي، سواء من القوى العظمى أو غيرها، بانتخاب محمد بن زايد، علامة شديدة الوضوح، على المكانة الرفيعة للإمارات على الساحة الدولية، ودلالة على قوة تأثيرها في المشهد الدولي، والذي بدا واضحاً في تصريحات قادة الدول، على رغبتهم في توثيق وتوسيع علاقات دولهم بالإمارات.
الدلالة الثالثة، ما أشار إليه الشيخ محمد بن راشد، وهو يبارك ويبايع الشيخ محمد بن زايد، حين تحدث عن ولادة جديدة لدولة الاتحاد، مع رئيسها الجديد، فإذا كانت مرحلة الرئيس الأول، زايد، مرحلة التأسيس، ومرحلة الرئيس الثاني، خليفة، مرحلة التمكين، فإن مؤشرات مرحلة، الرئيس الثالث، محمد بن زايد، هي مرحلة الانطلاقة الكبرى للعالمية، وهي مراحل مترابطة ومتشابكة بشكل عضوي، وكل واحدة تستند إلى ما قبلها، وامتداد لها.
وتبدو الإمارات مهيأة تماماً للعبور إلى تلك المرحلة، لأنها تمتلك، وقبل كل شيء، الرؤية والفهم العميق للتحولات العالمية، سواء السياسية أو الاقتصادية أو العلمية والتكنولوجية، ثم إنها تمتلك الإمكانات المادية، والآليات التي تؤهلها لأن تكون قوة إيجابية، اقتصادية وسياسية، وصاحبة قرار مؤثر في العالم الذي تتموضع فيه اليوم القوى العالمية في تحالفات جديدة.
فالرئيس الجديد، استطاع من خلال إدارته العديد من الملفات الكبرى، الداخلية والخارجية، أن يجعل الإمارات دولة محورية في الإقليم، على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، وأن تكون لاعباً مهماً في رسم مستقبل أفضل للمنطقة، ومن خلال فهم عميق للتوازنات العالميةـ التي جعلت الإمارات أكثر إدراكاً للمتغيرات والتحديات، وبالتالي، أكثر تأثيراً في الساحة العالمية.
يساعدها في ذلك قوتها الاقتصادية المتنامية عالمياً، عبر أذرع استثمارية عملاقة، وتوجهها نحو الاستثمار في التقنيات الدقيقة والعلوم الحديثة، التي نسجت عبرها شبكة واسعة من العلاقات السياسية والاقتصادية والعلمية، مع كبرى الاقتصادات العالمية، بشراكات طويلة المدى.
لذلك، فحين يبشرنا، محمد بن راشد، بولادة جديدة للدولة، فكأنما يشير إلى انطلاقة عالمية مؤثرة، وأنها طبيعة الأمور، بعد مرحلتي التأسيس والتمكين. والولادة الجديدة، كما نفهمها، طاقة إيجابية جديدة، تسري في شرايين الاتحاد، وليس لها دلالة على أي تغيير في السياسات، بقدر ما تدل على حيوية إضافية، لتنفيذ نفس السياسات التي تتجه بالإمارات لتكون دولة ذات تأثير عالمي، مشارك في صياغة القرار الدولي، والتوجهات الدولية التي تشكل المستقبل.
نبارك لرئيسنا ونبايعه، ونقول له، كما قال محمد بن راشد، سر بنا نحو قمم جديدة، ونحن بك ومعك، نتفاءل بقادم أجمل وأعظم وأقوى لدولة الإمارات. ومع محمد بن زايد «لا تشلون هم».