توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من فاتن حمامة إلى نيللى كريم ونصف قرن من مُعاناة نساء مصر

  مصر اليوم -

من فاتن حمامة إلى نيللى كريم ونصف قرن من مُعاناة نساء مصر

بقلم - سعد الدين ابراهيم

بين فيلم «أريد حلاً»، الذى لعبت فيه سيدة السينما المصرية فاتن حمامة، دور الزوجة الأسيرة لزوج طاغية، إلى نيللى كريم فى المسلسل الرمضانى «فاتن أمل حربى»، مازالت الزوجات المصريات أسيرات قوانين أحوال شخصية بالية، تُعطى الرجال من الحقوق، ما يجعل منهم أسياداً، أو من زوجاتهم جاريات أسيرات.

لقد فتحت ذلك الملف باقتدار الكاتبة الصحفية حُسن شاه، فى فيلم «أريد حلاً»، الذى أنتج عام 1975، ما أعطى السيدة الراحلة جيهان السادات أرضية مجتمعية مناسبة لتغيير قوانين الأحوال الشخصية، التى سنّها الرجال فى قرون سابقة، وأعطت الرجال حقوقاً جائرة، جعلت من النساء المصريات زوجات أسيرات تحت رحمة أزواجهن: يضربونهن ويحرمونهن من فُرص الخلاص، وتجعل الطلاق احتكاراً للأزواج فى أكثر من تسعين فى المائة من حالات الخلاف.

وكان لسيدة الشاشة المحبوبة القديرة فاتن حمامة، والتى لعبت دور الزوجة المهيضة الجناح، تأثير كبير فى دعم حملة جيهان السادات فى تعديل تِلك القوانين الجائرة.

ولكن التعديل الذى أدخل بعض الإنصاف، لم يُعالج كل، أو حتى معظم الإجحاف الذى كانت النساء ضحاياه، منذ نصف قرن تقريباً. وحسناً تصدى الإعلامى القدير إبراهيم عيسى، فى كتابة قصة «فاتن أمل حربى»، والتى لعبت دور بطولتها الفنانة الرائعة نيللى كريم، التى أعتبرها الخليفة الشرعية لفاتن حمامة، مع تحسينات مشهودة، وجاء المُنتج جمال العدل والمخرج محمد جمال العدل، ليستكملا سيمفونية تليفزيونية، أسعدت وأبكت الملايين فى مصر والوطن العربى، طيلة شهر رمضان 2022.

ولا يمكن تلخيص حلقات مسلسل «فاتن أمل حربى»، فى مقال من ستمائة كلمة، لكاتب غير مُتخصص، مثلى، فى فنون، الدراما عموماً، والتليفزيونية خصوصاً. ومع ذلك فإن إحدى قناعاتى، أو بالأدق مهماتى، هى تِلك الخاصة بعالم الاجتماع، الذى يهتم بالأسرة والزواج، ضمن الاهتمام العام بدراسة المجتمع المصرى المعُاصر.

وفى ضوء ذلك يمكن ملاحظة:

1- أن السيادة الذكورية الرجالية مازالت موجودة فى الواقع كما يرصدها إبراهيم عيسى فى عام 2022، وكما رصدتها الكاتبة حُسن شاه منذ نصف قرن تقريباً فى فيلم «أريد حلاً»، وكما كان قد رصدها صاحب نوبل، نجيب محفوظ، منذ أربعينيات القرن الماضى فى ثُلاثيته الشهيرة «بين القصرين، وقصر الشوق، والسُكرية».

2- أن القوانين التى تُنظم تِلك العلاقات الأسرية من زواج، وطلاق، ونفقة، وحضانة أطفال، والحق فى المسكن، وإن تحسنت قليلاً، فإنها لا تزال مُجحفة بالنسبة للنساء، وذلك مُقارنة بمعظم ما أصبح سائداً، لا فى المجتمعات الغربية المتقدمة فحسب، بل أيضاً مُقارنة بمجتمعات مسلمة أخرى مثل تونس، والجزائر، والمغرب، والأردن، وفلسطين.

3- بينما كانت الزوجة المصرية المسلمة، فى رواية «أريد حلاً»، تتوسل الخلاص من زواج قهرى، خالِ من المحبة والمودة، والمُعاملة الطيبة، وأن يأتيها ذلك الخلاص من تفهم الزوج والحلقة القرابية، نجد الزوجة فى مسلسل «فاتن أمل حربى»، تُبادر بالبحث عن الخلاص بنفسها. ورغم أن قوانين الشريعة والأحوال الشخصية، لم تتغير كثيراً، ولكن الذى تغير هو المرأة المصرية فى القرن الحادى والعشرين، وهو ما سلّط الضوء عليه بذكاء كاتبنا العبقرى إبراهيم عيسى، وأدته بإتقان الفنانة نيللى كريم، التى لم تضعف أو تستسلم لزوج طاغية، أداه باقتدار الفنان شريف سلامة، الذى نجح فى إثارة الغضب والكراهية فى جمهور منَ واظبوا على مشاهدة ذلك المسلسل، والذى نجح فى كشف عوار قوانين الشريعة والأحوال الشخصية.

لقد كان لفيلم «أريد حلاً»، تأثير مشهود على الرأى العام، تمكنت معه السيدة الأولى الراحلة جيهان السادات، من تعديل بعض المواد المُجحفة بالنساء فى قوانين الأحوال الشخصية. ولذلك فنحن نتطلع إلى مُبادرة مماثلة، لتعديل ما تبقى من مواد مُجحفة بذلك القانون. لقد أظهر الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مُناسبة تعاطفه مع نساء مصر، كان آخرها بمُناسبة يوم الشهيد.

إن عظمة الأمم فى القرن الحادى والعشرين، أصبحت أهم معاييرها، هى المُساواة فى كل الحقوق والواجبات بين النساء والرجال. ورغم أن مصر كانت الرائدة فى الوطن العربى، منذ بدايات القرن العشرين، فى تحرير المرأة، بل ودخول إحداهن، السيدة راوية عطية، البرلمان، فى خمسينيات القرن الماضى، إلا أن بُلداناً عربية وإسلامية أخرى قد تجاوزت مصر فى هذا المضمار. ويقينى أن الرئيس الذى عيّن أول نساء فى مواقع مُحافظين، وأكبر عدد منهن من مواقع وزارية، سيُضيف إلى إنجازاته المشهودة، إنصاف الزوجات المكلومات، المقهورات، من أمثال «فاتن أمل حربى».

اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد..

وعلى الله قصد السبيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فاتن حمامة إلى نيللى كريم ونصف قرن من مُعاناة نساء مصر من فاتن حمامة إلى نيللى كريم ونصف قرن من مُعاناة نساء مصر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon