توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قطر.. مُفتاح فهم الطفل المُشاغب فى الخليج!

  مصر اليوم -

قطر مُفتاح فهم الطفل المُشاغب فى الخليج

بقلم : سعد الدين ابراهيم

فى حديث ودى منذ عدة سنوات، مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، حاكم قطر السابق، والد الشيخ تميم، حاكمها الآن، كان لدىّ سؤلان مُلحّان.. أولهما: كيف تسمح قطر بقاعدة أمريكية وهى الأكبر خارج الولايات المتحدة «العديد»؟، ثم فى نفس الوقت تسمح بقناة فضائية وهى «الجزيرة»، التى لا تتوقف عن مُهاجمة أمريكا، وأصدقائها وحُلفائها فى المنطقة، على مدار أربع وعشرين ساعة!؟

هزّ الرجل رأسه، فتحرّك كل جسمه الهائل، وقال مُبتسماً: «اعتقدت أنك كنت ستسأل كيف أؤيد حماس الفلسطينية، وأدعمها مادياً، ورغم ذلك بدأت علاقات مُتشعبة مع إسرائيل الصهيونية؟».

شكرته على تلك الإضافة المهمة، التى تؤكد نفس المعنى: أى اللعب على الحِبال، وتبادل القفز من أدناها إلى أقصاها، والعكس.

قال الشيخ «حمد» فى حضور زوجته الذكية، الشيخة موزة بنت ناصر المُسند: «عندما تكون أغنى بلد فى العالم، فإنه بشىء من الذكاء والدهاء تستطيع أن تفعل كل ذلك الذى تستغربه».

وكان ذلك الحديث المُمتد بداية، استكملته حيناً مع الشيخة موزة نفسها، وأضاف إليه حيناً آخر ابن العم الشيخ خليفة بن جاسم، الذى كان وقتها وزيراً للخارجية. ويمكن تلخيص فحوى تلك الأحاديث فى عدة نقاط، تُمثل مفاتيح فهم السياسة القطرية نحو بقية الخليج، ونحو الإخوان المسلمين، ونحو مصر.

أولاً: جُملة سُكان قطر لا تتجاوز المليون نسمة، رُبعهم من قبائل عرب الجزيرة الأصليين، ورُبعهم الثانى من العرب الفلسطينيين والمصريين، واليمنيين، واللبنانيين، والسوريين، والتوانسة، والمغاربة. ويفخر حُكام قطر بأن بلدهم الصغير مساحة يضم إلى جانب سُكانه الأصليين وافدين من أكثر من مائة جنسية أخرى. وهناك سياسة غير مُعلنة تُراعى التوازن الدقيق بين أعداد وجنسيات العمالة الوافدة واحتياجات قطر من المهارات المطلوبة لإبقاء مستوى الإنتاج والخدمات ضمن أعلى المُعدلات فى العالم! وفى نفس الوقت لا يسمح لأبناء أى جنسية وافدة أن تزيد على عدد سُكان قطر من العرب الأصليين.

ثانياً: يقول الشيخ حمد «رغم أننا فى هذا البلد الصغير مساحة والقليل سُكاناً، إلا أنه يسبح على بُحيرة من الغاز الطبيعى، الأغنى فى العالم بعد روسيا مُباشرة، ومن البترول الذى يجعل قطر البلد الثانى بعد السعودية، فى الخليج والعالم العربى. وهو ما جعل مُتوسط الدخل السنوى للمواطن القطرى، هو الأعلى فى العالم».

ثالثاً: ويقول الشيخ حمد بن خليفة «رغم هذا الثراء الطبيعى الذى أنعم الله به على قطر، إلا أننا مُحاطون بثلاثة غيلان، هم إيران، والعِراق، والسعودية. ولا نستطيع حتى بأفضل وأحدث الأسلحة مع كل رجل وامرأة وطفل أن نقف أو نصمد فى وجه أى تحرش أو عدوان من أحد الغيلان الثلاثة.. وفى أعقاب غزو صدام للكويت، جمعنا أفراد الأسرة الحاكمة وأهل الحل والعقد فى البلاد، وشاورناهم فى الأمر. وكانت الخُلاصة أننا نحتاج إلى حماية أكبر غول أو أكبر بلطجى فى العالم، والذى هو أمريكا. فذهب إليها وزير خارجيتنا برسالة واضحة: نحن نحتاج إلى حمايتكم، فما هو الثمن المطلوب؟ فقالوا قاعدة عسكرية، فوافقنا على إعداد قاعدة بمواصفاتهم، ولكن من أموالنا، وملكاً خالصاً لنا، وأجّرناها لهم لخمسين سنة قابلة للتجديد، بموافقتنا نحن فى قطر! وأحد شروط هذا الاتفاق هو عدم التدخل فى الشؤون الداخلية لأى من الطرفين، وبالتالى قمنا ببدء البث التليفزيونى من قناة الجزيرة، وهو أمر داخلى، فليس للأمريكان أو غيرهم حق الاعتراض وإن كان من حقهم الامتعاض»!.

رابعاً: أما بالنسبة لعلاقتنا بالإخوان المسلمين، فقد كنا هنا فى قطر فى حاجة إلى حجة أو سُلطة دينية نوازن بها السُلطة الدينية للشيخ بن باز فى السعودية من ناحية، وسُلطة آيات الله فى إيران من ناحية أخرى، فوجدنا فى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوى المصرى ضالتنا المنشودة. ولكن مثل كل الإخوان المسلمين، سرعان ما نجح الرجل فى المُهمة ولكنه جلب إلى قطر أيضاً عشرات، ثم مئات، ثم آلاف الإخوان المسلمين، الذين أتوا فى البداية كمعلمين ومُهندسين وأطباء وأساتذة، ولم يُضيّعوا وقتاً طويلاً، قبل تجنيد آلاف القطريين الشباب فى صفوفهم. فحينما يطلب البعض من غير القطريين أن أتخلص من الإخوان المسلمين المصريين، فهم لا يُدركون أن أغلبية الإخوان فى قطر هم من القطريين، أى أنهم مواطنون قطريون لا يمكن اقتلاعهم ونفيهم خارج قطر، وإلا تحول الأمر إلى حرب أهلية. فالإخوان المسلمون القطريون لهم امتدادات قرابة عشائرية وقِبلية فى كل البلاد. واشتعال الصراع مع أى عدد منهم يُهدد بالانتشار فوراً.

خامساً: «نعم، قناة (الجزيرة) نجح الإخوان فى اختراقها والسيطرة على مفاصلها. ولكن القِلة القليلة منهم مصريون، وأغلبهم فلسطينيون ولبنانيون وقطريون. ثم أن الغريب فى الأمر هو أن مصر هى التى علّمت العرب جميعاً الرماية والسباحة وركوب الخيل والإعلام. الله يرحم سنوات العز الناصرى وصوت العرب وأحمد سعيد، ألا تستطيع مصر بكل عظمتها أن يكون لها مائة قناة مثل الجزيرة، بل وأفضل وأقوى؟

سادساً: ومازالت تلك اقتباسات من حديث الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر السابق: «أعترف لك أن الشيخ القرضاوى ومن جنّدهم من القطريين أقنعوا ابن العم حمد بن جاسم أن يجعلوا من قناة الجزيرة قوة ضاربة أكثر تأثيراً من أى جيش فى المنطقة، وأنه يمكن لقطر، ذات الموارد البشرية المحدودة، أن تعتمد على كوادر الإخوان المسلمين المنتشرين فى أكثر من ستين بلداً حول العالم كسُفراء وخُبراء، أو حتى عُملاء لخدمة السياسة الخارجية القطرية، وهو ما تحقق ومايزال يتحقق».

سابعاً: لقد كانت الكويت بعد استقلالها فى أوائل الستينيات، حريصة على لعب دور قيادى خليجى وعربى، وساعدها ثروتها النفطية فى ذلك الوقت على ذلك. فهل كثير علينا أن نلعب نفس الدور الذى كانت تلعبه الكويت خليجياً وعربياً منذ أربعين سنة؟ لقد كان الملك فيصل، رحمه الله، يتندّر على تلك الظاهرة فى حينه. فإذا وقع حدث كبير عالمياً ورصد له مُستشاروه ردود فعل القوى العُظمى مثل أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا، فكان يسأل: «ولكن ما هو موقف الكويت؟» وكان يسميها طفل الخليج المُشاغب. والآن بعد أربعين سنة أصبح طفل الخليج المُشاغب هو قطر.

ذلك الحديث مع حاكم قطر السابق كان ومايزال كاشفاً عن عُقدة قطر نحو جيرانها فى الخليج من ناحية، وكذلك نحو طموحاتها الإقليمية من ناحية أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطر مُفتاح فهم الطفل المُشاغب فى الخليج قطر مُفتاح فهم الطفل المُشاغب فى الخليج



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon