توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية

  مصر اليوم -

مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية

بقلم - سعد الدين ابراهيم

حينما صدحت المطربة السورية فايزة أحمد بأغنية: «ست الحبابيب يا حبيبة» فى عيد الأم الذى كان قد دُعى إليه الصحفى المصرى الكبير مصطفى أمين، ليتزامن مع أول أيام عيد الربيع 21 مارس من كل عام، منذ خمسينيات القرن الماضى، كان قد سبقتها اللبنانية أسمهان بأغنية: «ليالى الأنس فى فيينا» بعشرين عامًا، وأيضًا أخوها فريد الأطرش بأغنية: «يا زهرة فى خيالى»، ووردة الجزائرية بأغنية «وحشتونى».
وفى أواخر خمسينيات القرن العشرين، وسنوات المد القومى العربى التى قادها الزعيم جمال عبدالناصر غنّت صباح اللبنانية «من الموسكى لسوق الحمدية»، وفهد بلان «أنا جالس فوق الأهرام وأمامى بساتين الشام»، وغنّت مجموعة من المطربين والمطربات العرب نشيد «وطنى حبيبى».

وكان قد سبق كل ذلك فى أوائل القرن العشرين مع بدايات المسرح والسينما فى مصر توافد عشرات الموهوبين من مختلف البُلدان العربية للمشاركة فيها. فعرف المسرح فى شارع عماد الدين بالقاهرة أسماءً مثل جورج دولت أبيض، وبشارة واكيم، وعبدالسلام النابلسى، ونجيب الريحانى. وهم وغيرهم من أصول عِراقية وسورية، ولبنانية، وفلسطينية.

كانت جاذبية مصر لهؤلاء المُبدعين، لسبقها نحو الحداثة والنهضة، ولكرم المصريين وتسامحهم واحتفائهم بالتعددية، وسوق مصر الكبيرة. وأصبح صاحب كل موهبة أو طموح فى عوالم الإبداع من الخليج العربى إلى المحيط الأطلنطى، مهما حقق من شُهرة محلية فى وطن مولده، يحلم ويطمح إلى تأكيدها وتسويقها فى مصر، حتى يُسجل اسمه فى مواكب المُبدعين.

وكان هذا الاحتضان المصرى للمُبدعين العرب طريقًا ذا اتجاهين، فبقدر ما رحّبت ورعت أولئك المُبدعين، بقدر ما أسهم أولئك المُبدعون فى تمصير شعوب الأمة العربية. وكان ولا يزال ذلك يحدث فى عملية جدلية ناعمة.

والوافدون الطامحون إلى المجد والشهرة من البوابة المصرية يكونون فى الغالب قد تشبعوا بالفن المصرى وهم ما زالوا فى أوطانهم، من خلال مشاهدة الأفلام والمسلسلات التليفزيونية المصرية التى كانت وسائل الإعلام المصرية منذ ثورة يوليو 1952 قد أصبحت تبثها لساعات طويلة يوميًا.. بل إن عبدالناصر بحسّه القومى العربى استحدث عدة إذاعات موجّهة لشعوب الوطن العربى، وأخرى موجّهة لشعوب القارة الإفريقية، وللعام الإسلامى.

المهم لموضوعنا، أن شباب الوافدين العرب سرعان ما يُجيدون اللهجة العربية المصرية. وبعد أن تتحقق لهم الشُهرة، فإن الأجيال الصاعدة من أبناء أوطانهم يتنافسون فى تقليدهم بتحدث العربية المصرية.

ولقد شاع فى السنوات الأخيرة استخدام مصطلح القوة الناعمة، وهى قوة التأثير من خلال الثقافة بكل فروعها، من اللغة إلى الفنون والأدب. وتعبير القوة الناعمة يتميز عن القوة الخشنة، التى هى تقليديًا قوة الأسلحة والنيران والجيوش. وقد اتضح منذ سقوط الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن العشرين، رغم ترسانته من الأسلحة التقليدية والنووية، أن الذى حسم صراع الحرب الباردة لصالح أمريكا وحلفائها هو قوتهم الناعمة.

وكانت العاصمة الألمانية برلين هى ساحة المواجهة بين قوة الغرب الناعمة والقوة الخشنة للمعسكر السوفيتى، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان، الذى عاصر سقوط حائط برلين ثم الانهيار السوفيتى، إلى إطلاق عبارته الشهيرة: «الانتصار بلا إطلاق النار».

إن قوة مصر الناعمة واجتذابها واحتضانها للمُبدعين العرب هى سلاحها الذى لا يصارعه أى سلاح عِند خصومها الأقربين أو الأبعدين. وهى السلاح الناعم الذى يجعل من مصر، رغم تواضع حظها من الثروات الطبيعية، هى الثقافة والحضارة الأعظم فى الوطن العربى والشرق الأوسط وإفريقيا.

وربما لوعى الرئيس عبدالفتاح السيسى بملكية مصر تِلك القوة الناعمة الهائلة، هذا ما يُطمئنه وهو يقود البلاد فى مواجهات هادئة مع خصومها، بل تبين أنه سيكسب هؤلاء الخصوم. والله أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon