توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية

  مصر اليوم -

مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية

بقلم - سعد الدين ابراهيم

حينما صدحت المطربة السورية فايزة أحمد بأغنية: «ست الحبابيب يا حبيبة» فى عيد الأم الذى كان قد دُعى إليه الصحفى المصرى الكبير مصطفى أمين، ليتزامن مع أول أيام عيد الربيع 21 مارس من كل عام، منذ خمسينيات القرن الماضى، كان قد سبقتها اللبنانية أسمهان بأغنية: «ليالى الأنس فى فيينا» بعشرين عامًا، وأيضًا أخوها فريد الأطرش بأغنية: «يا زهرة فى خيالى»، ووردة الجزائرية بأغنية «وحشتونى».
وفى أواخر خمسينيات القرن العشرين، وسنوات المد القومى العربى التى قادها الزعيم جمال عبدالناصر غنّت صباح اللبنانية «من الموسكى لسوق الحمدية»، وفهد بلان «أنا جالس فوق الأهرام وأمامى بساتين الشام»، وغنّت مجموعة من المطربين والمطربات العرب نشيد «وطنى حبيبى».

وكان قد سبق كل ذلك فى أوائل القرن العشرين مع بدايات المسرح والسينما فى مصر توافد عشرات الموهوبين من مختلف البُلدان العربية للمشاركة فيها. فعرف المسرح فى شارع عماد الدين بالقاهرة أسماءً مثل جورج دولت أبيض، وبشارة واكيم، وعبدالسلام النابلسى، ونجيب الريحانى. وهم وغيرهم من أصول عِراقية وسورية، ولبنانية، وفلسطينية.

كانت جاذبية مصر لهؤلاء المُبدعين، لسبقها نحو الحداثة والنهضة، ولكرم المصريين وتسامحهم واحتفائهم بالتعددية، وسوق مصر الكبيرة. وأصبح صاحب كل موهبة أو طموح فى عوالم الإبداع من الخليج العربى إلى المحيط الأطلنطى، مهما حقق من شُهرة محلية فى وطن مولده، يحلم ويطمح إلى تأكيدها وتسويقها فى مصر، حتى يُسجل اسمه فى مواكب المُبدعين.

وكان هذا الاحتضان المصرى للمُبدعين العرب طريقًا ذا اتجاهين، فبقدر ما رحّبت ورعت أولئك المُبدعين، بقدر ما أسهم أولئك المُبدعون فى تمصير شعوب الأمة العربية. وكان ولا يزال ذلك يحدث فى عملية جدلية ناعمة.

والوافدون الطامحون إلى المجد والشهرة من البوابة المصرية يكونون فى الغالب قد تشبعوا بالفن المصرى وهم ما زالوا فى أوطانهم، من خلال مشاهدة الأفلام والمسلسلات التليفزيونية المصرية التى كانت وسائل الإعلام المصرية منذ ثورة يوليو 1952 قد أصبحت تبثها لساعات طويلة يوميًا.. بل إن عبدالناصر بحسّه القومى العربى استحدث عدة إذاعات موجّهة لشعوب الوطن العربى، وأخرى موجّهة لشعوب القارة الإفريقية، وللعام الإسلامى.

المهم لموضوعنا، أن شباب الوافدين العرب سرعان ما يُجيدون اللهجة العربية المصرية. وبعد أن تتحقق لهم الشُهرة، فإن الأجيال الصاعدة من أبناء أوطانهم يتنافسون فى تقليدهم بتحدث العربية المصرية.

ولقد شاع فى السنوات الأخيرة استخدام مصطلح القوة الناعمة، وهى قوة التأثير من خلال الثقافة بكل فروعها، من اللغة إلى الفنون والأدب. وتعبير القوة الناعمة يتميز عن القوة الخشنة، التى هى تقليديًا قوة الأسلحة والنيران والجيوش. وقد اتضح منذ سقوط الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن العشرين، رغم ترسانته من الأسلحة التقليدية والنووية، أن الذى حسم صراع الحرب الباردة لصالح أمريكا وحلفائها هو قوتهم الناعمة.

وكانت العاصمة الألمانية برلين هى ساحة المواجهة بين قوة الغرب الناعمة والقوة الخشنة للمعسكر السوفيتى، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان، الذى عاصر سقوط حائط برلين ثم الانهيار السوفيتى، إلى إطلاق عبارته الشهيرة: «الانتصار بلا إطلاق النار».

إن قوة مصر الناعمة واجتذابها واحتضانها للمُبدعين العرب هى سلاحها الذى لا يصارعه أى سلاح عِند خصومها الأقربين أو الأبعدين. وهى السلاح الناعم الذى يجعل من مصر، رغم تواضع حظها من الثروات الطبيعية، هى الثقافة والحضارة الأعظم فى الوطن العربى والشرق الأوسط وإفريقيا.

وربما لوعى الرئيس عبدالفتاح السيسى بملكية مصر تِلك القوة الناعمة الهائلة، هذا ما يُطمئنه وهو يقود البلاد فى مواجهات هادئة مع خصومها، بل تبين أنه سيكسب هؤلاء الخصوم. والله أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية مصر الحاضنة للمبدعين العرب وتمصير الأمة العربية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon