توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠

  مصر اليوم -

كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠

بقلم - نيفين مسعد

قبل أسابيع قليلة من انعقاد القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الأولى فى الكويت مطلع عام ٢٠٠٩، كتب المفكر الكبير رغيد الصلح مقالا فى جريدة الخليج الإماراتية تحت عنوان «كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠.» وجوهر المقال هو التحذير من أن تنتهى القمة المرتقبة آنذاك فى الكويت إلى ما انتهت إليه القمة العربية الحادية عشرة التى انعقدت فى عمّان، بمعنى عدم تنفيذ قرارات قمة الكويت كما ضُرِب عرض الحائط بقرارات قمة عمّان. اليوم وقد مر على نشر المقال المذكور عشرة أعوام رحل خلالها كاتبه، وعُقدت على مدارها بعد قمة الكويت ثلاث قمم اقتصادية وتنموية فى شرم الشيخ والرياض وأخيرا فى بيروت، فإن تحليل رغيد الصلح مازال يتمتع بمصداقية عالية، ومازلنا نحتاج إلى التحذير من أن تنتهى قمة بيروت إلى ما انتهت إليه قمة عمّان، وإن كان الفارق شاسعا بين أهمية القرارات الاقتصادية فى القمتين، دع عنك مستوى التمثيل، وتلك قضية أخري. 

 لم تكن قمة عمّان التى عُقِدَت فى عام ١٩٨٠ قمة اقتصادية كتلك القمم المشار  إليها أعلاه بل إنها كانت قمة سياسية بامتياز، فلقد كان هدفها الأساسى هو مواجهة ما تم وصفه بنهج اتفاقيات كامب ديڤيد،  وفى هذا الإطار تم التأكيد على رفض انفراد أى طرف من الأطراف العربية بأى حل للقضية الفلسطينية بوجه خاص وللصراع العربى - الصهيونى بوجه عام.  ومع ذلك لم تكن القرارات الاقتصادية الصادرة عن المؤتمر أقل أهمية من القرارات السياسية، فلقد وضعت قمة عمّان استراتيجية شاملة لتطوير العمل الاقتصادى العربى المشترك وحددت المهام والآليات والمراحل بشكل تفصيلي، وذلك على نحو جعل الكثيرين يصفون هذه القمة بأنها قمة اقتصادية، ويجعلون منها نموذجا يقاس عليه ما ينبغى أن يكون عليه التكامل الاقتصادى العربى . 

أما عن التنفيذ فنقول: لقد توفر عامل مهم من عوامل تنفيذ القرارات الاقتصادية لقمة عمّان،  والمقصود بذلك الوفورات المالية العربية التى تحققت نتيجة الارتفاع الكبير فى أسعار النفط، إلا أن قرارات عمّان لم تلبث أن اصطدمت بالمعضلة المزمنة التى يعانيها العمل العربى المشترك، وهى معضلة التأثير السلبى للخلافات السياسية على العلاقات الاقتصادية العربية. فعلى مدار الثمانينيّات تباينت مواقف الدول العربية من مبادرة الملك فهد والحرب العراقية - الإيرانية وقضية الصحراء الغربية، وألقت تعقيدات الحرب الأهلية اللبنانية بظلالها على الساحة العربية، حتى إذا وقع غزو الكويت عام ١٩٩٠ اختلف المشهد جذريا وذهبت قرارات قمة عمّان أدراج الرياح. فإذا انتقلنا إلى قمة بيروت الاقتصادية الأخيرة نجد أنها تمت فى أجواء ملبدة بالعديد من الخلافات العربية، وأكثر هذه الخلافات مرشح للتفاقم على وقع الصراع الأمريكي/الإسرائيلى  - الإيرانى من جهة، ومستقبل الصراع فى سوريا وليبيا واليمن من جهة أخري، والتطورات داخل مجلس التعاون الخليجى من جهة ثالثة. ويزيد فى تعقيد هذه الخلافات حالة الاستقطاب داخل بعض الدول العربية، فقضية مثل عودة سوريا للجامعة العربية ليست موضع خلاف بين الدول العربية فقط لكنها أيضا موضع خلاف داخل بعض هذه الدول، وليس أوضح على ذلك من الحالة اللبنانية، ومن هنا جرى انتقاد دعوة وزير الخارجية اللبنانى فى القمة إلى عودة سوريا للحضن العربى على أساس أنها دعوة تعبر عن رأى الفريق السياسى الذى ينتمى إليه وليس عن رأى جميع اللبنانيين.    

قد يسأل البعض: وهل انتهت قمة بيروت أصلا إلى قرارات ذات بال بحيث يُخشى من خلافات عربية تودى بها؟ بنظرة إجمالية على البيان الختامى يمكن القول إن القرارات التى تم التوصل إليها هى قرارات متواضعة، حتى إن الموضوع الوحيد الذى حظى بمخصصات مالية محددة وهو صندوق الاستثمار فى مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمى فإن مخصصاته (مائتى مليون دولار) تناسب تحقيق الهدف المطلوب على المستوى الوطنى أكثر مما تكفى لتحقيقه على المستوى القومي، فتكنولوجيا المعلومات مجال شديد التشعب دع عنك أن يضاف إليه الاقتصاد الرقمي. ومع ذلك فإن إدراج قرار خاص بقضية اللاجئين والنازحين للمرة الأولى ضمن البيان الختامى إنما يعكس إلحاح هذه القضية المعقدة لحين عودة أصحابها إلى أرض الوطن، وبالتالى فلو تم الاشتغال على ما ورد فى القرار من تنفيذ مشروعات تنموية للتخفيف من معاناة اللاجئين والنازحين والدول المضيفة لهم وتدريب الشباب منهم ورفع مهاراتهم لكان ذلك أمرا إيجابيا، وهذا يستلزم إبعاد ملف اللاجئين والنازحين عن التجاذبات السياسية بين الدول العربية وداخلها، علما بأن البيان لم يُشر لقضية إعادة الاعمار رغم أنها وثيقة الصِّلة بقضية عودة اللاجئين والنازحين.    

إن فصل الخلافات السياسية عن المصالح الاقتصادية ليس بدعة بل هو الأساس فى العلاقات الدولية، ولدينا نماذج عديدة فى هذا الخصوص، منها الولايات المتحدة والصين، واليابان والصين، وألمانيا وتركيا،  والإمارات وإيران، كما أن فرنسا وإيطاليا وهما تتصارعان على ثروات ليبيا ويصل التلاسن بينهما إلى مداه  يجمعهما الاتحاد الأوروبي، فلماذا كُتِب على العرب وحدهم أن يعقدوا قمة اقتصادية تلو الأخرى ويظلوا يحذرون دائما من مصير قمة عمّان؟

نقلا عن الاهرام الاخبارية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠ كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon