توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أربعون عاما على الثورة الإيرانية

  مصر اليوم -

أربعون عاما على الثورة الإيرانية

بقلم - نيفين مسعد

يصادف يوم الحادى عشر من فبراير الحالى ذكرى مرور أربعين عاما كاملة على نجاح الثورة الإسلامية، هذه الثورة التى مهدت لها سلسلة من المظاهرات عمت مختلف أنحاء البلاد منذ عام 1977، وتوّجتها عودة الخمينى إلى إيران قادما من باريس فى الأول من فبراير عام 1979، فبعودته توفرت القيادة الروحية للجماهير الغاضبة وبلغ الزخم الثورى منتهاه. صحيح أن الخمينى كان يمارس من منفاه فى نوڤيل لو شاتو هذا الدور المحفّز، وكانت خطبه النارية على شرائط التسجيل تتسرب إلى الداخل و تلهب حماس الشارع الإيرانى، إلا أن وجوده فى أرض المعركة كان له وقع آخر.

لم تكن الثورة فى بدايتها ثورة دينية لكنها كانت ثورة عابرة للأيديولوچيات والطبقات والقوميات أيضا، لذلك نجد أن الأكراد شأن غيرهم من القوميات التى تزخر بها إيران قد لعبوا دورا فى إنجاح الثورة ثم انقلبوا عليها بعد تقييد الحقوق والحريات، فمثل العادة لم تلبث القوى الدينية أن أحكمت قبضتها على السلطة السياسية واستبعدت القوى الأخرى التى أسهمت معها فى الثورة. ومما ساعد على هذا التمكين للقوى الدينية توفُر عوامل ثلاثة، العامل الأول: أن النخبة الدينية كانت تمثل النقيض الحرفى للنخبة الملكية العلمانية التى ألحقت إيران بالغرب وتسببت فى شعور المواطنين بالغربة. والعامل الثاني: أن هذه النخبة تميزت عن غيرها بوجود التمويل والتنظيم. أما العامل الثالث: والأخير فهو أن النخبة الدينية سرعان ما أسكتت كل الأصوات المختلفة معها فخلت لها الساحة، وتجربة أبو الحسن بنى صدر أول رئيس للجمهورية شديدة الوضوح عندما تم إجباره على الاستقالة من منصبه. والآن وبعد مرور أربعين عاما على الثورة الإيرانية يثور السؤال التالي: ماذا تبقى من النظام السياسى الذى أنشأته الثورة وإلى أى مدى تغيرت سياستها الخارجية؟ يجيب هذا المقال عن الشق المتعلق بالداخل الإيرانى، ويجيب مقال الأسبوع المقبل - بإذن الله - على الشق الخاص بالبعد الخارجى.

الملاحظة الأساسية على الداخل الإيرانى هى أنه رغم العقود الأربعة التى انقضت منذ عام 1979 فإن خصائص النظام السياسى لم تتغير وبنيته مازالت على حالها. وذلك أنه باستثناء بعض التعديلات الدستورية الجزئية التى تم إدخالها عام  1989، من قبيل إلغاء منصب رئيس الوزارة وتعزيز صلاحيات المرشد  وتقنين وضع مجلس تشخيص مصلحة النظام، باستثناء هذه التعديلات مازالت قواعد اللعبة كما هى لم تُمَس. مازال مرشد الجمهورية فوق الجميع، ومازالت السلطات الثلاث والمواقع الرئيسيّة محصورة فى مجموعة من العائلات والأسماء الكبيرة، ومازالت الأحزاب السياسية غير موجودة بل هناك مجرد أُطر فضفاضة محدودة الفعالية لا تنشط إلا فى المواسم الانتخابية، ومازال التعامل مع المعارضة قائما على الإقصاء، فالعناصر التى يُشتَم أنها تعارض النظام إما يكون مصيرها الشطب من أى سباق انتخابى بواسطة مجلس صيانة الدستور أو توضع رهن الإقامة الجبرية، كما حدث مع زعيمّى الحركة الخضراء، ومازالت التنظيمات الثورية الموازية لمؤسسات الدولة تتمتع بوضع استثنائى متميز، وتكفى هنا مقارنة قوة ونفوذ الحرس الثورى بقوة ونفوذ الجيش النظامى. والنقطة الأخيرة بالذات تتحدى مقولة إن إيران انتقلت من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة. 

مثل هذه الاستمرارية الممتدة عبر العقود تعبر عن إشكالية حقيقية أكثر من كونها تعكس حالة من حالات الاستقرار، وذلك أن الأجيال التى وُلِدَت بعد الثورة باتت تشعر بالقطيعة مع النظام، وهى تعبر عن سخطها عليه بالخروج فى مظاهرات تجوب المدن الإيرانية. فى كل التجارب التاريخية التى مرت بثورة فإن الشرعية المستمدة من الثورة تتضاءل بمرور الزمن، ولا يختلف الوضع فى إيران فالأجيال الجديدة لا تشعر بالقدر نفسه من الامتنان لدور المؤسسة الدينية فى إنجاح الثورة بل إن فيها من يرفض الحكم الدينى أساسا،  ومن هنا فإن الشعارات التى تهاجم المرشد وتصفه بالديكتاتورية أصبحت معتادة وتتكرر فى الاحتجاجات الشعبية، وهذا أمر كان يستحيل حدوثه حتى نهاية تسعينيات القرن الماضى. ويزيد من حدة الاحتقان الشعبى صعوبة الوضع الاقتصادي, خصوصا أن إيران ما إن بدأت فى التقاط أنفاسها وتخلصت من العقوبات الاقتصادية فى عام 2016 إلا وعادت لتعانى منها مجددا، علما بأن العقوبات الجديدة بدأت أمريكية مع انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووى ثم توسعت لتصبح أوروبية بسبب اغتيالات المعارضين الإيرانيين فى أوروبا.  

إن كل نظام سياسى له دورة حياة كما أن لكل كائن حى دورة حياة، ومثل الكائن الحى فإن النظام الذى لا يتأقلم مع التطورات الداخلية ولا يستجيب للتحديات الخارجية إنما يضع نفسه فى مرمى الخطر، وعندما نجد أن النظام الإيرانى يتعاطى مع  متغيرات القرن الحادى والعشرين بنفس النخب والسياسات والمؤسسات (الثورية) التى تعاطى بها مع متغيرات قرن مضى فإن هذا يعنى أن الخلل كبير.  

نقلا عن الاهرام الاخبارية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربعون عاما على الثورة الإيرانية أربعون عاما على الثورة الإيرانية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon