توقيت القاهرة المحلي 05:51:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل بدأ العد التنازلى للنظام الإيرانى؟

  مصر اليوم -

هل بدأ العد التنازلى للنظام الإيرانى

بقلم - نيفين مسعد

من يُطالع الكثير من التحليلات الغربية والعربية التى تتناول الأزمة الاقتصادية الإيرانية وانعكاساتها المُحتملة على الوضع السياسى للجمهورية الإسلامية يخلص إلى أن العد التنازلى للنظام الإيرانى قد بدأ فعلا، فها هو أحد المسئولين الأمريكيين يقول إن إسقاط هذا النظام بات قريبا وممكنا، فى حين يغامر آخر بالقول إن ما تبقى من عمر النظام الإيرانى فى حدود العام الواحد، وتقديرى الشخصى أن مثل هذا النوع من الأحكام يرفع سقف المطالب ليضغط ليس إلا ، فمن المؤكد أن إيران تواجه أبعادا جديدة وخطيرة للأزمة الاقتصادية التى تعانيها منذ سنوات طويلة، أما كون تطور الأزمة على هذا النحو من شأنه إسقاط النظام السياسى أم لا فهو أمر مشكوك فيه. وفيما يلى محاولة تسليط الضوء على مستجدات الأزمة الاقتصادية الإيرانية من جهة، وتحليل مصطلح إسقاط النظام الإيرانى من جهة أخري.

بداية بجديد الأزمة الاقتصادية الإيرانية يُلاحظ أولا استدامتها، فمع أن ذروة الاحتجاجات الاقتصادية الإيرانية انطلقت من مدينة مشهد فى شهر ديسمبر 2017 إلا أنها تواصلت على مدار الشهور السبعة التالية واتخذت لنفسها عناوين مختلفة من قبيل: الاحتجاج على تدهور وضع الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء، أو ضعف رواتب قطاع معين كالمعلمين، أو تدهور قيمة العملة الوطنية. مثل هذا الامتداد لم تعتده الجمهورية الإسلامية، كما ليس من المألوف لديها أن تتداخل الاحتجاجات الاقتصادية مع احتجاجات اجتماعية كأن تقوم بعض الفتيات بخلع الحجاب والتلويح به فى الهواء، وأخرى دينية كأن يقع صدام لأتباع إحدى الطرق الصوفية مع قوات الأمن، بحيث يبدو الأمر كما لو أن الأزمة متعددة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية، فضلا عن السياسية، طبيعة الحال، فالشعارات المرفوعة تدين الديكتاتورية وتطالب بوقف التدخلات الإيرانية فى الساحات العربية.

ويُلاَحَظ ثانيا دخول البازار للمرة الأولى على خط الاحتجاجات الاقتصادية، ودلالة هذا كبيرة، لأننا عندما نتحدث عن ركائز النظام السياسى الإيرانى فإننا نعلم أن البازار من بين هذه الركائز، كما أن ولاية الفقيه والحوزة الدينية والحرس الثورى ركائز أخري. ويُعلِمنا التاريخ أنه حيثما تحرك البازار سياسيا كان تحركه مؤثرا، حدث هذا عندما أسهمت إضرابات البازار فيما يعرف بالثورة الدستورية مطلع القرن العشرين التى أفضت لتشكيل برلمان ووضع دستور، وتكرر الأمر عندما دعّم البازار تأميم صناعة النفط الإيرانية منتصف القرن ووقفوا خلف رئيس الوزراء محمد مصدق، كذلك لعب البازار دورا مهما فى الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوى عام 1979 وإنجاح الثورة الإسلامية. لقد قدم البازار أقوى رئيس للجمهورية الإسلامية وهو على أكبر هاشمى رفسنچاني، والدور الاقتصادى للبازار يتجاوز التجارة بمفهومها المعروف فهو يرعى العديد من المؤسسات المتنوعة الأنشطة من التعليم إلى العبادة ومن الرياضة إلى الثقافة والترفيه والأعمال الخيرية. لكل هذا فإنه عندما يغلق التجار محالهم سواء داخل بازار طهران الكبير أو خارجه فهذا يدق ناقوس الخطر للنظام. يتضرر التجار من فوضى أسعار صرف العملة الوطنية، ويرفع التدهور المستمر فى قيمتها من تكلفة البضائع التى يستوردونها، وبينما يلجئهم ذلك لرفع أسعار البضائع فإنهم يؤثرون على القوة الشرائية للمستهلكين، وهكذا فإن الدائرة خبيثة. ولا يستطيع المسئولون القول إن البازار مدفوع من الخارج، فهو حينما أراد تغيير النظام كما فى 1979 انحاز لحركة الجماهير التى فاجأت الخارج وعلى رأسه الولايات المتحدة.

هناك إذن فى مسألة التذمر الشعبى على تدهور الأوضاع الاقتصادية الإيرانية الجديد الذى يجب أن تحسب حسابه النخبة الحاكمة. لكن فى الوقت نفسه فإن الحديث عن إسقاط النظام أمر آخر، إذ ما معنى إسقاط النظام الحالي؟، هل المقصود إطاحة نظام ولاية الفقيه؟ نلاحظ هنا أن الحركة الخضراء التى نظمت أكبر مظاهرات عرفتها إيران منذ ثورتها كانت تتبنى شعارات الإصلاح دون أن تسعى لتقويض النظام، ولقد التف الشباب حول تلك الشعارات لأنها كانت تدعو للحريات الاجتماعية والسياسية. وبالنسبة لمنظمة مجاهدى خلق فإنها تتبنى مطلب إقامة حكم مدني، لكن ما مدى فعالية هذه المنظمة التى تعارض رجال الدين منذ نحو خمسة وثلاثين عاما استخدمت فيها كل الوسائل الممكنة وتقلبت خلالها علاقتها بالدول الغربية ما بين الحظر والانفتاح؟. تقول مريم رجوى زعيمة المنظمة إنها أسهمت فى إشعال الاحتجاجات الشعبية، وقد يكون هذا صحيحا لكن ماهو عدد من حركتهم هذه المنظمة من إجمالى عدد المحتجين والمتظاهرين؟ إنه عدد شديد الضآلة.

ما أريد قوله إن الوضع الاقتصادى فى إيران خطير، وعندما يبدأ توقيع العقوبات الأمريكية فى مطلع أغسطس المقبل فإن الدائرة ستزداد إحكاما بخروج عدد أكبر من الشركات الأجنبية من السوق الإيراني، وبمزيد من نقص العملات الأجنبية نتيجة تقييد الصادرات النفطية وبالتالى يفوق الطلب العرض وتتدهور أكثر قيمة العملة الوطنية وتتهدد بعض الصناعات بالتوقف نتيجة نقص قطع الغيار. نعم هذا كله صحيح، وسوف يقترن ذلك باتساع نطاق الاحتجاجات الشعبية وتكون المحصلة حالة من عدم الاستقرار تشغل النظام بنفسه وقد تحمله على تقديم تنازلات للخارج، أما إسقاط النظام القائم فلا تتوافر له الظروف فى حدود الأمد المنظور.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بدأ العد التنازلى للنظام الإيرانى هل بدأ العد التنازلى للنظام الإيرانى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon