توقيت القاهرة المحلي 05:51:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

توائم.. توائم

  مصر اليوم -

توائم توائم

بقلم: نيفين مسعد

أراهن عزيزي القارئ إن لم تتسلل ابتسامة إلى شفتيك بمجرد قراءة عنوان المقال فظاهرة التوائم ظاهرة طريفة جدا. هذه العربة ذات المقعدين التي تدفعها أم شابة ويَقبَل فيها كل شيء القسمة على اثنين: الملامح والمشاعر والملابس وفي بعض الأحيان السلوك، هذه العربة كأن بها حمولة من البهجة تنتظر أن يتم إفراغها عند أول حديقة أو نادٍ أو حضانة أو بيت الأجداد.

***
تقطع العربة الصغيرة الطريق وسط وجوه كثيرة منها الواجم ومنها القلق ومنها العابس فتُفسح المجال لتعبيرات أخرى على الوجوه مختلفة تماما، وكأن العربة هي جرّافة تجرف الهموم وتنثر ما يليق باستقبال مخلوقَين شاءت الأقدار أن يكونا "فولة وانقسمت نصين". زمان لم تكن ظاهرة التوائم معروفة على نطاق واسع، الآن وبسبب أدوية مكافحة العقم تطور الأمر وانتشر، لا بل عرفنا أيضا أن الطعام قد يكون له علاقة بظاهرة التوائم هذه، ففي إحدى القري النيچيرية التي توصف بأنها "عاصمة التوائم في العالم" يقال إن سر التوائم يكمن في أوراق نبات البامية وثمار البطاطا، هل هذه دعوة لكل زوجة شابة لتجرّب وصفة القرية النيچيرية لمرة واحدة في العمر؟ أم تراها دعوة للامتناع عن تناول البطاطا علي الطريقة النيچيرية حفاظا على مبدأ طفل واحد يكفي في هذا العالم؟ .. لا توجد إجابة مثالية .

***
قبل عدة أسابيع قامت إحدى الفضائيات في نشرتها الإخبارية بتغطية المهرجان السنوي للتوائم في القرية النيچيرية إياها، الاحتفال مذهل بكل معاني الكلمة. توائم من كل الأعمار، طاعنون في السن ومواليد جدد، رجال ونساء، المشهد في نصف الشاشة الأيمن يتكرر بحذافيره في نصفها الأيسر.. هل يوجد خلل في الإرسال؟ لا بل هو انبهار على مستوى الاستقبال. ألوان الثياب الأفريقية المفرحة تضفي على ظاهرة التوأمة جمالا فوق جمال، وفي هذا الإناء العميق "يبلبط" توأم صغير تسكب عليه الأم دفقات الماء بحب وحرص فيما تلوح للكاميرا باليد الأخرى في اعتزاز. ما سبب هذا الاعتزاز؟ هذا الاعتزاز مصدره الندرة، فمهما تكاثر التوائم بسبب حساء البامية أو صينية البطاطا فالأكثرية هي من غير المتشابهين، هل أضيف أيضا أن الواحد منّا يحب أن يرى نفسه دون حاجة إلى مرآة؟ ربما .. فالأنا عندنا تحتاج أحيانا إلى من يدللها أو حتى يضخمها، وهذا التضخيم قد يكون مصنوعا بكثرة الحديث عن الذات والإنجازات، وقد يكون مطبوعا أي فطريا عبر ظاهرة التوائم، وشتّان هو الفارق بين المصنوع والمطبوع .

***
وأنا أجهّز مادة المقال اكتشفت أن العالم كله يحتفي بظاهرة التوائم وليست نيچيريا وحدها، وعلمت أن هناك مهرجانات سنوية تقام لهذا الغرض في الصين وفرنسا وإن كانت جذور الاحتفال السنوي للتوائم تعود إلى الولايات المتحدة فالأمر فيها يرجع لسنين طويلة. تسلَلت إلى نفسي دَفعَة جديدة من البهجة المحفوفة بالدهشة من أن يكون هناك مهرجان للتوائم في الصين، فالشعب الصيني بشكل عام أقرب ما يكون إلى مجموعة كبيرة جدا من التوائم، حتى أنه لطالما حيّرني السؤال: كيف يمكن لفتاة صينية أن تحب شابا يشبه الآلاف بل الملايين؟ كيف تميزه وكيف يستأثر باهتمامها؟ لقد تدَخلت الإرادة البشرية للتلاعب بالچينات الصينية فتفاوتت الأطوال والأحجام وبدرجة أقل الملامح هذا صحيح، لكن يظل في الصين أن التشابه هو الأصل. الصين ليست وحدها على أي حال، مثلها في ذلك مثل ڤيتنام وماليزيا واليابان.. إلخ. على ذكر اليابان أطيح مؤخرا بوزير العدل الياباني بعد أن تبين رشوته الناخبين بثمار البطاطا والذرة... ممممم ما حكاية البطاطا هذه؟ مرة في نيچيريا ومرة في اليابان.. أتكون لها صلة بظاهرة التوائم؟ العلم عند الله.

***
في حياة كل منا توأم أو أكثر اقترب منه وتعامل معه، وفي طفولتي جمعتني صداقة بالتوأم منى وسلوى. كان للفتاتين أخ وأخت.. لكن التوأم كان عالما وحده، ملامح متطابقة.. نفس القامة.. صوت واحد.. سلوك متماثل.. حرص على ارتداء نفس الزِّي. بعد أن استنفدَت دهشتي من هذا التطابق الغرض منها بدأت أشعر ببعض الضيق، فأنا ألعب مع منى وأفاجأ بأنها سلوى وألعب مع سلوى فتفاجئني بأنها منى، أحب أن أسمّي الأشياء بمسمياتها وأحب أن أعرف مع من ألعب بالضبط من باب الشفافية، وكان هذا أمرا صعب المنال. كانت الصديقتان تتفننان في خداعنا وتقهقهان ونحن ننادي كلا منهما باسم الأخرى، وانتهى بِنَا الأمر إلى أن ننادي كلا منهما بالاسمين معا فنقول: يا منى أو سلوى! وهكذا انتقمنا لسنوات طويلة من خداعنا. وفي حياتي العملية التقيت بالتوأم رحاب ورباب وكانتا طالبتين في الدراسات العليا، وهنا أخذ الأمر أبعادا أخرى. كانت الفتاتان معتزتان جدا بتطابقهما، تدخلان عليّ المكتب فتبدأ إحداهما الكلام لتكمله الأخرى، تنفعل الأولى فتساندها الثانية. عند أداء الامتحان استماتت الفتاتان لتجلسان متجاورتين لأنهما لا تطمئنان إلا بوجود إحداهما إلى جانب الأخرى، وهنا كان السؤال المنطقي: ماذا فعلتما في امتحانات الشهادات العامة حيث أرقام الجلوس لا تعترف بالتوأمة ولا يحزنون؟ كان ردهما أنه الاستثناء أما القاعدة فكانت أنهما تجلسان متجاورتين. حسن لا ضير من بعض المرونة، استجبنا أول مرة ثم لم نكررها أبدا. جعلت الفتاتان عيون المراقبين في وسط رؤوسهم كما يقولون، رحاب تعير قلما لرباب ورباب تعير مسطرة لرحاب، علبة مناديل من رحاب لرباب وعلبة عصير من رباب لرحاب، رحاب تسأل رباب عن الساعة ورباب تطلب من رحاب مروحة، رباب تسلّم ورقتها للمراقب ورحاب تستعد للتسليم!! لاحقا تزوجت الفتاتان من شقيقين وأظن أنهما توأم، واستقر الرباعي في إحدى الدول الخليجية .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توائم توائم توائم توائم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon