توقيت القاهرة المحلي 08:52:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حديث عن الثقافة فى مكتبة الإسكندرية

  مصر اليوم -

حديث عن الثقافة فى مكتبة الإسكندرية

بقلم - نيفين مسعد

اختتم المؤتمر السنوى لمكتبة الإسكندرية أعماله قبل يومين، هذا المؤتمر الذى يحضره عدد كبير من المثقفين المصريين والعرب ليتداولوا حول واحدة من القضايا ذات الصِّلة برسالة مكتبة الإسكندرية بحسبانها مرفأ للتنوير وجسرا بين الحضارات. ويمكن القول إن حدثين رئيسيين شكّلا برنامج المؤتمر وحكما مناقشاته، الحدث الأول هو الإعداد للقمة الثقافية العربية، والحدث الثانى هو الاحتفال بإعادة طبع كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين.

أتى اهتمام المكتبة بالقمة الثقافية العربية متسقا مع كون مديرها المثقف العربى البارز الدكتور مصطفى الفقى هو صاحب فكرتها الأولى عندما دعا إلى أن تكون للعرب قمتهم الثقافية تقديرا للدور المتنامى للعامل الثقافى فى مجال العلاقات الدولية، وكان هذا قبل أكثر من عشر سنوات فى أحد مؤتمرات مؤسسة الفكر العربى ببيروت. لاحقا تلقفت هذه الفكرة قمة سرت ومن بعدها قمة الظهران وتم وضعها على طريق التنفيذ بالتشارك مع كل من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومؤسسة الفكر العربى. والحال هذه من الطبيعى أن تواصل المكتبة رعاية الفكرة ووضع إمكاناتها فى خدمتها، هذا إلى جانب أن المكتبة تنظم ما يمكن اعتباره قمة ثقافية دورية غير رسمية من خلال مؤتمرها السنوى الذى يدور حوله المقال، وهو دور يمكن تطويره مستقبلا بتوسيع قاعدة المشاركين فى المؤتمر وتنويع القضايا التى يناقشها تنفيذا للفكرة الوجيهة التى طرحها الدكتور أحمد يوسف أحمد بأن تكون للشعوب قمتها الثقافية الخاصة بها كما ستكون لرؤساء الدول العربية قمتهم الثقافية.

أما كتاب « مستقبل الثقافة فى مصر» الذى أعيدت طباعته, مع تصدير للدكتور مصطفى الفقى ودراسة تقديمية مطولة للدكتور سعيد اسماعيل علي, فقد فجّر مجموعة من القضايا الأساسية، اتفق المشاركون على أن أكثرها مازال يعاد طرحه بعد مرور ثمانين عاما على نشر الكتاب.

القضية الأولى هى العلاقة بين الثقافة والتعليم، وقد كتب عميد الأدب العربى كتابه وعينه على التعليم وجُل اهتمامه به حتى إنه خصص له ثلاثة أرباع صفحات هذا الكتاب كما قال دكتور سعيد اسماعيل على، لكنه اعتبر أن تطوير الثقافة ضرورى لتطوير التعليم. واتفق معه فى ذلك الدكتور مفيد شهاب، مؤكدا أن الثقافة هى القاطرة التى تقود عملية التنمية الشاملة وأن كل مشكلات المنطقة العربية لها جذور ثقافية. واستعرض الدكتور علّى الدين هلال قيم الثقافة المدنية المطلوبة لحفز التنمية ومن أهمها المواطنة والمساواة والحرية وحكم القانون والإبداع والتوجه للمستقبل، وبالنسبة لأهمية التوجه المستقبلى بالذات فلقد دعا الدكتور عادل بشاى إلى التركيز على ثقافة المستقبل أكثر من التركيز على مستقبل الثقافة.

وطالما أن الثقافة هى المتغير المستقل والتعليم هو المتغير التابع فمؤدى هذا أن الثقافة المدنية تؤدى إلى تعليم مدنى، وهنا برزت القضية الثانية المتمثلة فى أهمية مَديَنَة التعليم. لقد ذكر الدكتور طه حسين فى كتابه أن التعليم يجب أن يكون مدنيا حتى نهاية المرحلة الثانوية فتلك هى مرحلة التأسيس، وكما أن الشجرة لاتتمدد فروعها إلا بعدما تتوغل جذورها فى باطن الأرض كذلك فإن الخيارات التعليمية لا ينبغى لها أن تتعدد إلا بعد وضع حجر الأساس للمواطنة، بمعنى أنه إذا أراد البعض الاتجاه للتعليم الدينى فليكن ذلك فى المرحلة الجامعية لا قبلها. وقاد النقاش فى الاتجاه ذاته كل من الدكتور جابر عصفور والدكتور صلاح فضل، فأوضح الأول أن إرساء أسس التعليم المدنى فى الطفولة والصبا أمر ضرورى لبناء الدولة المصرية الوطنية الديمقراطية الحديثة، وحذّر الثانى من تغول التعليم الدينى على التعليم المدنى مدللا على ذلك بانتشار المعاهد الدينية فى كل ربوع مصر ــ وهو ما لاحظته أيضا الدكتورة درية شرف الدين ــ واعتبر أن هذا التوغل من تداعيات طغيان الثقافة الدينية على ما عداها من أبواب الثقافة الأخرى، داعيا إلى التوازن فيما بينها. وطوّر الدكتور محمد المخزنجى فكرة التوازن هذه بالدعوة إلى ثقافة ثالثة تمزج بين العلوم والإنسانيات بحسبان أن العالم تجاوز الثنائيات، لكن الدكتورة هالة فؤاد رأت أن الحاجة للاهتمام بالإنسانيات أوجب فى ظل تراجع الإقبال على دراستها عموما وعلى دراسة الفلسفة خصوصا فى جامعاتنا، وردت على دعوة البعض للاستفادة من التراث الصوفى فى مواجهة التطرف بأن هذا التراث يتضمن قيما إنسانية بديعة لكنه يؤجل قيام الدولة المدنية، وتقاطعت فكرتها من هذه الزاوية مع فكرة الأستاذة ماجدة الجندى حول عدم الاتساق بين المطالبة بالدولة المدنية واستلهام الشرعية من المصادر الدينية.

القضية الثالثة تدور حول السؤال التالي: هل تحتاج مصر إلى عقد اجتماعى جديد بين مثقفيها؟ بدا السؤال مهما لسببين، أحدهما أن هناك حالة من الاستقطاب الداخلى على عدة صعد من أهمها الصعيد الثقافى، والآخر أنه استعدادا للقمة الثقافية العربية من المستحسن بلورة رؤية وطنية مصرية تمثل جزءا من مساهمة مصر فى القمة. ولقد بادر الدكتور أسامة الأزهرى بعرض اقتراح العقد الاجتماعى الجديد تحت رعاية مؤسسة الأزهر الشريف، وهى فكرة وجيهة ولها أساس سابق من خلال وثيقة الأزهر التى تشارك فى وضعها أزهريون وغير أزهريين، فلماذا إذن لا تكون هذه الوثيقة هى العقد الجديد الذى يدعو إليه الدكتور أسامة كى لا نعود إلى المربع الأول؟

كان الحوار حول الثقافة فى رحاب مكتبة الإسكندرية غنيا سخيا واسعا متنوعا ومُشّرعا أبواب المزيد من النقاش على مصراعيها، وكأنما الطبيعة راقتها أجواء النقاش واستحسنتها فإذا بها تُشمس وتصفو وتنفرج فتتبدى عروس المتوسط جميلة كعادتها أو لعلها حتى أجمل من المعتاد.

نقلا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث عن الثقافة فى مكتبة الإسكندرية حديث عن الثقافة فى مكتبة الإسكندرية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon