توقيت القاهرة المحلي 12:17:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

واتسع الخرق الإيرانى

  مصر اليوم -

واتسع الخرق الإيرانى

بقلم - نيفين مسعد

من يتابع تطور الأحداث على الساحة الإيرانية على مدى ما يقرب من عام يجد أن المثل العربى القائل: اتسع الخرق على الراتق, ينطبق تماما على تلك التطورات. فمن المظاهرات الشعبية الغاضبة التى شارك فيها البازار, ومشاركته نادرة الحدوث, احتجاجا على تدهور قيمة الريال الإيراني، إلى توالى الهجمات التى يقوم بها متمردو الحزب الديمقراطى الكردستانى الإيرانى انطلاقا من الأراضى العراقية، إلى تصاعد تحريض جماعة مجاهدى خلق ضد النظام الإيرانى ودعوتها المواطنين الإيرانيين لإطاحته ، إلى قيام تنظيم داعش بتنفيذ بعض العمليات فى الداخل الإيرانى ، وصولا إلى الهجوم الذى نظمه مسلحو عرب الأحواز الأسبوع الماضي. ولا تتميز أعمال العنف المختلفة هذه بتعدد أسبابها فحسب، لكنها تتميز أيضا بالاختيار النوعى لأهدافها، كأن يستهدف تنظيم داعش مقر مجلس الشورى الإسلامى وضريح الإمام الخميني، أو كأن تستهدف المقاومة الأحوازية المسلحة عرضا عسكريا أقيم فى ذكرى الحرب العراقية -الإيرانية فتقتل وتصيب أعدادا كبيرة من رجال الحرس الثورى درة القوات المسلحة الإيرانية. والرسالة المقصود تبليغها فى كل الأحوال هى أن أذرع المعارضة الإيرانية طويلة وقادرة على إصابة أهداف حيوية ومهمة فى العمق الإيراني، هذا من جهة. ومن جهة أخرى يلفت النظر فى بعض أعمال العنف السابقة أنها مورست من طرف اثنتين من القوميات الإيرانية هما: القومية الكردية والقومية العربية، وفى أعوام سابقة كان للقومية البلوشية نصيبها من العنف، وهذا يعنى أن التنوع العرقى الذى يميز إيران أصبح مصدرا مهما من مصادر تهديد الاستقرار السياسي، وأنه مالم يتدارك النظام الإيرانى الأمر ويحسن إدارة تنوعه الديموجرافى فإن الأمور قد تتطور إلى ما لا تُحمد عقباه. وحتى تكتمل صورة هذه التهديدات الداخلية من المهم وضعها فى سياق أوسع هو السياق الإقليمي، وهنا فإن الاستهداف الاسرائيلى المباشر لمصالح إيرانية (مواقع عسكرية ومستشارين..إلخ) فى سوريا يزيد من خطورة الموقف.

يجب على إيران ألا تستهين بهذه المؤشرات التى تنم عن تزايد الغضب الداخلى على سياساتها، ولا أن تستسلم لإغراء اتهام الخارج بتدبير هذه القلاقل لزلزلة الأرض تحت أقدام النظام، فالخارج يتدخل (هذا صحيح) كما كانت إيران سبًاقة للتدخل فى شئون جيرانها وتحريك أعمال العنف على أراضيهم، ولا ننسى فى هذا المقام أن إيران هى التى ابتدعت مصطلحات تصدير الثورة ونصرة المستضعفين والحكومة الإسلامية العالمية وما شابه، فأن تتهم إيران اليوم الخارج بالتدخل فى شئونها فهذه بضاعتها رُدّت إليها. الخارج إذن يتدخل، لكن الداخل لديه ما يبرر به انزلاقه للعنف. وفيما يخص عرب الأحواز تحديدا الذين يأتى هذا المقال بمناسبة هجومهم الأخير فإنهم لمن لا يعرف كانوا مؤيدين للثورة الإيرانية فى البداية، وعبروا عن هذا التأييد بأشكال مختلفة أبرزها مشاركتهم فى إضرابات عمال النفط بهدف الضغط على نظام الشاه وإنجاح الثورة. إضراب عمال النفط الأحوازيين بالذات له أهمية خاصة، لماذا؟ لأن فى محافظة عربستان أو خوزستان (التى تضم مدينة الأحواز) يوجد أكبر حقول النفط الإيرانية وأضخم مصافى تكريره, وبالتالى فإن إضراب عمال النفط يوجع ويؤثر. لكن هذا التأييد لم يلبث أن تراجع بعد شهور قليلة من نجاح الثورة، وخرجت مظاهرة أحوازية فى مايو 1979 احتجاجا على تعيين حاكم للمحافظة من غير أبناء الأقلية العربية، وفى هذه المظاهرة رفع المحتجون مطلب الحكم الذاتى كما طالبوا بإعادة الاسم القديم للمحافظة وهو عربستان، وتم قمع المظاهرة بالعنف. لاحقا أخذت تتدحرج كرة الثلج ويتصاعد التوتر بين النظام والأحوازيين وصولا إلى تكوين حركة مسلحة هاجمت العديد من الأهداف المدنية والعسكرية على مدار السنوات القليلة الماضية. ومن المصادفات أنه فيما كان يجهز أربعة من الأحوازيين لتفجير العرض العسكرى فى 22سبتمبر الجاري، كان رئيس المنظمة الأحوازية لحقوق الإنسان السيد حكيم الكعبى يتحدث يوم 21 سبتمبر عن انتهاكات حقوق الأحوازيين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وجرى ذلك فى جلسة عن حقوق الأقليات العربية تم عقدها على هامش الدورة رقم 39 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

أختم هذا المقال بثلاث ملاحظات سريعة، الأولى أن وجود نظام فيدرالى فى العراق والتطور المتوقع إلى الشكل الفيدرالى فى سوريا هو عامل حافز للأحوازيين والأكراد والبلوش... إلخ على المطالبة بدرجة ما من الاستقلال عن المركز، وتجاهل هذه المطالبة يشجع على رفع سقف المطالبات والعنف أيضا، وعليه فإن ملف القوميات فى إيران يحتاج لحكمة فى التعامل معه. الثانية أنه ليس من مصلحة أحد اللعب بورقة الأقليات فى ايران، فلهذه الأقليات امتداداتها فى دول الجوار، وإشعال النزعات الانفصالية سيؤذى الجميع بدون استثناء. والثالثة أنه لا إيران سترد ردا متهورا على من تتهمهم بالتدخل فى شئونها مهما هددت وتوعدت لأنها تعلم جيدا بالعاقبة وستكتفى (فى رأيي) بتسخين بؤر نفوذها ومنها اليمن، ولا النظام الإيرانى سينهار الآن كما يقول بعض المحللين لأن داعمى هذا النظام أكثر من معارضيه وإن كانت الثقوب فى جسده آخذة فى الانتشار والتوسع.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واتسع الخرق الإيرانى واتسع الخرق الإيرانى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon